النقابات المهنية والادوار المغيبة

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-06-06 22:10:27

الباحث

زهير حمودي الجبوري

قسم الدراسات السياسية

حرصت الدولة العراقية منذ تأسيسها على تشريع القوانين والانظمة التي تكفل للمواطنين  الحق بتأسيس النقابات والاتحادات المهنية  ضمن الممارسات المعبرة عن حرية التعبير عن الرأي والمدافعة عن حقوق الشرائح المنضوية تحت هذه النقابات،  وقد تضمن هذا الحق في الدستور العراقي النافذ لعام 2005 في المادة (22/ ثالثا) (تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية والانضمام إليها وينظم ذلك بقانون)  وبالإضافة الى حق التأسيس؛ فإن الحكومات قد منحت هذه النقابات الاستقلالية في العمل ومنعت أي تدخل حكومي في مهام هذه النقابات، لتتمكن من تنفيذ مهامها بأكمل صورة وقدمت الدعم من حيث توفير المقار والحماية اللازمة.

وتسعى الاتحادات والنقابات من خلال برامجها المتنوعة الى تكريس الجهود لرعاية مصالح أعضائها وتحسين أوضاعهم والمطالبة بحقوقهم والدفاع عنهم عبر الوسائل القانونية المتاحة كما يمكن لهذه المنظمات  ممارسة دور في بناء الوعي السياسي والقانوني لافرادها، وتنمية مهاراتهم وقابلياتهم وصقل تجاربهم بما يخدم المصلحة العامة، وتستطيع هذه المنظمات أن تقود الرأي العام للمطالبة بالحقوق العامة كنقابة المحامين ونقابة المعلمين ونقابة المهندسين باعتبار أن أعضائها من النخب الواعية وقادة الرأي والمؤثرة في المجتمع.

كما تضمنت القوانين الاستقلالية المادية لهذه النقابات في الجانب المالي ولها حرية  خلق إيرادات مالية عن طريق الاشتراكات السنوية ورسوم التسجيل وبدل هوية الانتماء واستقبال المنح والهدايا والهبات وكذلك ريع الاستثمارات والاملاك الخاصة كونها مكتسبة الشخصية المعنوية لممارسة ذلك وفق القانون.

وفي الدول المتقدمة توسع عمل هذه النقابات من مجرد الدفاع عن حقوق منتسبيها الى تقديم الخدمات العامة لهم بل تطور عمل بعضها إلى ما هو أكثر من ذلك من خلال دعم عملية التنمية في البلد عبر العديد من النشاطات والفعاليات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وتحولت أحيانا الى قائدة للحراك والتغيير وحسب الاختصاص.

وعلى الرغم من الامكانات المادية الكبيرة لنقابة المحامين العراقية التي ينتسب إليها ما يقارب سبعون ألف محامي  لم نرَ لها مشروعا ضخما مثل بناء مستشفى متطور يقدم الخدمات العلاجية لعوائل أعضائها وتوظف فيها أبناء المحامين من أطباء أو ممرضين وتساهم في تقليل الزخم عن المشافي الحكومية وتضيف رصيدا ماليا لخزينة النقابة، وكذلك الحال مع نقابة المهندسين الزراعيين التي عجزت عن تأسيس شركة زراعية تتولى زراعة المساحات الواسعة من الاراضي الزراعية الصحراوية بطرق الزراعة الحديثة وبالتقنيات العلمية في السقي على الابار لتشغل مهندسيها الباحثين عن العمل في دوائر الدولة وتوفر فرص عمل أخرى للعاطلين وتقلل من الاستيراد الخارجي الذي يثقل كاهل الميزانية الحكومية وتقلل من آثار شحة المياه وتوفر خبرات وتكون بمثابة مراكز لتطوير الفلاح العراقي بالزراعة الحديثة.

ولم تبادر نقابة المعلمين التي يقترب عدد منتسبيها من المليون الى تأسيس مدارس اهلية متطورة في المحافظات العراقية توفر وظائف للمحاضرين المطالبين بالتعيين وبنفس الوقت توفر فرص تعليمية لابناء المعلمين بأسعار تنافس المدارس الاهلية وبطرق تدريسية معاصرة، والحال ينطبق على نقابة العمال ونقابة المهندسين القادرتان على تأسيس شركات بناء تقوم ببناء دور واطئة الكلفة في كل المحافظات لتساهم في حل أزمة السكن وهكذا باقي الاتحادات التي تفتقر الى المبادرات والنشاطات الاقتصادية التي تقدم من خلالها الخدمات لاعضائها وتدر عليها مردودات مالية وتساهم في تنمية البلد وتطوره  وتكون عونا للدولة ومساهمة في حل أزمات البلد مثل توفير فرص العمل وتوفير الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتقليل حجم الاستيراد وتطوير الصناعة وجلب الاستثمارات وجلب التقنيات الحديثة.