الحرب الإلكترونية: ( تهديدات وتحديات في عصر التكنولوجيا الرقمية على الامن القومي والمجتمعي )

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-10-16 20:01:46

تعتبر الحرب الإلكترونية واحدة من أكثر التحديات التي تواجه العالم في عصر التكنولوجيا الرقمية. إنها تمثل مجموعة من الأنشطة والهجمات التي تستخدم التقنيات الإلكترونية والمعلوماتية للقيام بأعمال تخريب أو تجسس أو تعطيل أنظمة الكمبيوتر والشبكات. تتضمن الحرب الإلكترونية الهجمات على مواقع الويب، واختراق قواعد البيانات، وسرقة المعلومات السرية، وتعطيل البنية التحتية للإنترنت، والعديد من الأنشطة الأخرى التي تستهدف الأمن السيبراني.

لقد شكلت الحرب الإلكترونية تهديدًا كبيرًا على الأمن القومي للدول وتؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للأفراد والمؤسسات. إذا لم تتم مواجهة هذا التهديد بجدية، فإنه يمكن أن يسفر عن أضرار هائلة وخسائر اقتصادية وسياسية كبيرة.

يشير مفهوم الحرب الإلكترونية إلى استخدام التقنيات الإلكترونية والمعلوماتية في تنفيذ أعمال عسكرية أو استخباراتية أو تخريبية. يشمل ذلك الهجمات عبر الإنترنت والاختراقات السيبرانية والتجسس الإلكتروني والتعديل غير المصرح به على البيانات . يُعتبر الأمن القومي أحد أهم الجوانب التي تتأثر بها  فهي تهدد :-

  1. البنية التحتية الحيوية: تستهدف الهجمات الإلكترونية عادة البنية التحتية الحيوية للدولة مثل الشبكات الكهربائية والمياه والصرف الصحي. تعرض هذه الهجمات الأمن القومي للخطر من خلال تعطيل الخدمات الأساسية وتقويض القدرة على التحكم في الموارد الحيوية.
  2. تجسس وسرقة المعلومات: يستخدم العديد من الأعداء الدوليين والجماعات الإرهابية الهجمات الإلكترونية لسرقة المعلومات السرية والعسكرية. هذا يمكن أن يؤدي إلى فقدان تفوق استخباراتي واستراتيجي ويعرض الأمن القومي للخطر.
  3. التأثير على العمليات العسكرية: يمكن استخدام الحرب الإلكترونية لتعطيل أنظمة القيادة والتحكم والتواصل للقوات المسلحة. هذا يمكن أن يقلل من كفاءة العمليات العسكرية ويجعل الدفاع عن الأمن القومي أكثر تعقيدًا.
  4. زيادة التوترات الدولية: يمكن أن تتسبب الهجمات السيبرانية في زيادة التوترات بين الدول وتصعيد النزاعات الدولية. يمكن أن تؤدي هذه التوترات إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية وزيادة احتمال نشوب نزاعات عسكرية.
  5. تداول المعلومات والتضليل: يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني لنشر الأخبار المزيفة والتضليل الإلكتروني كوسيلة للنفوذ في المجتمعات الهشه.
  6. التهديدات للقطاع الخاص: تواجه الشركات والمؤسسات التهديدات سيبرانية مستمرة من هجمات الاختراق وسرقة البيانات والابتزاز الإلكتروني.
  7. التحديات التكنولوجية والقانونية: تتطلب مكافحة الحرب الإلكترونية تقنيات متقدمة لاكتشاف ومنع الهجمات، بالإضافة إلى تطوير تشريعات واتفاقيات دولية لتنظيم السلوك في الفضاء السيبراني.

اما مخاطرها على المجتمع فأنها تعد من أخطر التهديدات التي تواجه المجتمعات  بعصر التكنولوجيا الرقمية. والتي يمكن أن تنجم عنها :

  1. تعريض البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة: يمكن للهجمات الإلكترونية أن تتسبب في سرقة المعلومات الشخصية والمالية للأفراد والمؤسسات. هذا يمكن أن يؤدي إلى انتهاك خصوصية الأفراد وسرقة هويتهم.
  2. التضليل والمعلومات المضللة: يُستخدم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات المضللة والأخبار الزائفة. يمكن أن تؤدي هذه الهجمات إلى تشويش الرأي العام وتأثيره في القرارات السياسية والاجتماعية.
  3. تأثير على القطاع الصحي: في حالة الحرب الإلكترونية، يمكن استهداف مؤسسات الرعاية الصحية والمستشفيات بالهجمات السيبرانية. هذا يمكن أن يعرض حياة المرضى للخطر ويقلل من القدرة على التصدي للأوبئة والكوارث الطبيعية.مع تعطيل الخدمات الأساسية وتأثيرها على  سلامة ورفاهية المجتمع .
  4. زيادة التوترات الاجتماعية والسياسية: يمكن أن تزيد الحرب الإلكترونية من التوترات الاجتماعية والسياسية بين الأمم والمجتمعات. يمكن أن تؤدي التهديدات والهجمات السيبرانية إلى تفاقم الصراعات وتقويض استقرار المناطق.
  5. تأثير على القطاع الاقتصادي: يمكن أن تتسبب الهجمات السيبرانية في تكبد الشركات خسائر مالية هائلة وفقدان فرص العمل. هذا يمكن أن يؤثر على استقرار الاقتصاد يضر بالأمن القومي من جهه و تحديات اقتصادية للمجتمعات من جهه اخرى .

تجبر تلك المخاطر المجتمعات على تحسين جهوزيتها لمواجهة الهجمات الإلكترونية من خلال تطوير سياسات وإجراءات أمان سيبراني متقدمة ومتطور. كما تتطل ايضا تطوير سياسات واستراتيجيات فعالة لحماية الأنظمة والمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات.

من أجل مواجهة هذه التحديات، تحتاج الدول إلى تعزيز قدراتها السيبرانية وتعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني. يجب أيضًا تعزيز الوعي بين الأفراد والمؤسسات حول خطورة الهجمات الإلكترونية ومن المهم أن نكون على استعدادًا مستمرًا وعمليًا لمواجهة هذا التهديد المتطور من أجل وتطوير استراتيجيات فعّالة لحماية الأمان السيبراني والمعلومات الحساسة. وبالتزامن مع ذلك، يتعين على الأفراد أيضًا أن يتعلموا كيفية الحفاظ على سلامتهم الإلكترونية وتأمين أجهزتهم ومعلوماتهم الشخصية في الفضاء السيبراني

لقد اصبحت الحروب الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من التحديات وتهديدات على الأمن القومي للدول إن تطور التكنولوجيا الرقمية والإنترنت قد أعطى قوة هائلة للأطراف المعادية لاختراق الأنظمة والمعلومات الحساسة. وأن ندرك أن الأمن السيبراني ليس مسؤولية الجهات الحكومية فقط، بل يتوقف أيضًا على توعية الأفراد والشركات والمؤسسات بأهمية حماية بياناتهم وأنظمتهم. ويجب أن تكون هناك استراتيجيات واضحة للدول والمنظمات لمواجهة التهديدات السيبرانية وتعزيز الأمن الإلكتروني. ، لمواجهة هذا التهديدات الخطره التي تؤثر على مختلف جوانب الحياة المجتمعية والسياسية والاقتصادية.

في النهاية، يجب أن ندرك أن الحرب الإلكترونية هي تحدي متجدد ومستمر يتطلب استمرار البحث والتطوير في مجال السيبرانيات. إن تحقيق الأمان السيبراني هو أمر ضروري للحفاظ على الأمن القومي والاستقرار العالمي في عصرنا الرقمي .

 

                                                                                                       اللواء الركن الدكتور

                                                                                                    خالد عبد الغفار البياتي

                                                                                                 قسم دراسات الازمات والمخاطر