المحركات النفسية لخطاب الكراهية

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-10-01 15:34:00

 الباحث أحمد مزاحم هادي

مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية

التطرف، والكراهية، والعنف، والتعصب، والكثير من المصطلحات المرادفة التي ترد في الاذهان توحي لفعل قبيح غير مرحب به، ولكن من وجهة نظر الفاعل ينظر له على أنه  فعل عادل وأخلاقي، بينما ينظر له آخرون بالضد، تبعا للقيم السائدة وسياسات وأخلاقيات المراقب وعلاقته بالفاعل، الذي يترجم المفهوم الى سلوك يهدف الى تحقيق اهداف سلبية تشبع رغباته او تعالج امراض نفسية تدور في خلجاته.

 يستند خطاب الكراهية على التحريض على العنف، والتمييز، والعداء، والتحيز ضد الفئات المستهدفة، ويمكن أن يؤدي خطاب الكراهية إلى تفاقم الانقسامات الموجودة بين المجتمعات وتعزيز العنف  والتمييز ضد البعض، مما يؤدي إلى حدوث صراعات داخل المجتمع الواحد.

وتكمن خطورة هذا السلوك ليس في الخطاب المباشر المعلن ولكن في الخطاب الغير مباشر، وخطاب الكراهية غير المباشر سائد في كثير من الدول والمجتمعات المختلفة ولا يقتصر على الدول المتقدمة او الدول النامية على حد السواء.

فمن حق كل فرد ان يطالب ويأخذ حقه تحت ذريعة المطالبة بالحقوق، ولكن ليس من حقك أن تأخذ بالشكل الذي تراه أنت عدلًا،هذا هو التعسف في استعمال الحق وأن الرؤية العدائية المكرسة في المجتمع تنتج تكارهاً يمح عن الآخرين إنسانيتهم ببساطة، ويسبب لهم الاحباط والشعور بالتوتر.  

هناك عدة عوامل رئيسية تقف وراء المحركات الفكرية للتطرف منها الشعور بالخوف وعدم الامان والقلق المستمر من المستقبل المجهول، وكذلك الشعور والتحسس من الفوارق الاجتماعية، بالاضافة الى التاثير الاعلامي اذ يعد المحرك الفعال في تاجيج الخطاب، ويرفد المجتمع بالهوية الثانوية ويعزز من الانقسام وزيادة الكراهية، ويؤدي التطرف الديني الى تجاهل القيم والمثل بشكل سلبي.

وللتطرف تأثير في المجتمع اذ يعد من الظواهر التي تفتك بالمجتمعات وتقتل روح التسامح، وتسبب الخروج عن القيم والافكار والسلوكيات الايجابية، وفي المقابل تبني قيم ومعايير سلبية دخيلة على المجتمع، اذ يستمد التطرف قوته من نوعية الافكار السلبية، ومايقترن بذلك من اقصاء الاخر وتهميشه، ويقترن التطرف في الغالب  بالعنف والاضطرابات للتعبير عن افكار لمن يقوم به وقد يصل لاستخدام الارهاب.

وبالتالي سوف نساق الى إضعاف الهوية الوطنية إذ تعد الهوية عنصراً مهما في تماسك المجتمعات واستقرارهم الاجتماعي والامني و تزيد من تقوية اوصرهم من خلال شعورهم بالانتماء او الانسحاب، وكذلك لايقتصر فقط على الهوية الوطنية بل على الهوية الاجتماعية وهي جزء من شخصيتنا وهويتنا الفردية. وتشمل الهوية الاجتماعية مجموعة من العوامل مثل الثقافة والقيم والمعتقدات التي تربى عليها المجتمع وتشكلت من خلالها علاقات اجتماعية، ومع ذلك يمكن ان يكون للتطرف تأثير كبير على الهوية الاجتماعية، ويمكن ان يهدد الانسجام والتواصل الاجتماعي الذي يكون انعكاس لعدم التواصل وانقطاع الحوار وقطع جسور التفاهمات .

ولمعالجة مثل هكذا افكار، علينا جميعاً المسؤولية في التصدي وتظافر الجهود بدءاً من العائلة الى اماكن العمل وفي جميع مجالات الحياة، وللاعلام الدور الاقوى في بث روح التنوع واعطاء صورة اجمل لجميع مكونات التيارات في المجتمع ولاسيما هؤلاء الذين يتعرضون للتهميش عادة،  كما أن تعزيز التعليم وزيادة الوعي الثقافي والاجتماعي، وتشجيع روح الحوار والتسامح والمشاركة المجتمعية بين مختلف المكونات في جميع مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية لزيادة الوحدة الوطنية والتماسك، وتعزيز المساواة وفرص العيش الكريم لجميع المواطنيين، وتعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي لضمان مستقبل اكثر استدامة وازدهار.

واساس كل شيء في الحياة هو فرض القانون وتأطير الافعال الايجابية قانونياً، وتجريم الافعال التي تذيع الكراهية والاحقاد بالمواد القانونية للحفاظ على وحدة المجتمع وتحقيق السلم الاجتماعي.