العوامل الاجتماعية ودورها في تغذية الفكر المتطرف لدى الشباب

التصنيف: دراسات

تاريخ النشر: 2023-08-28 20:11:34

الباحث احمد مزاحم هادي

 قسم دراسات التطرف العنيف

المقدمة

يمثل الشباب حاضر الامة ومستقبلها ورجالها الذين يقع على عاتقهم تطوير المجتمع في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية وعلى أيديهم تتحقق اهداف وطموحات الامة، في عالم متطور تسوده تحولات وتحديات سريعة ومتباينة ويعتمد اعتماداً على مايقدم للشباب من رعاية تنمي مهاراتهم القيادية وتدريبهم على صناعة واتخاذ القرار في الوقت المناسب (1)

أن خطورة ظاهرة التطرف الفكري ان من المتورطين فيها من الشباب، الذين يعدون ثروة  المجتمع وامله، وان كان في بعض الاحيان يتسم سلوكهم بالتسرع وعدم التروي والخبرة، والمعروف ان الامراض الاجتماعية ومنها التطرف، مثل الامراض الجسمية، يصيب المرض فيها السليم عن طريق انتقال العدوى، والشباب اكثر فئات المجتمع تعرضا للتقليت والمحاكاة (2)

ويشهد العالم في العصر الحاضر موجة متصاعدة من التحريض على الكراهية رغم الحظر المفروض على هذا النوع من الخطابات، ولكن يبدو أن هذا الحظر لايعدو كونه حضراً نظرياً، وفي ظل انتشار هذا الخطاب وعدم وجود أي رادع للأشخاص أو المؤسسات التي تروج لهذا النوع من الخطاب.(3)

ويٌترجم خطاب الكراهية هو بالتحريض على العنف والتمييز والعداء والتحيز ضد هذه الفئات المستهدفة، ويمكن أن يؤدي خطاب الكراهية إلى تفاقم الانقسامات الموجودة بين المجتمعات وتعزيز العنف  والتمييز ضد بعض الفئات، ومن ثم يؤدي إلى حدوث صراعات داخل المجتمع الواحد.

  وتكمن مشكلة البحث في معرفة أثار الفكر المتطرف يستدعي أولاً معرفة الأسباب والعوامل الدافعة نحو الفكر المتطرف وتنوع سبل استنبات تلك العوامل وهنا تثار إشكالية تحديد وحصر تلك العوامل والأسباب الدافعة نحو التطرف، ومن ثم البحث عن السبل المساعدة.

بطبيعة النفس البشرية الساعية الى تحقيق غاياتها المتزايدة وفق الحاجات الضرورية للوصول للكمال والقبول الاجتماعي، والتمايز بين اقرانها، حيث يسعى الشباب في مرحلة المراهقة المبكرة لتكوين علاقات اجتماعية مع الاصدقاء وكذلك القيام بالدور الاجتماعي معهم، ويتميز الشباب في هذه المرحلة بسرعة الانصياع ويتجنب الممانعة وكسب القبول الاجتماعي، فضلاً عن تأثرهم بالسلوك الجمعي بدافع أفتراض أن الاخرين يعرفون اكثر منهم, حيث تتجاذب في هذه المرحلة العمرية  الاهواء والاراء والمعتقدات التي تلاقي هوى في نفسه وتدفعه لتاكيد ذاته في سلوك استقلالي عن الاخرين،  وللظروف السياسية والاجتماعية التي تحيط بالفرد تاثير مباشر تجعل من الفرد في ظروف مهياة للانضمام لجماعات تحمل افكار متطرفة او سلبية،  ويكون لها وقع بالغ الاهمية في سلوكه العام الظاهر، وقد يكون هذا السلوك في اللاوعي، وينعكس هذا السلوك في الاعلام للتعبير عن وجهات النظر التي يتبناها، اما اهمية الدراسة ركزت على إن الفكر المتطرف يثير مشاكل متعددة من بينها انتهاك حقوق الانسان، كالتهجير، والاعتداء، والعنف، وغيرها، إذ تعد هذه الافعال اعتداءً على حق الإنسان في الحياة وسلامة جسده وحقه في العيش بحرية وكرامة وأمان.

   ان اتساع المساحة التي يستهدفها الفكر المتطرف وافعاله  وتعدد أطرافها وتنوع ضحاياه وامتدادها ضد النظام العام العالمي، من توسيع مطامعها و تدمير الغير وتعطيل المراكز العلمية والصناعية وانقسام الشعوب يؤشر أهمية ذلك البحث، فالتطرف باعتباره من أهم قضايا العالم اليوم بل المشكلة الأولى التي تتميز بتعدد عوامل مصادره وبتنوع أهدافه من خلال التعرف على دور وسائل الاعلام الاكثر استخداماً بين الشباب مع تحديد مظاهر التطرف الفكري بينهم، ودوافعه وبالتالي إن البحث في هكذا مشكلة ذات صلة بتعدد(العوامل) يستدعي معالجة جذورها.

 

المبحث الأول /تحديد المفاهيم تعريف العوامل الاجتماعية:

تمهيد

 في عالم اليوم الذي تتغلب فيه مصالح الدول على أي معالجة حقيقية لمشكلات العالم هل يمكن ان نوشر وجود اتفاق او اختلاف حول تحديد مفهوم الفكر المتطرف وهل ان غياب هذا الاتفاق يعود في جزء منه إلى اختلاف نظرة كل مجتمع من المجتمعات لمفهوم التطرف وأسباب تلك الظاهرة إضافة إلى اثر المتغيرات السياسية والاقتصادية وتنافر الأيديولوجيات وطبيعة الولادة الناشئة من رحم تلك المتغيرات دورا في ذلك الاختلاف. ولهذا استدعى تحديد المفاهيم لتقسيم البحث الى مطلبين وفق الاتي:

تعريف المصطلاحات

العوامل الاجتماعية: تعرف العوامل الاجتماعية بأنها العوامل التي تحدد نمط الحياة كاملة لمجتمع معين بسبب علاقتها مع جميع العوامل الاخرى التي تحدد مجتمعة، نمط الحياة والبناء الاجتماعي للمجتمعات(4)

الفكر المتطرف: ظاهرة اجتماعية تتأثر وتؤثر في غيرها من ظواهر، مرتبطة إلى حد كبير بالظروف التاريخية والسياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من ظروف يتعرض لها المجتمع.

الاطار النظري

يقول البروفيسور ألامريكي جيفري في هذا الصدد ان الافراد ليس لديهم نفس القدر من الخبرات والتجارب السابقة، فان ظروف حياتهم متباينة، وبالتالي فان المنبه الذي يتعرض له الافراد يوميا يصبح له معاني متباينة، الامر الذي يترتب عليه ظهور انواع مختلفه من التدعيم هذا وقد تطورت هذه النظرية على النحو التالي

1.السلوك المنحرف سلوك متعلم طبقا لاسس الإشراف الإجرائي، الذي يعتمد على أن تعديل السلوك من خلال إثابة نتائجه هو الإجراء المهم في العلاج السلوكي

2.يتم تعليم السلوك المنحرف في كل من المواقف اللا اجتماعية التي تقوم بالتدعيم او التجريم، حيث انه من خلال التفاعل الاجتماعي يتم التدعيم او تجريم سلوك الاخرين.

3.يتم تعلم الجزء الاساسي من السلوك المنحرف في الجماعات التي تشكل المصدر الرئيسي لتدعيم الفرد.  4.ان فئه معينة من السلوك المتعلم وتكرار هذا السلوك هو وظيفة المدعمين، او مترتبا عنه ويشكل وظيفة ونتيجه لاتجاه المعايير والقواعد التعاريف نحو الانحراف او عدم الانحراف التي صاحبت تدعيم ذلك السلوك في الماضي.

5.تتزايد احتمالات ارتكاب الفرد للسلوك المنحرف عندما تكون المقولات والتعاريف والاقوال المعيارية المدعمة للسلوك المنحرف اقوى من تلك المدعمة للسلوك التوافقي.

6.ان قوة السلوك المنحرف ومقداره يعدان نتيجة مباشرة لمقدار تدعيمه وتكراره واحتماله، فاشكال الارتباط بالانماط المنحرفة تعد مهمة ما دامت انها تؤثر في مصدر التدعيم وكميته وجدوله.

ان سلوك الفرد في البيئه ونتائج هذه التاثير في الفرد، في سلوك الفرد يتشكل ويستمر من خلال ما يحقق من نتائج، وبالتالي فان السلوك نتائج من للأحداث الماضية والحالية في حياه الفرد، وان احتمالات الجبر والعقاب تحدد ما اذا كان تكرار اي سلوك او تكرار اي سلوك معين يتزايد او يقل (6)

  1. العوامل المغذية للفكر المتطرف

_العوامل الاقتصادية: قد يلجأ بعض الشباب إلى الفكر المتطرف نتيجة لضيق الحالة المادية أو عدم القدرة على تحقيق طموحاتهم الاقتصادية. قد يرى البعض الأيديولوجيات المتطرفة كسبيل لتحقيق التغيير الاجتماعي أو للانتقام من الظروف الاقتصادية الصعبة.

_العوامل الثقافية والمجتمعية: تلعب العوامل الثقافية والمجتمعية دوراً هاماً في تشكيل الفكر المتطرف لدى الشباب، وقد يكون الشباب عرضة للتأثيرات الثقافية التي تنصب على التمييز والعنصرية أو التفرقة بين الأفراد، ويمكن أن تسهم الأفكار المتطرفة أيضًا في تعزيز الانتماء الاجتماعي والانتماء الثقافي.

_العوامل السياسية: تلعب العوامل السياسية دورًا هامًا في تغذية الفكر المتطرف، حيث يمكن أن تؤدي الأزمات السياسية والصراعات إلى زيادة الاحتقان والاستياء لدى الشباب. قد يرى بعض الشباب في الفكر المتطرف أداة للتعبير عن غضبهم ومطالبهم السياسية.

_العوامل الاجتماعية والعلاقات الشخصية: يمكن أن تلعب العوامل الاجتماعية المتعلقة بالعائلة والأصدقاء والمجتمع دورًا في تغذية الفكر المتطرف. قد يتأثر الشباب بالتأثيرات القوية للأشخاص المقربين منهم ويعتمدون على آرائهم ومعتقداتهم في صياغة وجهات نظرهم.

سائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات: تلعب وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في نشر وتعزيز الفكر المتطرف بين الشباب. يمكن للمحتوى العنيف والتطرف المنتشر عبر هذه الوسائل أن يؤثر على الشباب ويؤدي إلى تشجيعهم على اتباع أفكار متطرفة.

تذكر أن هذه العوامل تتفاعل وتتداخل مع بعضها البعض، وقد يختلف الأثر والوزن النسبي لكل عامل من شخص لآخر. هناك العديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر في تغذية الفكر المتطرف لدى الشباب، ومن المهم توخي الحذر والتفكير النقدي في تحليل هذه القضية المعقدة.

  1. العوامل الاجتماعية التي يمكن أن تلعب دورًا في تغذية الفكر المتطرف لدى الشباب:

التمييز والعدم المساواة: إذا شعر الشباب بالتمييز وعدم المساواة في المجتمع بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية، فقد يتجهون نحو الفكر المتطرف كوسيلة للتعبير عن غضبهم والسعي للتغيير.

الهوية والانتماء: يمكن أن تلعب الهوية الشخصية والانتماء الاجتماعي دورًا في تغذية الفكر المتطرف. عندما يشعر الشباب بالانعزال أو عدم الانتماء إلى مجموعة أو مجتمع، قد يجدون الانتماء في الفكر المتطرف الذي يوفر لهم شعورًا بالهوية والمغزى.

الخلافات الثقافية والدينية: قد تؤدي الخلافات والتوترات الثقافية والدينية إلى تعميق الانقسامات والتوترات بين الشباب، مما يزيد من احتمالية انجذاب بعضهم إلى الفكر المتطرف الذي يعزز هويتهم وقيمهم.

التعليم والوعي: يمكن أن يلعب التعليم الدور الحاسم في منع تطور الفكر المتطرف. إذا لم يتم توفير تعليم جيد وفرص وعي مناسبة، قد يكون الشباب أكثر عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة.

العوامل الأسرية: البيئة الأسرية تأثير كبير على تكوين وجهات نظر الشباب. قد تؤثر الأسرة في تغذية الفكر المتطرف من خلال تحفيز الكراهية أو التمييز أو تقديم نماذج سلبية.

العوامل الإقليمية والعالمية: قد تؤثر الأحداث والصراعات الإقليمية والعالمية في تأجيج الانتماء الشعبوي والفكر المتطرف بين الشباب، حيث يمكن أن تعزز المشاعر القومية المتطرفة أو الصراعات السياسية العنف والتطرف.

اشكال التطرف :

قد ياخذ التطرف اشكالاً متعدده اهمها ما يلي:

  1. التطرف الفكري: ويتمثل في الخروج عن القواعد الفكرية او الثقافية التي يرتضيها المجتمع لاي موقف من المواقف الحياتية
  2. التطرف المظهري: ويقصد به اثارة الرأي العام بالخروج عما هو مالوف لدى العامة من حيث المظهر كارتداء ملابس مخالفة للجمهور او التبرج في الملبس، او الحديث بطريقه تجذب الانتباه
  3.  التطرف الديني: وهو مجاوزت حد الاعتداء في السلوك الديني، فكراً، وعملاً، او الخروج عن مسلك السلف في فهم الدين، وفي العمل، به سواء بالتشدد، او بالتسيب، والتفريط. (6)
  4. التطرف السياسي :هو موقف سياسي يرفض معتنقوه أي فرصة للحوار، كما يرفضون أي تلميح حول وجود قصور أو خطأ في فهمهم، ويذهبون في جدلهم إلى أبعد مدى ممكن.(7)
  5. التطرف الاخلاقي : ويعني الخروج عن الاتزان الأخلاقي إما بالتشدد في تطبيق سلوك أخلاقي معين أو في التخلي تماماً عن تطبيق ذلك السلوك. (8)
  6. التطرف الاجتماعي: هو مفهوم يشير إلى السلوك الذي يتجاوز الحدود المقبولة اجتماعيًا و المغالاة بالإفراط في السلوك والآراء والأفكار المتعصبة.

مقترحات:

1.نشر روح التسامح وقبول الاخر من خلال أقرار مفردات دراسية من اجل مواجهة الكراهية لاسيما في المدارس والكليات .

2.إن يساهم المجتمع المدني وبالتعاون مع وزارة الداخلية في اشاعة التسامح ونبذ الكراهية عن طريق بث رسائل المحبة والسلام في المجتمع .

3.حث القيادات الدينية والثقافية والاجتماعية على المشاركة في مكافحة خطاب الكراهية.

4.تشجيع المجتمع لتغيير المفاهيم السائدة وتعزيز التسامح والتعايش السلمي من خلال وسائل الإعلام السمعي والمرئي والمقروء.

5. دعم وتشجيع الصحافة المستقلة والمنابر الإعلامية التي تنتج محتوى غير مزيف وخالي من الكراهية.

6. تشريع قوانين محلية ودولية بالتعاون مع ممثلية الامم المتحدة تحظروتعاقب على خطاب الكراهية والافعال السيئة .

7. الافادة من التجارب الدولية في مواجهة الكراهية بالاخص في قارة افريقيا.

8.الاهتمام بحقوق الانسان وتقديم المساعدات الانسانية للطبقات والفئات المتضررة.

مصادر:

  1. حجازي،احمد مجدي (٢٠٠١م). الآثار الاجتماعية والثقافية للتغيـرات العالميـةالمعاصرة على قطاعات الشباب في الدول النامية، كلية الآداب، جامعة القاهرة.
  2. .العيسوي، عبد الرحمن(٢٠٠٧م). ظاهرة العنف بين المراهقين، مجلة الفيـصل،عدد(٢٦٧ ،(الرياض، مارس)
  3. اسماعسل عطية،شبل(2022م).حظر التحريض على الكراهية في الشرعية الدولية بين النظرية والتطبيق، العدد السابع والثلاثون ،الجزء الثاني
  4. الحكيم،ناصر بهيان(1998) العوامل الاجتماعية المؤدية للارتكاب الشباب لجرائم السرقة، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الملك سعود، الرياض.
  5. نعيم،سمير(1983) النظرية في علم الاجتماع، دار المعارف، القاهرة.
  6. المنشاوي،عبد الله محمد(2003). جرائم الشبكة العنكبوتية(الانترنت) في المجتمع السعودي،رسالة ماجستير،الرياض،كلية العلوم الامنية.
  7. سعيد عدنان، التطرف وعلاقته بمفهوم الذات لدى طلبة مؤسسات التعليم العالي في محافظة قلقيلية.
  8. http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Mnfsia815/Extremity/sec.doc_cvt.htm