تنمية الوعي الاجتماعي وقاية من التطرف العنيف المفضي الى الارهاب

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2022-02-14 07:06:43

الباحث \ محمد عباس اللامي

يمثل الوعي الاجتماعي فن العلاقات بين الناس كونهُ مهارة في تطويع عواطف الآخرين متطلباً ذلك وعياً اجتماعياً وقدرات وفعاليات في تكوين علاقات مع الاخرين وقدرات في التأثير فيهم وبث ردود الافعال الجيدة داخلهم وذلك من خلال استراتيجية فعالة في الاقناع والتأثير والاستماع والتواصل مع افكار الآخرين ومقترحاتهم وتقبلها ومناقشتها ومرونة الفرد في تغيير علاقاته الاجتماعية ، فيقوم بتجنب الأفراد والمواقف التي تثير الجانب السلبي في شخصيته ويحرص على التعامل مع المواقف والافراد الذين يثيرون الجوانب والقدرات والسمات الايجابية في شخصية الفرد .
 و التطرف الاجتماعي كظاهرة اجتماعية لايختلف في مفهومه عن التطرف الديني والتطرف السياسي والفكري والنفسي والثقافي , فجميعها تشير إلى مجاوزة حد الاعتدال في السلوك وتشير إلى انه ليس مجاوزة حد الاعتدال أو الخروج عن المألوف , وإنما هو مرتبط بالجمود العقلي والانغلاق الفكري وهذا هو في الواقع جوهر الاتجاه العام الذي تتمحور حوله كل الجماعات المسماة المتطرفة فهو أسلوب قلق للتفكير والذي يتسم بعدم القدرة على تقبل أية معتقدات أو أراء تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة فهو حالة من التعصب للرأي تعصبا لا يعترف معه بوجود الآخرين , وجمود الشخص على فهمه جموداً لا يسمح برؤية واضحة لمصالح الخلق , ولا مقاصد الشرع ولا ظروف العصر ، فالتحديات التي تواجه أي شعب في العالم تترك اثاراً تختلف بشدتها بحسب حجم التحدي ومدى استعداد المواطنين للصمود أمامه فكلما زادت شدة التحدي وتعددت مجالاته ترك اثاراً أسوأ وتداعيات اخطر على مجمل البنى التحتية للمجالات الفكرية ، الاجتماعية ، الاقتصادية ، الثقافية والسياسية .
إن نزوع الفكر المعاصر لتحطيم النموذج العقلي وتقويض النزعة الإنسانية وتهاوي القيم , كان له توافقاته مع الواقع الاجتماعي وما أصاب العالم من هوس الحرب والدمار والفوضى الذي كان له تداعياته على مجمل نواحي الحياة ومنها النفسية والثقافية والفكرية والامنية , حتى أضحت هذه المرحلة توصف بأنها انفجارية , لما أحدثته من هدم للأسس وتحطيم للقوالب وتدمير للأنساق والنماذج وللوعي الاجتماعي دوراً كبيراً في النشاط الاجتماعي لكونهِ يساعد الفرد على تفكيك الافكار المتطرفة والحفاظ على مناخ اجتماعي مريح في المجتمع ويساعد الفرد على العمل بفاعلية في جميع الأنشطة  الاجتماعية واكتساب مجموعة من المهارات التي تمكنه من النجاح في التفاعل مع الاخرين في كل زمان ومكان فهي قدرة الفرد على الإقناع والتأثير على الاخرين ، مستثمرين بذلك  العلاقات الحميمة والتعاطف والقدرة على التعامل مع الافراد المحيطين به لايصال الأفكار الايجابية التي تسهم بالاستقرار المجتمعي لكون هناك ارتباطاً وثيقاً بين الوعي الفردي والوعي الاجتماعي وعلاقتهما هي علاقة فعالة وانتقائية فبعض الأفكار نشأت في وعي الأفراد لتتحول مرة واحدة الى وعي اجتماعي أي انهُ يقوم بوضع نفسه في جماعة .
وان الوعي الاجتماعي يؤثر على الوعي الفردي فالشخص المفرد يرى العالم في العادة بصورة الجماعة ويقيم الواقع والأحداث في وجهات نظر الجماعة ونرى ان طبيعة ومستوى الوعي الاجتماعي أثاراً كبيرة في الوعي الفردي وهذا ما يدعو الى السعي خلفه في تطبيق الاستراتيجات التي تعني بترصين وترميم المجتمعات وتفكك الخطاب المتطرف من خلال زيادة الوعي بمخاطر الارهاب وتكييف المجتمع على التوازن من خلال قيمه ونظمة الثقافية بصفة عامة واتجاهاته وكل موروثه الحضاري والثقافي للأفراد مستثمرين بذلك المؤسسات التعليمية كجزء من الوسيط التواصلي والتنسيق مع المؤسسات الحكومية والغير حكومية لتفكيك التكلسات الفكرية وزيادة الوعي بخطر الارهاب والتطرف  .