تمكين الشباب في مكافحة التطرف وفق القرار الأممي 2535 لسنة 2020

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2020-11-29 08:38:54

د.محمد جبار الكريزي

[email protected]

باحث أكاديمي / قسم دراسات التطرف العنيف   

تمهيد:

     إن تمكين EMPOWERMENT الشباب يأتي في أطار تمكين المجتمع، والتمكين كمفهوم يشير إلى عملية أجتماعية متعددة الابعاد تساعد المواطنين في ان يتحكموا في حايتهم الخاصة، وهو عملية تعزيز القوة التي يستخدمها البشر في حياتهم الخاصة وفي مجتماعتهم، من أجل الارتقاء والنهوض بحياة أفضل.

ويلاحظ ان المقصود بمصطلح الشباب في سياق هذا القرار هو الاشخاص المتراوحة أعمارهم بين (18-29) عاماً.

ويُعد تمكين وحماية الشباب، ولاسيما الشابات واللاجئات في حالات النزاع المسلح، وحالات ما بعد النزاع ومشاركتهم في عمليات السلام، يمكن ان يسهما اسهاماً كبيراً في صون السلم والأمن الدوليين وتعزيزهما، وينبغي أن يكونا عنصراً هاماً في اي استراتجية شاملة لحل النزاعات وبناء السلام.

وربما يتساءل القارئ عن أهمية القرار الاممي 2535 عن القرارات السابقة، التي صدرت عن المنظمة الدولية، إن أهمية القرار الحالي تأتي لتعزيز قدرة الأمم المتحدة على الغاية من تأسيسها، وهي انقإذ ومساندة هذه الأجيال الشابة وخاصة الأجيال المقبلة في مواجهة ويلات الحرب، والتهميش، والبطالة، والتشديد على الدبلوماسية الوقائية، والوساطة، والمساعي الحميدة، وحفظ السلام وبنائه والحفاظ عليه.

إذ يشير القرار الأممي 2535 لسنة 2020، على الدور الرئيس الذي تقوم به المرأة الشابة في إعادة بناء نسيج المجتمع، ومن أجل اعطاء دور للمرأة في بناء منظومة كاملة ومتساوية وفاعلة لجميع مراحل السلام،  وتمكين النساء الشابات من صناعة التغيير في مكافحة الارهاب والتطرف العنيف، إذ يتطلب تذليل الصعوبات وتوفير بعض الامور وفق المحاور الآتية:

  1. التحديات:

    إذ تشير التقارير الدولية إلى تحديات أساسية قائمة، بما في ذلك الحواجز الهيكلية التي تحد من مشاركة الشباب، ولاسيما الشابات، وقدرتهم على التاثير في صنع القرار، وحقوق الانسان، وعدم كفاية الاستثمار في تسير الادماج، ولاسيما عن طريق التعليم الجيد.

وكذلك تواجه المرأة تحديات كثيرة، ومنها: الأمنية، والاجتماعية، والاقتصادية، والاجتماعية، ومن أجل تذليل ذلك يتطلب التواصل المستمر مع النساء الشابات بتوفير التدريب وتقديم المساعدة لهن، وإجراء المقابلات، وإقامة الورش والندوات، وتقديم الاستشارات، لتقليل أوجه عدم المساواة بين الجنسين، والتي تديم جميع أشكال التميز، والعنف، والتطرف.

  1. الإجراءات:

     تهيب الأمم المتحدة بالجهات الحكومية أن تنظر الدول في السبل الكفيلة بزيادة التمثيل الجامع للشباب من أجل منع نشوب النزاعات وتسويتها، فضلاً عن بناء السلام، بما في ذلك اعداد السياسيات والاستراتيجيات، والتفاوض بشان اتفاقات السلام وتنفيذها، وأن تضمن المشاركة الكاملة، والفاعلة، والهادفة للشباب، اعترافاً بان تهميش الشباب ليس في مصلحة بناء السلام المستدام.

ومن الإجراءات الواجب توفيرها من قبل الحكومات للنساء الشابات، هو تمكينهن في المجتمع بوصفهن صانعات للتغير في مكافحة الارهاب والتطرف، فضلاً عن زيادة تمثيلهن في صنع القرار على مستوى الرئاسات الثلاثة والمؤسسات التنفيذية الاخرى، كون التهميش ليس في مصلحة بناء السلام المستديم.

  1. الإطار القانوني:

     إن التزام الدول باحترام وتعزيز حقوق الانسان والحريات الأساسية لجميع الافراد، بما فيهم الشباب، وبضمان المساواة في امكانية اللجوء إلى القضاء، والحفاظ على نزاهة المؤسسات الساهرة على سيادة القانون، وتعزيز بيئة تمكينية وآمنة للشباب العاملين في مجال السلام والأمن، بوسائل منها حماية الحيز المدني والسياسي وإدانة خطاب الكراهية والتحريض على العنف.

إن إشراك المرأة في تطبيق نظام العدالة الجنائية، والامتثال للقانون الدولي بما لايتعارض مع التشريعات الوطنية، للارتقاء بهن في المجالات كافة، إذ يحث القانون الدولي الشباب للامتثال للمواثيق والقوانين الدولية، فيما يخص الحماية المدنية.

 

 

  1. السياسات والاستراتيجيات:

     تشدد الأمم المتحدة على أهمية وضع السياسات للشباب من شانها أن تسهم ايجابياً في جهود بناء السلام، بما في ذلك تحقيق التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، ودعم المشاريع الرامية إلى تنمية الاقتصادات المحلية، وتوفير فرص العمل والتدريب المهني للشباب، والنهوض بتعليمهم، وتشجيعهم على مباشرة الاعمال الحرة والمشاركة السياسية البناءة.

إذ وضعت الحكومة العراقية جملة من السياسات والتشريعات على وفق رؤية مفهوم الأمن الوطني الشامل، ومنها: الاستراتيجية الوطنية للنهوض في المرأة، والاستراتجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، واستراتجية التطرف العنيف، واستراتجية مكافحة الارهاب، واستراتجية اصلاح القطاع الأمني، إذ حرص صانع القرار العراقي على اشراك المرأة في جميع مسارات السياسات والاستراتيجات، والتدريب المهني، والاستشارات من أجل توفير حياة أفضل لهن.

  1. الفضاء الرقمي:

     إن الفضاء الرقمي بانواعه يتيح فرصاً مبتكرة للمشاركة في الحوار والمساءلة، وتحقيق الشفافية في صنع القرار، بما في ذلك السياسات المتاثرة في النزاعات، وان شبكة الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي يمكن استخدامها لنشر المعلومات المضللة، والايديولوجيات الارهابية وفي تهديد المواطنين والاعتداء عليهم، وهناك قلق من استخدام الارهابيين ومناصريهم، في مجتمع معولم للتكنولوجيات الجديدة في مجال المعلومات والاتصالات في اغراض ارهابية.

ويشجيع القرار 2535 لسنة 2020 الدول على أن تمنع بصورة تعاونية الارهابيين من أستغلال التكنولوجيا والاتصالات والموارد للقيام باعمال إرهابية، وعلى أن تحترم في سياق ذلك حقوق الانسان، والحريات الأساسية، والالتزامات الاخرى، التي يقضي بها القانون الدولي.

ومن أجل حماية المرأة من التجنيد الالكتروني وتحصينها أمنياً من العصابات الإرهابية عبر المواقع الالكترونية، ومنصات التواصل الاجتماعي، إذ عملت المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في العراق على تثقيف النساء وزيادة الوعي في مجال الاستخدامات الالكترونية، من أجل الحماية الالكترونية لمنع الارهابيين من استغلالهن عن طريق التكنولوجيا والاتصالات.

  1. إعادة التاهيل:

     إن عملية تعافي الشباب الناجين، ولاسيما الشابات من النزاعات المسلحة جسدياً، ونفسانياً، واعادة ادماجهن أجتماعياً، بما فيهم ذوي الاعاقة والناجون من العنف، عن طريق جملة أمور، ومنها: امكانية الحصول على التعلم الجيد، والدعم الاجتماعي، والاقتصادي، وتطوير المهارات، من أجل استنئاف الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

وتؤكد الأمم المتحدة على إعادة التأهيل والمسؤولية الاساسيىة للحكومات والسلطات الوطنية عن تحديد الأولويات والاستراتيجيات والانشطة المنفذة لبناء السلام والحفاظ عليه وعن الدفع بها وتوجيهها وأن شمول الجميع بطرق، ومنها: كفالة المشاركة الكاملة، والفاعلة، والمجدية للشباب دونما تمييز من أي نوع، مثل التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الاعاقة أو الدين أو المعتقد أو الرأي السياسي أو غيره من الآراء أو الاصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو المواد أو أي وضع آخر، امر أساسي للنهوض بعمليات وأهداف بناء السلام من أجل كفالة احتياجات قطاعات المجتمع كافة.

  1. المجتمع المدني:

     تأتي أهمية المجتمع المدني، بما في ذلك المجتمع المدني المحلي، والشباب، والمرأة، وبناء السلام، والقطاع الخاص، والاوساط الاكاديمية، ومراكز الفكر، ووسائل الإعلام، والقيادات الثقافية، والتربوية، والدينية، في جهود بناء السلام والحفاظ عليه، بوسائل منها زيادة الوعي بتهديدات الارهاب والتصدي لها بصورة فاعلة.

    إن التنسيق والتعاون مع منظمات المجتمع المدني في تقديم الاستشارات ومعالجة المشكلات عن طريق تقديم المساعدة المادية والمعنوية وإجراء المقابلات والاطلاع على واقعهن الاجتماعي، من أجل تعزيز دورهن في المجتمع، فضلاً عن التشجيع على المشاركة المدنية للشباب في إعادة بناء المناطق التي دمرتها النزاعات، وتقديم المساعدة للنازحين وضحايا الحرب، وتعزيز السلام والمصالحة وإعادة الاعمار.