التشريعات والاتفاقيات والجهات المسؤولة عن مكافحة جريمة غسل الاموال

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-04-04 14:17:20

فراس جبار كريم

مدير حسابات اقدم /قسم الدراسات الاقتصادية

تأسيسا على ما تم نشره في المقالين السابقين عن جريمة غسل الاموال من حيث التعريف بها وكيفية وقوعها، واسباب حدوثها والاثار المترتبة عليها، سوف يتم التطرق في هذه المقالة الى الاجراءات الدولية والمحلية للحد من هذه الجريمة التي بدأت بالنمو والانتشار على الصعيدين المحلي والدولي وكما سيتم ذكره.

1- اتفاقية فيينا:  وهي (اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988) والتي تطرقت ضمنا الى المتحصلات النقدية من هذه النشاطات الاجرامية وكيفية استغلالها حيث أشارت الى ان غسل الأموال هو تجهيز العائدات الإجرامية لإخفاء مصدرها غير المشروع، وهذه العملية ذات أهمية خاصة لأنها تمكن المجرم من التمتع بهذه الأرباح دون تعريض مصدرها للخطر تم تعريف غسل الأموال في المادة 3:1 على انها (تحويل الأموال او نقلها مع العلم بأنها مستمَّدة من أيَّة جريمة او جرائم، بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو قصد مساعدة أيَّ شخص متورَّط في ارتكاب مثل هذه الجريمة أو الجرائم على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله).

2- اتفاقية باليرمو: تعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 55/25 في 15 تشرين الثاني 2000، الصك الدولي الرئيسي في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وقد تم فتح باب التوقيع على الاتفاقية من قبل الدول الأعضاء في مؤتمر سياسي رفيع المستوى والذي انعقد لهذا الغرض في باليرمو عاصمة جزيرة صقلية في إيطاليا، وأُلحق بالاتفاقية ثلاث بروتوكولات تستهدف مجالات ومظاهر محددة للجريمة المنظمة حيث تضمن بروتوكول (منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال) بروتوكول (مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو) وبروتوكول (مكافحة صنع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوناتها والذخيرة والاتجار بها بصورة غير مشروعة ).

3- اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد 2003 هي وثيقة قانونية دولية ملزمة، أقرّتها الأمم المتحدة في 2003، وتضم أكثر من 187 دولة ,  تحتوي الإتفاقية على 71 مادة، موزعة على ثمانية فصول، ويمكن القول إنها مؤلفة من أربعة أجزاء أساسية:                                                      

الجزء الأول هو "الوقاية" ويتضمن  كل التشريعات والإجراءات التي يجب على كل دولة العمل عليها لإرساء الشفافية والرقابة والضوابط بشكل يصعّب على الفاسدين ممارسة عمليات الفساد .

ولكن مهما كانت الوقاية قوية، فلا غنى عن العلاج.

 الجزء الثاني وهو "التجريم وإنفاذ القانون"، ويتضمن تحديد أهمّ جرائم الفساد، من رشوة، واختلاس، وصرف النفوذ، وإستغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع، وغيرها من الجرائم وضرورة تحديد عقوبات رادعة لها، وايجاد الآليات التي تساعد على ملاحقة مرتكبيها أمام القضاء بشكل فاعل دون عقبات مثل الحصانات والسرية المصرفية وغيرها ولأنه يمكن للفاسدين الهروب خارج البلاد.

أما جزءها الثالث الذي يدعو الى "التعاون الدولي" فيتضمن عدة أحكام توفر تسهيلات وطرق واضحة تمكّن كل دولة من طلب المساعدة القانونية والقضائية من دول أخرى إذا احتاجت الى مساعدة، وتمكن الدول الأطراف في الإتفاقية من العمل سويًا على قضايا فساد مشتركة ..

أخيرا الجزء الرابع وهو المخصص لموضوع "استرداد الموجودات"، ويتضمن كل الوسائل التي يمكن من خلالها للدولة تعقب الأموال والأملاك التي حصل عليها الفاسدين وحجزها وتجميدها ومصادرتها واستعادتها.

وبالنظر لأهمية هذه الاتفاقيات ولخطورة موضوع غسل الاموال والفساد المالي والاداري فقد انبثقت (مجموعة العمل المالية في العام 1989 تعرف اختصارا فاتف) وهي منظمة حكومية دولية تتألف من 35 دولة ومنظمتين اقليميتين ومنها (مينا فاتف) الخاصة بالشرق الاوسط وشمال افريقيا, وتتمثل مهام المجموعة بوضع المعايير وتعزيز التنفيذ الفاعل للتدابير القانونية والتنظيمية والتشغيلية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب وتمويل انتشار التسلح والتهديدات الاخرى المعنية بنزاهة النظام المالي الدولي بالتعاون مع منظمات  وجهات عديدة, من خلال اصدار ارشادات واوراق ووسائل ارشادية لتطبيق معايير المنظمة من قبل الدول, ويعد العراق أحد هذه الدول التي انظمت للاتفاقات الدولية وكذلك مجموعة الفاتف واتخذ العراق جملة من الاجراءات منها تأسيس هيئة النزاهة بموجب القانون رقم 30 لسنة 2011, وكذلك تعزيز الدور الرقابي لديوان الرقابة المالية الاتحادي بموجب القانون رقم  31لسنة 2011, وتأسيس مكتب مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب في البنك المركزي العراقي واصدار قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب رقم 39 لسنة 2015ويمكن لهذا المكتب مفاتحة الوحدات النظيرة في الدول الاخرى في حالة وجود شبهة جريمة غسل الاموال كونه الجهة الرسمية المسؤولة عن ذلك.