جريمة غسل الاموال اسبابها واثارها

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-03-20 14:03:44

 

فراس جبار كريم         

مدير حسابات أقدم        

قسم الدراسات الاقتصادية   

مما لاشك فيه ان هناك اسباب ادت الى تنامي ظاهرة جريمة غسل الاموال, ومن الضروري تشخيصها لغرض الحد منها كأجراء وقائي حيث من المتعارف ان الوقاية اقل كلفة من العلاج وهي من القضايا الفاعلة التي يجب الاهتمام بها وسوف نذكر اهم هّذه الاسباب وهي كما يأتي:

1-تنامي ظاهرة الفساد الاداري والمالي في ظل بيئة عدم المحاسبة لبعض مرتكبي هذه الجريمة بالرغم من وجود بيئة قانونية جيدة من حيث التشريعات والقضاء العادل.

2-وجود قصور في القيم الدينية والاخلاقية والاجتماعية لدى البعض ادت الى توجه رجال الاعمال والمصارف لعمليات غسل الاموال بسبب الارباح المتحصلة من تلك الجريمة.

3- القصور الحاصل في النظام المصرفي حيث كان لهذا القطاع الدور الكبير في انتشار هذه الجريمة من خلال العمليات المصرفية وبيع العملات الاجنبية وكذلك القروض وعمليات البيع والشراء في السندات المالية.

4-قصور التنظيم الاقتصادي والاداري لعمليات الاستثمار المحلي والاجنبي في جميع قطاعات الاستثمار.

5- ظهور عمليات التحويل المالي الالكتروني بين المصارف المحلية والاجنبية نتيجة الثورة الهائلة في العالم الرقمي وعدم وجود ادوات رقابة فاعلة لمتابعة هذه العمليات.

6- السرية المصرفية المفروضة على الحسابات الشخصية وعدم بذل العناية اللازمة لمعرفة مصادر الاموال لاهتمام المصارف بالنقد الموجود في حسابات المودعين.

الاثار المترتبة عل جريمة غسل الاموال

 الآثار الاقتصادية لجريمة غسيل الأموال في الاقتصاد العراقي:

 خلقت جريمة غسل الأموال مجموعة من الآثار السلبية على الاقتصاد العراقي وذلك كون معظم المصادر التي تمول هذه الجريمة هي من خلال سرقة المصارف او من عمليات تهريب الآثار والآلات والمكائن الى الخارج او دخول بضائع مغشوشة الى الأسواق العراقية، وعلى الرغم من حداثة هذه الجريمة الا انها انتشرت بسرعة فائقة بسبب تجاذب عوامل البيئة الداخلية والخارجية ومن هذه الاثار:

1-انخفاض مستوى الدخل القومي وذلك بسبب استنزاف العملة الصعبة التي سرقت من البنوك وتحويلها خارج العراق، تهريب المكائن والمعدات والمصانع خارج العراق والتي تمثل رأس مال ثابت، سوء توزيع الدخل القومي نتيجة فقدان الثقة في السوق المالية واللجوء الى النشاطات غير القانونية فضلا عن الأموال غير المشروعة التي ضخت في الاقتصاد العراقي والتي زادت الكتلة النقدية وخروجها عن سيطرة البنك المركزي والتي من شانها ان تمنعه من وضع سياسية نقدية صحيحة لمعالجة التضخم الحاصل.

2- دخول السلع المغشوشة الى الاسواق المحلية والتي ادت الى ركود السلع المصنعة محليا.

3-هروب رؤوس الاموال الى الخارج مما ادى الى حدوث خلل في توازن المتغيرات الكلية للادخار والاستهلاك في الاقتصاد العراقي.

4- بروز طبقة من المستثمرين الجدد لديهم قدرة عالية على الادخار والاستثمار ودخول في مجالات الاستثمار ذات المخاطر العالية مما ينعكس سلبا على بقية رجال الأعمال من جهة وعلى النمو الاقتصادي من جهة اخرى .

5-عدم استقرار سعر صرف الدينار العراقي والخوف من تقلبات مستقبلية مما يعني قيام الأفراد بشراء العملات الأجنبية وادخارها في الداخل والخارج .       6- ارتفاع معدلات البطالة في العراق وذلك بسبب عدم وجود فرص استثمارية منتجة لأن غاسلي الأموال يبحثون عن الربح السريع. 

7- قد تدخل الأموال غير المشروعة والناتجة عن جرائم غسل الأموال في عمليات خصخصة الشركات والقطاعات الاقتصادية، بالتالي فان عمليات البيع والتأجير التي تعطي القيمة الحقيقية للأصول التي يتم خصخصتها، وبهذا الشكل قد اسهمت الخصخصة بغسل الأموال غير المشروعة وهذا يزيد من مشاكل الاقتصاد العراقي.

8-  زيادة العجز في ميزان المدفوعات وارتفاع المديونية الخارجية إذ يؤدي تراجـع معـدل الادخارات المحلية إلى لجوء الدول إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية والبنوك الأجنبية ممـا يـشكل عبئـا علـى الاقتصاد الوطني وعجـزا في ميـزان المدفوعات بـسبب الالتزام بسداد إقساط الديـون .

 

9- تسهم عملية غسل الأموال إلى زيادة تدفق الأموال القذرة إلى داخل البلد الذي تتم فيه عمليات الغسل مما يؤدي إلى ارتفاع السيولة المحلية من خلال دخول هذه الأموال بشكل لا يتناسب مع الزيادة في إنتاج السلع والخدمات داخل اقتصاد البلد مما يولد ارتفاع معدلات الأسعار وزيادة الضغوط التضخمية وتدهور القوة الشرائية للنقود كما إنها تؤدي إلى تحويل العملة المحلية الناتجة عن عمليات غسل الأموال إلى ذهب ومجوهرات وموجودات ذات قيمة والتي تم بيعها في الخارج مقابل العملات الأجنبية وهذا بالنتيجة سيؤدي إلى تخفيـض قيمـة العملـة المحليـة لـذلك البـلد.

10-  استنزاف الاقتصاد الوطني حيث إن نقل الأموال إلى خارج البلد بقصد غسلها في بلدان أخرى يؤدي إلى حرمان البلد من الأموال والأرصدة الموجودة فيها والتي تغذي الاقتصاد الوطني مما يحول دون استثمارها في مشاريع اقتصادية وتنموية تدر دخولا للدولة والأفراد وتساهم في الحد من البطالة وتعمل على زيادة التشغيل وارتفاع معدلات نسبة القوى العاملة وينعكس على استنزاف الاقتصاد الوطني مشاكل منها زيادة الدين الخارجي والداخلي والذي يشكل عبئ على الدولة فضلا عن زيادة العجز في الموازنة العامة.  

الاثار الاجتماعية والسياسية

1- يؤدي غسل الاموال الى حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية ، فقد اثبتت الدراسات والابحاث التي اجريت وجود علاقة بين غسل الاموال وحركات الارهاب والتطرف والعنف الداخلي فضلا عن نشاط المافيا العالمية ودورها في حدوث الانقلابات السياسية في بعض الدول النامية ، مما يزعزع امن واستقرار المجتمعات النامية .

2-ان عملية غسل الاموال تؤدي الى تشويه المناخ الديمقراطي في المجتمع ، حيث يصعد بعض اصحاب الدخول غير المشروعة الى مقاعد البرلمان والمجالس المحلية واتحادات التجارة والصناعة ، وتعلو نجومهم اعلاميا في جميع وسائل الاعلام ، ولكنهم يعمدون الى استثمار جميع ما سبق لدعم وجودهم في الاستمرار في عملية غسل الاموال والاستمرار في مزاولة الانشطة الاجرامية والاستفادة بما ينتج عنها ثمار مالية .

3- أن تسرب الاموال غير المشروعة الى المجتمع يقلب ميزان البناء الاجتماعي في البلاد بصعود المجرمين القائمين على عملية غسل الاموال الى هرم المجتمع ، في الوقت الذي يتراجع فيه مركز المكافحين الى اسفل القاعدة  ان لم تتظافر جهود المجتمع عامة في المكافحة .

4-تؤدي عمليات غسل الاموال لانعدام القيم والروابط بين افراد المجتمع ، فاستمرار ممارسة الانشطة غير المشروعة التي تقتضي مجهودا وبقاء عائداتها الضخمة في مأمن عن المصادرة واستغلالها في انشطة اخرى مشروعة يؤدي الى العزوف عن القيام بالأنشطة المشروعة وبخاصة من جانب الشباب، الامر الذي يؤدي الى تفشي ظاهرة الانانية وتصبح مصلحة الوطن والانتماء اليه في الدرجة الثانية.

5- تساهم عمليات غسل الاموال في شيوع ظاهرة تحدي القانون وروح التمرد لدى الشباب والاستهانة بالسلطة الشرعية وعدم الرغبة في التمسك بالأنظمة والقوانين المعمول بها نتيجة عدم التوازن الاقتصادي والاجتماعي.