السياسة الخارجية العراقية فرصة لأثبات الوجود

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-04-03 10:33:12

الباحث

زهير حمودي الجبوري

قسم الدراسات السياسية

مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية

 

(هناك شرط جوهري للنجاح في السياسة الخارجية وكذلك في عملية السياسة ذاتها، ألا وهو أحساس المرء الأكيد والثابت بما يريد أن يفعله وبطريقة أنجازه) تيري ل . ديبل

 

أبدت الدبلوماسية العراقية في ظل حكومة السيد محمد السوداني نشاطا دؤوبا ولافتا في المحيط العربي والإقليمي والدولي ترجم بعدد من الزيارات الرسمية المتبادلة وعقد والمشاركة في محافل إقليمية ودولية أنتجت عددا من التفاهمات والاتفاقات والشراكات مع دول متعددة لترسم ملامح جديدة للسياسة الخارجية العراقية، وأعطت أنطباعا أوليا أيجابيا عن مقبولية الحكومة الجديدة في المحيط الاقليمي والدولي وأن الحكومة تملك رؤية جديدة في علاقاتها الخارجية  أكثر واقعية واتزانا ومرونة في التعامل مع المتغيرات الدولية .

ومما يدعم هذا النجاح في السياسة الخارجية لحكومة السيد السوداني ثلاث عوامل  محلية وأقليمية ودولية .

الاستقرار الداخلي والتفاهم والانسجام بين مكونات تحالف أدارة الدولة الذي شكل الحكومة وغياب وجود حقيقي لقوى المعارضة منح الحكومة العراقية دفعة قوية للانفتاح على العالم الخارجي واتباع سياسة خارجية واضحة الاهداف مع مقدار من القوة في إحداث توازنات بين المحاور المتنافسة وهذا يتطابق مع المبدأ الذي ينص على أن السياسة الخارجية هي أنعكاس للسياسة الداخلية للدولة .

إقليميا فإن الانفراج الكبير الذي ساد في المنطقة بعد عقد اتفاقية الصلح بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية برعاية صينية والتي ساهمت في صناعتها الدبلوماسية العراقية خلقت جوا من الهدوء لانها تشكل مفتاحا لانهاء عدد مهم من أزمات المنطقة مثل اليمن وسوريا ولبنان وحتى العراق التي كانت تمثل أوجها للصراع الرئيسي بين ايران والسعودية بمستوياته الايديولوجية والسياسية والاقتصادية  هذا الانفراج يمكن الحكومة العراقية من أن تمارس دورا دبلوماسيا محوريا و مهما لصنع تفاهمات جديدة تنهي الكثير من الازمات التي زعزعت أستقرار المنطقة سياسيا وأقتصاديا .

وفي العامل الدولي فأن الصراع الروسي الاوكراني حدد من فاعلية القطب الامريكي الاوحد وشغلها عن مناطق أخرى لأهمية الصراع والخوف من تداعياته النووية، كما أن بروز الصين وفر فرصة للدول غير الراغبة وغير المنسجمة مع الهيمنة الامريكية بالتحرك بشيء من الحرية كمقدمة لخلق أستقطابات عالمية جديدة  هذا الوضع  الدولي فتح الباب أمام الدبلوماسية العراقية للتحرك على مساحات وفضاءات دولية جديدة تمثلت بالصين وفرنسا وألمانيا وغيرها بعد ضعف الاعتراض الامريكي السابق على نفس هذا الانفتاح كما حصل مع المعاهدة الصينية أو التعاقد مع الشركات الالمانية في قطاع الكهرباء .

هذه العوامل مع ما يملكه العراق من موقع  جيوسياسي فاعل  يمنحه القدرة أن يكون لاعبا أقليميا، كما القوة الاقتصادية العراقية المتمثلة بموارد الطاقة والموارد البشرية وحجمه السكاني الكبير وحاجته الكبيرة الى البنى التحتية تجعله قبلة للشركات العالمية لاقامة المشاريع العمرانية الكبيرة والتي تساعد العراق ليجعل منها مسارا داعما للسياسة الخارجية .

ولكن كل هذه الايجابيات تبقى بحاجة الى وضع سياسة خارجية جديدة للعراق تضع المصلحة الوطنية في أولويات خطواتها وان تملك هذه السياسة قراءة دقيقة للواقع المحلي والاقليمي والدولي مع نسبة من الاستشراف المستقبلي للاحداث الدولية لمعرفة المسارات المستقبلية ولابد لصانع السياسة الخارجية أن يستحضر نقاط القوة التي يملكها العراق وأن يبحث عن نقاط الضعف لدى الدول الاخرى لتناور بها في التفاوض مع أختيار الوقت المناسب والطريقة المناسبة لكل طرف، اذ لايمكن أن تسير السياسة الخارجية مع الجميع بمسار وأسلوب واحد .