الدبلوماسية الرياضية في خليجي 25

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-01-24 07:52:53

زهير حمودي قنبر

مورست الدبلوماسية كوظيفة منذ القدم لتنظيم العلاقات بين الدول في نشأتها الاولى، وتطورت أدواتها مع تطور مفهوم الدول حتى قيام معاهدة ويستفاليا عام 1846 التي اعتمدت الدولة القومية كوحدات متفردة في النظام العالمي، لتختص مهام الدبلوماسية بوظيفتها الرسمية في التمثيل والاتصال بين حكومات الدول وعرفت في وقتها بالدبلوماسية الرسمية.

مع مرور الوقت تطورت مفاهيم الدولة والعمل الدبلوماسي وحتى النظام السياسي الذي استوعب وحدات دولية جديدة من غير الدول لتنتج شبكة جديدة من العلاقات الدولية فرضت أنماطاً جديدة من الدبلوماسية لم تكن معروفة سابقا ومنها (الدبلوماسية الرياضية)، والتي تتمثل في توظيف الاحداث الرياضية والحضور الجماهيري فيها لخدمة السياسة الخارجية للبلد، واعتبارها أحد ادوات القوة الناعمة التي تستطيع إيصال الرسائل السياسية بإطار رياضي، ومنح الشعوب فرصا لانتاج دبلوماسية موازية لدبلوماسية الدولة الرسمية  يكون فيها  صوت الشعب هو الفاعل والمحرك لخلق مسارات جديدة في شبكة العلاقات الدولية.

وفي هذه الايام استضافت مدينة البصرة العراقية بطولة الخليج العربي الخامسة والعشرين لكرة القدم بعد غياب دام أكثر من أربعين عام عن استضافة مثل هذا الحدث الرياضي العربي بسبب الازمات الاساسية بين الانظمة السياسية الحاكمة.

 وقد أبرزت البطولة ومنذ يوم افتتاحها صورة  للواقع العراقي؛ مغايرة عما ينشره الاعلام، قام بنقلها الجمهور الخليجي المنبهر بحركة الاعمار في البصرة، من مدن رياضية متكاملة وملاعب حديثة ومرافق سياحية جميلة، من خلال صفحات التواصل الاجتماعي المتنوعة بل أن البعض طالب وعاتب حكوماتهم بأن يكون لهم منشآت كما في البصرة .

كما ان البطولة استطاعت أن تعطي انطباعا رائعا عن الاستقرار الامني الذي تشهده مدينة البصرة، وحالة الامان في تنقل الجمهور الخليجي بحرية وسط حفاوة بصرية  على عكس ما يروج له الاعلام  المؤدلج والذي كرس صورة سلبية في ذهن المواطن الخليجي عن الحالة الامنية.

أما أروع ما أفصحت عنه البطولة فهو التلاحم والوحدة الحقيقية بين شعوب الدول الخليجية على الرغم من معاول الهدم السياسي في جدار الاخوة والجوار بل أن صراعات الحكومات السياسية ليس لها وجود فعلي في قلوب الناس التواقة الى الاخاء والمحبة، وهذا ماعبرت عنه الفعاليات المجتمعية المتنوعة حيث فتح البصريون قلوبهم قبل مضائفهم وبيوتهم  لاستقبال الوفود والجمهور الخليجي .

كما شهدت البطولة العديد من النشاطات الفنية والثقافية والادبية المعبرة عن مدى عمق العلاقة الاخوية والثراث المشترك والذي يجمع دول الخليج العربي.

بعد هذا الحدث الرياضي أصبح لزامًا على المختصين في السياسة الخارجية والعاملين في الدبلوماسية العراقية استثمار هذا التجمع الرياضي الخليجي الى صياغة علاقات جديدة مع دول الخليج تزيل مخلفات الماضي وترسم أجواء دبلوماسية جديدة تمهد لعقد شراكات متعددة المجالات تعبر عن التلاحم الشعبي الفاعل في صنع الدبلوماسية الرياضية.