العلاقة بين التنمية المستدامة والعمل المناخي

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-07-16 23:11:45

مقدمة:

تعتبر التنمية المستدامة والعمل المناخي من أهم التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الحاضر. تنمية مستدامة تعني تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، وتشمل الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية. بينما يركز العمل المناخي على مكافحة تغير المناخ والحد من آثاره السلبية على البيئة والاقتصاد والمجتمع.

تأثير التغير المناخي على التنمية المستدامة:

تواجه التنمية المستدامة تحديات جراء تغير المناخ. أذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تأثيرات سلبية على البيئة والموارد الطبيعية، مثل ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى البحار، مما يهدد المناطق الساحلية والجزر. كما يتسبب التغير المناخي في زيادة التطرفات الجوية مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، مما يؤثر على الأمن الغذائي والمائي والزراعة.

الدور المحوري للعمل المناخي في التنمية المستدامة:

يؤدي العمل المناخي دورًا حيويًا في تحقيق التنمية المستدامة. يهدف العمل المناخي إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتعزيز الكفاءة البيئية. من خلال تبني سياسات واستراتيجيات مبتكرة، يمكن للعمل المناخي أن يحقق التوازن بين الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للعمل المناخي أن يسهم في تعزيز المرونة والتكيف مع تأثيرات التغير المناخي. على سبيل المثال، يمكن تطوير تقنيات جديدة للزراعة المستدامة وإدارة المياه، وتعزيز استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، وتحسين نظم النقل العام والاستدامة الحضرية. يمكن أيضًا تعزيز التوعية والتثقيف بشأن تغير المناخ والممارسات المستدامة، وتعزيز التعاون الدولي لتبادل التجارب والتكنولوجيا في مجال التنمية المستدامة والعمل المناخي.

وهذا يتطلب تكامل العمل المناخي والتنمية المستدامة في السياسات والاستراتيجيات الوطنية والدولية. كما  يستلزم أن يتعاون القطاعان العام والخاص والمجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة والتكيف مع التغير المناخي. على المستوى الدولي، مثلما يتطلب تعزز التعاون العالمي وتوجيه التمويل والتكنولوجيا للبلدان النامية لمساعدتها على التكيف مع التغير المناخي وتحقيق التنمية المستدامة.

ما هو دور الامم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني

دور الأمم المتحدة:

تقوم الأمم المتحدة بدور حيوي في تعزيز التنمية المستدامة والعمل المناخي على المستوى العالمي. تشمل منظمات الأمم المتحدة مثل البرنامج الانمائي للأمم المتحدة (UNEP) والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) والمنظمة الزراعية للأمم المتحدة (FAO) والمنظمة الصحة العالمية (WHO) وغيرها من الوكالات التابعة، التي تعمل على تعزيز الوعي بتحديات تغير المناخ وتنفيذ مبادئ التنمية المستدامة في الأنشطة الوطنية والدولية.بالاضافة الى تعزيز التعاون بين الدول، تبادل التجارب والمعرفة، وتوجيه التمويل والمساعدة التقنية للبلدان النامية هي بعض الجوانب الرئيسية لدور الأمم المتحدة في الموضوع. تنظم الأمم المتحدة مؤتمرات وقمم دولية تعنى بالتنمية المستدامة والتغير المناخي، مثل قمة الأرض للتنمية المستدامة ومؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP)، حيث يتم تبادل الخبرات ووضع السياسات والاتفاقيات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتخفيف من أثار تغير المناخ.

دورمنظمات المجتمع المدني:

تمارس منظمات المجتمع المدني دورًا هامًا في تعزيز التنمية المستدامة والعمل المناخي على المستوى المحلي والدولي. تشمل هذه المنظمات المؤسسات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية والجمعيات والمنظمات الأكاديمية والشبابية والنسائية والبيئية.تعمل منظمات المجتمع المدني على تعزيز الوعي والتثقيف بشأن التحديات البيئية والمناخية وتشجيع المشاركة المجتمعية في تنفيذ المبادئ والأهداف المتعلقة بالتنمية المستدامة والعمل المناخي. تقوم هذه المنظمات بتنفيذ مشاريع ومبادرات محلية وإقليمية ودولية لتعزيز التنمية المستدامة وتكييف المجتمعات مع تغير المناخ.

بفضل تواجدهم في المجتمع، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تعمل كجسر بين الحكومات والسكان المحليين والقطاع الخاص، وتعزز التواصل والتعاون بين هذه الأطراف المختلفة. كما يعتبر صوتهم المدافع عن البيئة والمناخ في العمليات السياسية واتخاذ القرار من الأهمية البالغة.

وتساهم منظمات المجتمع المدني أيضًا برصد التقدم المنجز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ اتفاقيات التغير المناخ، وتقديم التقارير والتوصيات للمؤسسات الدولية والحكومات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تلعب دورًا هامًا في تعزيز الشفافية والمساءلة وضمان مشاركة جميع فئات المجتمع في صنع القرارات المتعلقة بالتنمية المستدامة والعمل المناخي.

 الهدف 13 من مواد التنمية المستدامة

يركز الهدف 13وهو من اهداف التنمية المستدامة إلى التركيز على العمل المناخي والتغير المناخي كمحور رئيسي في التنمية المستدامة. ويؤدي لاتخاذ تدابير فعالة للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ وتعزيز التكيف معه، بما في ذلك تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، والتي تهدف إلى تحقيق استقرار الغلاف الجوي والحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

وتحديدًا، يعزز الهدف 13 الى الالتزام بالعمل على تحقيق هدف درجة حرارة الأرض بعدم ارتفاعها بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وفقًا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا الهدف يعتبر مهمًا للحفاظ على استدامة النظم البيئية والموارد الطبيعية وصحة الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك، تأكيد على ضرورة تعزيز تكيف البلدان النامية مع تغير المناخ. فالدول النامية تواجه تحديات خاصة نتيجةً لتأثيرات تغير المناخ، وهذا يتطلب  توفير التمويل والتكنولوجيا والتدريب اللازمين لتعزيز تكيفها وزيادة قدرتها على التصدي للمخاطر والتحولات المناخية.

بصفة عامة، الهدف 13 تعكس الالتزام العالمي للتصدي لتحديات تغير المناخ وتحقيق تنمية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار التوازن بين الاقتصاد والبيئة والمجتمع. وتشجع الحكومات والمجتمع الدولي على تعزيز التعاون والشراكة لتحقيق هذه الأهداف وضمان الاستدامة على المدى الطويل.

من أجل تحقيق هدف 13 وأهداف التنمية المستدامة بشكل عام، لابد أن تعمل الدول والمجتمعات المحلية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني معًا لتبني استراتيجيات وسياسات تنموية تعتمد على الاستدامة وتتطلب تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة وتعزيز التكيف مع تغير المناخ.

و في النهاية، يتبين أن هناك علاقة وثيقة بين التنمية المستدامة والعمل المناخي. وفهم التأثيرات المتبادلة بينهما وتعزيز التكامل بينهما ضروري لتحقيق تنمية مستدامة وحماية البيئة. ولذا تكون السياسات والاستراتيجيات مبنية على المعرفة العلمية وتعاون مستدام بين الجهات المعنية بما يضمن تعاون قوي وتنسيق فعال بين الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والحكومات والقطاع الخاص لتصدي لتحديات تغير المناخ بشكل فعال وشامل. لتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على البيئة للأجيال الحالية والمستقبلية.

                                                                             اللواء الركن الدكتور

                                                                           خالد عبد الغفار البياتي       

                                                                        قسم دراسات المخاطر والازمات

                                                                    مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية