النمو العشوائي للمدن واثره في الامن المستدام

التصنيف: دراسات

تاريخ النشر: 2023-08-29 09:35:14

الباحث الدكتور عباس هاشم صحن/مركز التخطيط الحضري الاقليمي/جامعة بغداد

الباحث  الدكتور محمود حسن والي /قسم الدراسات الاجتماعية/مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية/مستشارية الامن القومي

المقدمــة

إن أزمة السكن العشوائي هي أزمة عالمية قبل ان تصبح عراقية ، عانت منها الكثير من دول العالم ، وانتشرت في بعض البلدان بعد الحرب العالمية الثانية ، هذه الأزمة ما تزال قائمة في  العديد من دول العالم الثالث، ولم تصل هذه الدول الى حلول جذرية  لحلها .

هدف الدراسة

1- ان نتعرف عن ماهية السكن العشوائي .

2- ان نطًلع على سياسات  بعض الدول في حل مشكلة السكن العشوائي لغرض الافادة منها

3- نوضًح تأثيراتها  الامنية والاجتماعية على الفرد والمجتمع .

4- نضع التوصيات لمعالجة المشكلة .

المساكن العشوائية

هي تلك الاحياء غير المنتظمة، ولا تحمل الصفة الرسمية، وتتصف بالاكتظاظ السكاني ، كما انها تفتقر الى السلامة اللازمة، وتتدهور فيها الخدمات، وتنتشر في كثير منها الامراض والانحرافات السلوكية ، وتمتد تأثيراتها على البيئة والمجتمع .

وتتصف بأنها لم تمسسها يد المخطط أو أسيء تخطيطها ولا يشترط فيها أن تكون مناطق قديمة ومن الممكن تواجدها في مناطق حديثة العمران إلا أنها سيئة التخطيط .

ظاهرة السكن العشوائي

أصبحت ظاهرة السكن العشوائي واحدة من أبرز المشكلات التي تعاني منها معظم المدن في الوقت الحاضر ، وقد بات حل هذه المشكلة المعقدة يصعب يوماً بعد أخر ، مما تسبب في خلق معوقات جادة أمام عملية التنمية ، فهذه المشكلة أكبر مصادر الخطر على حياة المدينة من النواحي البيئية و الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والعمرانية والثقافية ، وقد

أتخذت بعض الدول طرائقاً وبرامج مختلفة في التعامل مع هذه الظاهرة معتمدة على النظام الاقتصادي والإمكانيات المادية لكل دولة .

تصنيف منظمة الهابيتات للسكن العشوائي

1- المستوطنات غير الرسمية Informal Settlements.

2- المستوطنات ذات الدخل الواطئ Low-Income Settlements .

3- المستوطنات شبه الدائمة Semi-Permanents Settlements.

4- مدن الأكواخ  Shanty Town.

5- المستوطنات التلقائية Spontaneous Settlements 

6- المستوطنات غير المخولة Unauthorized Settlements.

7- المستوطنات غير المخططة Unplanned Settlements  .

8- المستوطنات غير المسيطر عليها Uncontrolled Settlements  .

9- البناء غير القانوني illegal buildings

                  جدول يوضح تصنيف المناطق السكنية لمدينة بغداد حسب نظام الطرق والابنية

 

(المصدر/وزارة الاعمار والاسكان والبلديات 7/20)

مراحل السكن العشوائي في العراق بالاعتماد على الفترات الزمنية

المرحلة الأولى : والتي بدأت عام 1936 بعد الهجرات الكبيرة من الريف الى المدن

المرحلة الثانية : والمحددة بين عام 1958 وحتى عام 1961 .

المرحلة الثالثة : وهي التي ظهرت خلال الحرب العراقية الايرانية 1980 .

المرحلة الرابعة: مرحلة الحصار الاقتصادي  الدولي على العراق منذ سنة 1991 .

المرحلة الخامسة : بعد سقوط النظام السابق ودخول القوات الأميركية 2003.

أسباب ظهور الأحياء العشوائية في العالم

1- ارتفاع معدلات النمو السكاني .

2- النمو الحضري السريع .

3-  الهجرة بنوعيها ( القسرية والطوعية ) .

4- النزاعات والحروب والأزمات السياسية .

5- الكوارث الطبيعية  .

6- الفقر .

7- اسباب آخرى

    مثال/الاحداث السياسية والامنية وانشغال الدولة بالامور الاساسية والمخاطر الخارجية التي تهدد البلد اضافة الى ضعف تطبيق الاجراءات الامنية تجاه المتجاوزين على املاك وعقارات الدولة

جدول يبين عدد المواقع والمساحة الكلية (دونم) للسكن العشوائي في مدينة بغداد لسنة 2015

(المصدر/دائرة التخطيط العمراني/امانة بغداد(6/20)

عوامل خطورة العشوائيات :-

تكمن خطورة العشوائيات في العراق بالأتي :-

  1.  إن هذه البيئات غير مقبولة اجتماعياً وينقصها الكثير من القيم المعمارية والتخطيطية والخدمية السليمة .
  2.  سرعة نمو وكبر حجم هذه الأحياء .
  3. تأثيراتها الاجتماعية والامنية ( الانحراف - الجريمة ) في المدينة .

 4. تشويه معالم المدينة الحضرية . ( تشويه بصري – تلوث ضجيجي – ثلوث صحي وبيئي )

التداعيات الآمنية للمناطق العشوائية في العراق

1- صعوبة السيطرة على المناطق العشوائية وعدم توفر أجهزة الضبط الاجتماعي في كثير منها جعل منها بؤرا للجريمة وزيادة معدلاتها .

2- عدم وجود خرائط مسحية مفصلة للمناطق العشوائية، وصعوبة معرفة التاريخ الاجرامي لسكان العشوائيات زاد من خطورتها الآمنية على المجتمع.

3- إحجام اغلب سكان المناطق العشوائية من اللجوء للقوانين المدنية للدولة وعدم احترامها ، والاستعانة بحل مشاكلهم عرفيا،  ويعد ذلك ظاهرة جعلت من هذه المناطق خارج نطاق السيطرة الامنية .

4- عدم توفير الخدمات الأمنية في معظم المناطق العشوائية بالصورة التي تتفق مع خطورة تلك الأماكن.

5- معظم المناطق العشوائية يصعب الوصول اليها في الحالات الضرورية ، كمطاردة المجرمين والسيطرة على منافذها

6- بعض هذه المناطق يعتبر الأمن فيها معدوماً بوصفها خارج النطاق الجغرافي للسيطرة الأمنية .

علاقة المدينة العراقية بالعشوائيات :-

  1. تمتاز أغلب مدن العراق بميزة الزيادة السكانية الكبيرة قياساً بالمناطق الريفية التابعة لها ، وهذا ناتج من ارتفاع عدد سكان الحضر وتحديداً في مدن العراق الكبرى كمدينة بغداد
  2. تعتمد أغلب المدن العراقية في زيادتها السكانية على عامل الهجرة أكثر من معدلات الزيادة الطبيعية ( ولادات – وفيات ) ،
  3.  إن الاتجاهات المكانية لمدن العراق في معظمها توجهات أفقية بحته قائمة على أساس التمدد الحضري على حساب الأراضي الزراعية المجاورة لها باستثناء مناطق قليلة من بغداد التي تعتمد  الإسكان العمودي
  4. نتج من خلال هذا التوسع للمدن العراقية العديد من المشكلات الحضرية والجغرافية والاجتماعية المختلفة ، فضلا عن ظهور الاحياء العشوائية .

  الطبقات والفئات الاجتماعية في العراق وعلاقتها بالسكن العشوائي :-

  1. السياسيون .
  2.  كبار التجار ( تجارة الجملة ) .
  3. كبار ملاك الأراضي واصحاب العقارات .
  4.  الصناعيون ( اصحاب المصانع) .
  5.  صغار التجار .
  6. رجال الدين .
  7. الموظفون في المدن .
  8. المثقفون والمتعلمون .
  9.  ذوو المهن واصحاب الاعمال الحرة البسيطة والحرفيون .
  10. الفلاحون .
  11. العمال .
  12. الفقراء والعاطلون عن العمل .

ولكل من هذه الطبقات علاقة مع السكن العشوائي قد تكون قوية او متوسطة أو ضعيفة

يمكن الإشارة إلى عدد من السياسات العالمية التي نُفذت في بعض الدول لحل هذه الآزمة

1_الإزالة وإعادة البناء أو إعادة التوطين ( سياسات الهدم ) :-

تستخدم بعض الدول هذه السياسة في معالجة الأحياء العشوائية ، إذ تقوم بهدم الأحياء العشوائية، وبناء أحياء سكنية جديدة في مناطق خالية حول المدن وإعادة توطين سكان الأحياء العشوائية وتوزيعهم ونقلهم إليها.

2- سياسة التطوير والتحسين :-

 يعتمد نهج بعض الحكومات للنهوض بالأحياء العشوائية على تزويدها بالبنية التحتية والخدمات والمرافق العامة ( الكهرباء ، المياه ، الصرف الصحي ، إدارة النفايات الصلبة ، رصف الطرقات ، التخطيط والتنظيم وبناء المدارس والمتاجر والأسواق ) .

3-سياسة المساعدة المالية والتقنية:-

 يربط العديد من البلدان بشكل متزايد استراتيجيات التحسين المادي للأحياء العشوائية ببرنامج الأئتمان الصغير والسياسات الرامية إلى تسهيل وصول ذوي الدخل المتدني إلى التمويل اليسير بهدف رفع مستوى الإسكان.

سياسات واستراتيجيات التعامل مع الأحياء العشوائية في العالم العربي

  في الدول العربية على الرغم من الوحدة الثقافية الناتجة عن الاشتراك في اللغة والتأريخ والقيم الثقافية والعادات والتقاليد وانتشار مستويات التحضر والتطور العالية نسبياً . إلا أن سياسات الدول العربية تجاه العشوائيات تختلف بعضها عن بعض من حيث الأسس الاقتصادية والحضرية التي بنيت عليها تطورات التعامل مع هذه الظاهرة .وتختلف هذه السياسات أيضاً باختلاف هذه الأحياء خاصةً من ناحية موقعها وكثافتها السكانية وتأريخها ونوعية بنائها .

وغالباً ما كانت هذه السياسات والبرامج تحدد على وفق عاملين هما :-

أ_ طبيعة النظم الاقتصادية والسياسية والمؤسساتية والسياسات الإسكانية للحكومات .

ب_ حجم الظاهرة وموقعها وعدد العوائل فيها .

                    عرض لتجارب بعض الدول العربية الناجحة في التعامل مع العشوائيات :-

  • تجربة المملكة العربية السعودية:-

اتخذت المملكة العربية السعودية عدة اجراءات ناجحة للحد من هذه الظاهرة فهي :

  1. تنفيذ خط دائري حول كل منطقة عشوائية للحد من امتدادها .
  2.  تنفيذ الإزالة الكلية .
  3.  وضع مشاريع تتناسب مع الإمكانيات الحقيقية للدولة .
  4.  إستكمال التطوير والتثقيف بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .
  5.  الاعتماد الكامل على تمويل الدولة .
  6. تقوية جانب المراقبة .
  • التجربة التونسية

لقد نهجت الحكومة التونسية في معالجتها للسكن العشوائي ثلاثة برامج  ، هي :-

1_ السعي إلى إزالة الأحياء العشوائية والتي نشأت في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي والتي أغلبها أحياء كوخية ، وقد دام هذا البرنامج من سنة 1956 إلى1970.

2_ برنامج التنمية العمرانية الذي استهدف إدماج عدد من الأحياء العشوائية وبتمويل من

قروض خارجية وعمل بهذا البرنامج منذ سنة 1980 حتى 1992 .

3_ برنامج التهذيب الذي يؤكد على تشخيص الحاجات من خلال كشوفات ميدانية منتظمة

والالتزام بمعايير وطنية موحدة في حجم الأحياء وكثافة المساكن والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية الأخرى . وظهر هذا البرنامج سنة 1992 ومازال معمولاً به . ( )

الحلول المتخذة في التجربة التونسية :-

اتخذت الحكومة التونسية عدة استراتيجيات لمواجهة ظاهرة السكن العشوائي ، منها :-

1_ وقف التزايد السكاني .

2_ توفير فرص العمل .

3_ إقامة الوحدة السكنية الجديدة والمنخفضة الكلفة .

4_ تخفيف الهجرة إلى المدن .

ج- التجربة الاردنية :

كانت تجربة المملكة الأردنية الهاشمية في معالجة ظاهرة السكن العشوائي من التجارب الناجحة في العالم العربي والتي عالجت العديد من الأحياء العشوائية وقدمت الخدمات لذوي الدخول الفقيرة .
 ويعزى نجاح هذه التجربة في الأردن إلى :-

أ_ الدعم السياسي على مستوى الوزارات .

ب_ الفهم الشامل والمتكامل لظاهرة السكن العشوائي سواءً من القياداة السياسية المركزية

أو من عامة أفراد المجتمع .

ج _ التعاون الكبير بين القطاعين العام والخاص .

د_ إشراك السكان في أغلب مشاريع المعالجة والتعرف على مشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية من خلال الدراسات الميدانية والاستمارات الاستبيانية .

ه_ تقديم القروض الميسرة لذوي الدخل المحدود وبفائدة قليلة جداً لا تتجاوز 7% على مدى 15 سنة .

توصيات في المعالجات والحلول

ولغرض تمكين العراق وفق استراتيجية واضحة لحل هذه الأزمة يوصي الباحثان بالآتي :-

1-الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بطرق التشييد والبناء والحفاظ على البيئة من خلال معالجة ظاهرة التجاوز على الاراضي الزراعية .

2-عدم السماح بتغيير جنس الارض الزراعية والالتزام بالقوانين والتشريعات السابقة التي تؤيد ذلك.

3- الأفادة من تجارب الدول الاقليمية في المعالجات الناجعة لحل هذه الأزمة .

4-العمل على تأسيس شرطة مجتمعية مخصصة لحماية أراضي الدولة من التجاوزات والحد من تنامي الأحياء العشوائية

5- سن القوانين الرادعة للحد من التجاوزات على الاراضي الزراعية و المناطق الخضراء .

6-الاهتمام بتثقيف المواطن وتمكينه من فهم الاضرار البيئية والامنية والاجتماعية والاقتصادية على  الفرد والمجتمع جراء عدم الالتزام بالقوانين الخاصة بالبناء .

7-التأكيد على دور الدولة في دعم الأسر والعوائل المتضررة ، التي تمر بأحوال اقتصادية صعبة ، وتوفير العيش الكريم لهم .

8-إطلاق القروض الميسرة للمواطنين ذو الدخول المحدودة ، وتوزيع الأراضي السكنيه عليهم بأسعار مخفضة تتناسب والدخل القومي للمواطن العراقي ، والعمل على تخفيض مقدمات الوحدات السكنية ، وفوائد قروض الأسكان ، وزيادة مدة الاقتراض من دون زيادة الفائدة ، قرض (150) مليون لشراء وحدة سكنية وقرض الاسكان (الحكومات ماضية في مبادرة السكن).

9-اعادة ترحيل المهاجرين الريفيين الى مناطقهم  (الهجرة المعاكسة ) من خلال انشاء مشاريع زراعية نموذجية وتفعيل الدعم والتمويل للقطاع الزراعي (القانون سمح بالتنقل داخل العراق)

10- توزيع وحدات سكنية بضوابط وشروط تخدم أولويات من لا يملك سكن  وخاصةُ الموظفين، وبمواصفات تتناسب وعدد أفراد العائلة

11-تنفيذ مشروعات سكنية وتوزيعها لموظفي الدولة ، وبأسعار تتناسب مع رواتبهم ، مما يساعد على خفض أسعار سوق السكن ، وانتفاع هذه الشريحة وتحسين أحوالهم المعيشية .

12-دعم سوق السكن الاقتصادي ، وتشجيع المشروعات الإسكانية التعاونية ، وزيادة المعروض من الوحدات السكنية.

13- يوصي الباحث بتبني سياسة الإزالة وتعويض المتضررين وذلك لكون سياسة التطوير مكلفة قد تتعدى كلفتها بناء وحدات سكنية جديدة ، فضلا عن تأثيراتها السلبية في المدينة كالتشويه البصري وتأثيراتها على البنى التحتية خطة تبنتها الحكومة الحالية من خلال توجيه المحافظين.

المصادر

  1. المركز  الديموجرافي بالقاهرة ، الاحياء العشوائية رؤية وصفية تحليلية ، اوراق في الديموغرافية ، مكتبة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مصر ، 2003.
  2. أمانة بغداد ،كراس احصائية أمانة بغداد للمناطق العشوائية ،العراق، بغداد ، 2015 .
  3. باسم رؤوف الانصاري , التقييم الاجتماعي والاقتصادي للبيئة الحضرية في المستوطنات اللاقانونية بمنطقة بغداد , وزارة الاسكان, الهيئة العامة للاسكان، العراق, بغداد , 1998.
  4. برنار جوانوتييه ، تعريب  المعهد العربي لانماء المدن ، ظاهرة السكن العشوائي في بلدان العالم الثالث ، القاهرة، مصر، 2014 .
  5. برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ، الأمم المتحدة، مجلد2 ، مصر، 2009.
  6. رياض الجميلي ، التوسع العشوائي لمدن العراق ومشكلاته الحضرية، 

       الموقع الكتروني http://www.alhadhariya.net

  1. عدنان مكي البدراوي , ظاهرة سكن الصرائف حول بغداد , دراسة اجتماعية اقتصادية عراقية , مركز التخطيط الحضري والاقليمي ,العراق,  بغداد , 1995 .
  2.   - فتحي حسين عامر ، العشوائيات والاعلام في الوطن العربي ، دار الكتب المصرية  ،ط2، القاهرة ، مصر، 2011
  3. لؤي طه الملا حويش ، حق السكن اللائق وواقع الحال ، دراسة تحليلية مقمدة الى المؤتمر الرابع لمعهد التخطيط الحضري والأقليمي، العراق، بغداد 2005.

10- مالك محمد المومني ، أحياء السكن العشوائي في الاردن ، بحث مقدم الى المؤتمر المعماري الثالث ، الجامعة الاردنية ، 2000 .

11-محمود جاد ، التضخم الحضري في البلاد النامية ، دار العالم ، القاهرة ، 1993.