مخاطر المخلفات والمقذوفات الحربية على الامن الانساني

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-08-03 23:21:40

مخاطر المخلفات الحربية والمقذوفات الحربية على الأمن الإنساني هي قضية مهمة تهم المجتمع الدولي والبشرية بشكل عام والعراق بشكل خاص ، هذه المخلفات شكلت تهديدًا للسكان المدنيين والبيئة بعد انتهاء النزاعات العسكرية، وقد يؤدي استخدامها في النزاعات العسكرية بطرق غير قانونية إلى تدمير شامل وتأثيرات طويلة الأمد على البشر والمجتمعات المتضررة وبالتالي فانها تؤثر على الامن القومي.

أدى التأثير الإنساني لانفجارات مناطق المستودعات المهجورة في مناطق العمليات العسكرية  ومستودعات تخزين الذخيرة، لاسيما في المناطق المأهولة بالسكان، إلى وقوع وفيات وإصابات وأضرار بيئية وتشريد وتعطيل سبل العيش ، وايضاً أدت المخلفات والمقذوفات الحربية الى تأجيج النزاعات المسلحة والإرهاب والجريمة المنظمة والعنف، كما ساهمت في (الاستدامة والتمويل) لتصنيع الأجهزة المتفجرة المرتجلة والمصنعة تتسبب بها محليا لبث الرعب بين الافراد والتاثير على الامن المجتمعي

المخاطر الرئيسية التي تخلفها هذه المخلفات

  1. ضحايا المدنيين: تترك المخلفات الحربية والمقذفات الحربية الغير مُنفَّذة بعد انتهاء النزاعات، مثل الألغام والقنابل غير المنفجرة، أثرًا مدمرًا في المناطق المأهولة بالسكان، مما يؤدي إلى حوادث أليمة تُصيب المدنيين، خاصة الأطفال الذين قد يلتقون بتلك المخلفات بالصدفة.
  2. الإعاقة والإصابات: تسبب المخلفات الحربية الغير مُنفَّذة إصابات خطيرة وإعاقات دائمة للأشخاص الذين يتعرضون لها، مما يجعلهم يواجهون تحديات كبيرة في حياتهم اليومية ويعانون من آثار نفسية واجتماعية.
  3. تدمير البنية التحتية: تؤثر المخلفات الحربية أيضًا على البنية التحتية للمناطق المتضررة، مثل الطرق والجسور والمنشآت الحيوية، مما يصعِّب جهود إعادة إعمار المنطقة وتأمين حاجات سكانها الأساسية.
  4. تأثيرات بيئية: تسبب المخلفات الحربية تلوثًا بيئيًا خطيرًا، مثل التسربات الكيميائية والنفطية، مما يؤثر على النظام البيئي وصحة الناس ويقلص المساحات المتاحة للزراعة والاستخدامات الأخرى للأراضي.

إدارة السلامة من مخاطر المخلفات الحربية

ادارة السلامة من مخاطر المخلفات الحربية هي عملية تخطيط وتنظيم وتنسيق وتنفيذ للتعامل مع مخاطر المخلفات الناتجة عن الأسلحة والمعدات العسكرية التي تبقى بعد انتهاء النزاعات العسكرية. تشكل هذه المخلفات خطرًا على البيئة والصحة العامة والسكان المحليين إذا لم يتم التعامل معها بطريقة آمنة وفعالة. تشمل المخلفات الحربية مجموعة واسعة من العناصر، مثل:

  1. الأسلحة التقليدية مثل الذخائر والقنابل والقذائف ومعدات .
  2. الأسلحة الكيميائية، والتي تشمل المواد السامة والغازات السامة.
  3. الأسلحة البيولوجية، والتي تتضمن الأمراض المعديّة والكائنات الحية المعدلة وراثيًا للإصابة بالأمراض.
  4. الأسلحة النووية والمشعة.

تتطلب إدارة السلامة من مخاطر المخلفات الحربية تخطيط عملياتي محكم للادارة والتنفيذ وتعاونًا شاملاً بين الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المحلي، وهو أمر حيوي للحد من التأثيرات السلبية لهذه المخلفات وللحفاظ على السلامة والاستقرار في المناطق المتضررة.

 التخطيط العملياتي للادارة السلامة من مخاطر المخلفات الحربية

التخطيط العملياتي لإدارة السلامة من مخاطر المخلفات الحربية يعتبر جزءًا حيويًا من عملية التعامل مع المخلفات الحربية بطريقة آمنة وفعالة. يهدف هذا التخطيط العملياتي إلى وضع الخطط والإجراءات اللازمة للتحقق من سلامة العمليات والتدابير المتعلقة بالتعامل مع المخلفات الحربية. والتي تتضمن ما يلي :

  1. تحديد الأهداف والمعايير: يبدأ التخطيط بتحديد الأهداف المحددة لإدارة المخلفات الحربية وتحديد المعايير اللازمة لضمان السلامة والامتثال للقوانين واللوائح المعمول بها.
  2. تقييم المخاطر: يتضمن التحقيق والتقييم لتحديد نطاق ونوع المخلفات الحربية الموجودة وتقدير مخاطرها على البيئة والصحة العامة والسكان المحليين.
  3. تطوير الخطط: استنادًا إلى نتائج التقييم، يتم تطوير خطط عملية للتعامل مع المخلفات الحربية بشكل آمن وفعال، بما في ذلك خطط التنظيف والتدمير والتحكم في المخاطر.
  4. التنفيذ: تشمل هذه المرحلة العملية الفعلية لتنفيذ الخطط المحددة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع المخلفات الحربية بناءً على الخطط المعتمدة.
  5. التدريب والتوعية: يجب أن يتم تدريب جميع المشاركين في العملية بشأن إجراءات السلامة والتدابير المطلوبة للتعامل مع المخلفات الحربية بطريقة صحيحة.
  6. المراقبة والتقييم: يتم مراقبة تنفيذ الخطط وتقييم فاعلية الإجراءات المتخذة واستيفاء المعايير المحددة للتأكد من تحقيق السلامة المطلوبة.
  7. التعاون والتنسيق: يتطلب التعامل مع مخلفات الحرب تنسيقًا مكثفًا بين جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومات المحلية والجهات الإنسانية والمنظمات الدولية، لضمان أن الجهود متناسقة ومتكاملة.
  8. التحسين المستمر: يجب أن يتم تحسين خطط السلامة والإجراءات بناءً على التجارب والملاحظات، وتطبيق التحسين المستمر لتحقيق أعلى مستويات السلامة والكفاءة في التعامل مع مخلفات الحرب.

التخطيط العملياتي الجيد لإدارة السلامة من مخاطر المخلفات الحربية يلعب دورًا حاسمًا في حماية البيئة والسكان المحليين وضمان عدم تكرار الأضرار الناتجة عن هذه المخلفات الخطيرة .

ما مدى تاثر العراق من مخلفات المقذوفات الحربية

تاثر العراق بشكل  كبير من مخلفات المقذوفات الحربية نتيجة النزاعات العسكرية التي شهدها البلاد على مر العقود الماضية. خلال الحروب والصراعات، حيث استُخدمت مجموعة واسعة من الأسلحة والمعدات العسكرية، بما في ذلك المتفجرات والقذائف والقنابل وحقول الالغام والذخائر العنقودية  والذخائر الأخرى. مع وجود مساحات كبيرة من أراضي  منتشرة على مساحة تقدر بأكثر من 2000كم داخل العراق حسب إحصاءات دائرة شؤون الألغام إضافة الى المستودعات والمخازن المتروكة من الجيش السابق هذا من جهة يقابله المخزونات الحالية وطرق ادارتها اصبح من الضرورة بمكان تقييم التهديد والاطلاع على إجراءات الجهات المختصة بهذا الصدد.

   أنواع  الذخائر الخطرة في أراضي العمليات العسكرية السابقة في العراق:

  • الذخيرة التشغيلية والمتفجرات؛ (أراضي معركة ومستودعات وعربات قتال متروكة والتي تمتلكها القوات المسلحة)
  • الذخيرة الاحتياطية للحرب والمتفجرات (التي تركت في الميدان ومعها عربات القتال)
  • الذخيرة والمتفجرات اللازمة للتدريب؛ (ميادين التدريب وميادين الرمي والمستودعات المتروكة)
  • ذخيرة الإنتاج، إذا كانت الدولة منتجة (معامل التصنيع العسكري سابقا)
  • ذخيرة ومتفجرات التجارب إذا كانت الدولة منتجة (التصنيع الحربي)
  • الذخيرة والمتفجرات التي تنتظر التخلص منها، (المخزونات غير الآمنة أو الفائض منها)

بشكل رئيسي تؤدي هذه المخلفات الحربية الى :

  1. الإصابات والوفيات: يمكن أن يؤدي انفجار المقذوفات الحربية والأسلحة غير المنفجرة إلى إصابة وموت الأشخاص الذين يتعاملون أو يعثرون عليها. وتؤدي تلك الإصابات والوفيات إلى تأثير كبير على السكان المدنيين والعاملين في القطاعات الزراعية والبنية التحتية.
  2. تدمير البنية التحتية: قد تتسبب المخلفات الحربية في تدمير البنية التحتية في المناطق المتضررة، بما في ذلك الطرق والجسور والمنشآت الحيوية الأخرى، مما يزيد من التحديات التي تواجهها الحكومة والمجتمع في عملية إعادة الإعمار والتنمية.
  3. التأثير على البيئة: قد يسبب تسرب المواد الكيميائية السامة من المخلفات الحربية إلى التربة والمياه تأثيرًا كبيرًا على البيئة والنظام البيئي المحيط. قد تتأثر المصادر المائية والأراضي الزراعية والحياة البرية وتتعرض للتلوث والتأثيرات البيئية السلبية.
  4. التأثير الاقتصادي: تترتب على المخلفات الحربية تكاليف كبيرة لإزالتها والتخلص منها وتنظيف المناطق الملوثة. قد يؤدي التأثير السلبي على الاقتصاد إلى زيادة التحديات التي تواجه البلاد في إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية.
  5. الإنسانية وحقوق الإنسان: يعتبر استخدام المقذوفات والأسلحة غير المتحكمة أو المخلفات الحربية في المدن منتهكًا للقانون الدولي الإنساني، وقد يرتكب الأطراف المتصارعة جرائم حرب بسبب تلك الأفعال.

تسعى الحكومة العراقية والمنظمات الدولية والجهات الإنسانية إلى التعامل مع مخلفات المقذوفات الحربية وتقديم الدعم اللازم للمتضررين. من خلال جهود مستمرة لإزالة المخلفات وتنظيف المناطق الملوثة وتوعية السكان بالمخاطر المحتملة، يأمل العراق في التغلب على التحديات الناجمة عن هذه المشكلة الهامة والحد من تأثيرها على المجتمع والبيئة والامن القومي .

مواجهة مخاطر المخلفات الحربية

موضوع المخلفات الحربية يعتبر أمرًا هامًا جدًا ومعقدًا، ويتطلب التعامل معه بحذر وفهم شامل للتحديات والمخاطر التي يشكلها على الصحة العامة والبيئة.وحتى نواجهه هذه المخاطر ينبغي العمل على :

  1. الوعي العام: يجب توعية الجمهور حول مخاطر المخلفات الحربية وتأثيرها السلبي على البيئة والصحة الإنسانية. يمكن تحقيق ذلك من خلال الحملات التوعوية، والتثقيف في المدارس ووسائل الإعلام المختلفة.
  2. التخطيط والتقييم: يجب إجراء تقييم دقيق لمواقع المخلفات الحربية ومحتواها وتأثيرها على البيئة والمجتمعات المحيطة بها. يتعين وضع خطط محكمة للتعامل مع هذه المخلفات بطرق آمنة وفعالة.
  3. التنظيف والتخلص: يتعين على الحكومات المحلية والمنظمات الدولية والمجتمعات المحلية العمل سويًا لتنظيف المواقع الملوثة والتخلص من المخلفات الحربية بطرق آمنة ومستدامة.
  4. العمل الدولي المشترك: يجب تعزيز التعاون الدولي في مواجهة مخاطر المخلفات الحربية، بما في ذلك مشاركة المعرفة والتكنولوجيا والخبرات في هذا المجال.
  5. توفير الموارد: يجب تخصيص الموارد المالية والبشرية الكافية للتعامل مع مخاطر المخلفات الحربية، وذلك لتحقيق أفضل النتائج في الجهود الوقائية والتنظيفية.
  6. التدريب والحماية: يجب تدريب الأفراد المشتركين في عمليات التنظيف والتعامل مع المخلفات الحربية، وتزويدهم بالمعرفة والمعدات اللازمة للحماية الشخصية.
  7. الابتكار التكنولوجي: يمكن البحث عن تقنيات وحلول مبتكرة للتخلص من المخلفات الحربية بطرق آمنة وفعالة، مثل التقنيات البيئية النظيفة والمستدامة.
  8. المساءلة والشفافية: يجب تعزيز المساءلة والشفافية في مواجهة مخاطر المخلفات الحربية، وضمان أن الجهود القائمة تتم بطرق قانونية وأخلاقية.
  9. تشجيع الدراسات البحثية: يمكن دعم البحوث والدراسات التي تهدف إلى فهم أفضل لتأثير المخلفات الحربية وكيفية التعامل معها بشكل فعال.

مواجهة مخاطر المخلفات الحربية يتطلب جهوداً مشتركة من قبل الجميع، وتكامل جهود الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمعات المحلية للحد من هذه المخاطر وحماية البيئة والصحة العامة.

بالنهاية  هناك مشكلة كبيرة تتعلق بالمخلفات الحربية نتيجة للنزاعات العسكرية التي شهدها العراق على مدى السنوات العديدة. منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الوقت الحاضر، من حروباً ونزاعات متعددة، بما في ذلك حروب الخليج الثلاث والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 وعمليات مكافحة الارهاب . هذه النزاعات تسببت في تراكم المخلفات الحربية في جميع أنحاء البلاد، وشملت الألغام الأرضية والقذائف غير المنفجرة والذخائر والأسلحة الكيميائية والبيولوجية. هذه المخلفات شكلت تهديداً كبيرًا للسكان المحليين والقوات العسكرية وعرقلت جهود إعادة الإعمار والتنمية في العراق. التخلص من هذه المخلفات الحربية وتطهير المناطق الملوثة تحتاج إلى جهود دولية ووطنية كبيرة. مع ان العديد من المنظمات الدولية والمؤسسات غير الحكومية والجهات الحكومية في العراق تعامل على الحد من هذه المشكلة وتنظيف المناطق الملوثة وتوعية السكان المحليين حول مخاطر المخلفات الحربية. ومن المهم أن تستمر هذه الجهود للحد من المخاطر الصحية والبيئية المرتبطة بها  وتسهيل عودة النازحين وإعادة إعمار المناطق المتضررة. وهذا يتطلب أن تكون هناك أولوية لتوفير التمويل والتكنولوجيا اللازمة للتعامل مع هذه المشكلة العاجلة والحيوية وحماية امننا القومي ...

                                                                       اللواء الركن الدكتور

                                                                     خالد عبد الغفار البياتي

                                                                  قسم دراسات الازمات والمخاطر