العنف وخطاب الكراهية: مآلات ومعالجات

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2020-09-21 17:32:23

العنف وخطاب الكراهية من المفاهيم العدائية التي تهدد السلم المجتمعي وتنخر نسيج الشعوب والدول , فهي انماط مختلفة من السلوكيات الفعلية او القولية التي تتسم بالعدائية , تصدر من طرف ما قد يكون فرداً أو جماعة أو طبقة أجتماعية , موجها الى الغير بقصد اقصاءه او اخضاعه او استغلاله او توريطه انطلاقا من متبنيات دينية او عرقية او جنسية او عنصرية او أي عامل هوية آخر , في أطار علاقة غير متكافئة ، مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية . كما لا شك في أن ألتأثيرات الاجتماعية السلبية لمظاهر العنف وخطاب الكراهية تتمدد اثارها واضرارها المدمرة لفترات زمنية طويلة ، فضلاً عن الخسائر والعواقب السلبية الاخرى التي تحدث على مستوى الفرد ، والاسرة ، والمجتمع . وبالطبع فإنه لا تقتصر تلك السلوكيات على العنف الجسدي , وانما يمتد أثر تلك السلوكيات الى تدمير الشخصية وإلغاء الهوية وتفكيك النسيج الاجتماعي الواحد على المدى الطويل بأتباع سلوكيات عنفية بأتجاه الفرد كالسيطرة على سلوكه والتحكم فيه والتأثير على عقائده الدينية والاجتماعية ، أضافة الى العمل على عزله عن المجتمع والسيطرة عليه , وخاصة التأثير في الطبقات المهمشة والبسيطة ثقافيا , فهذه الطبقات الاجتماعية تكون عرضة للتأثير عليها عبر عمليات الاقناع والتأثير والتوجيه والاغراء في محاولة لمحو القيم والمفاهيم الجوهرية الاصيلة لمناحي الحياة الاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية . وعلى هذا الاساس فإن الحفاظ على العادات والتقاليد والقيم الانسانية السامية وتدعيمها سيكون له دور فاعل  لمواجهة حالات العنف ومحاربة الممارسات الضارة التي تتعدد بتعدد مجالاتها ومصادرها وغاياتها .

إن مظاهر الاحداث الراهنة والمتمثلة بتصاعد وتيرة مظاهر العنف وخطابات الكراهية والتحريض هو ما يدفعنا لمناقشة نقطة هامة في هذا السياق والبحث عن مصادر العنف وهو تنامي روح الكراهية مما يستدعي إعادة النظر بالمنظومة الاجتماعية وتحديثها بصورة تتناسب مع متطلبات الوضع الحالي و وتطلعات المستقبل مع تعزيز دور الدولة وتمكينها لإيجاد بيئة حامية للمجتمع تؤدي دوراً واضحاً في تحديد مدى قدرة التجمعات الانسانية على التعاون والتعايش السلمي مع بعضها . يعد خطاب الكراهية سواء كان تعبيراً شفوياً او مكتوباً , يمكن ان يؤدي الى اعمال عنف وجرائم كراهية ضد الافراد والجماعات , ومع ان بعض التصريحات والخطابات قد لا تحرض على العنف بشكل مباشر , الا انها يمكن ان تنشر بذور التعصب والغضب التي تؤدي الى اضفاء الشرعية على اعمال الكراهية وبالتالي وقوع العنف . لذلك يقع ضمن مسؤولية الحكومة منع التحريض وحماية افراد المجتمع من الجرائم العنيفة الوحشية وهذا لا يقتصر على الحكومة فقط ، وانما تقع المسؤولية على فئات المجتمع بكل اطيافه  لمواجهة خطاب الكراهية من خلال رسم السياسات والتخطيط العلمي الممنهج لمعالجة المشاكل الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية وتدعيم العمل الجماعي والتكافل المجتمعي وصولا الى تحقيق السلم المجتمعي ونبذ الكراهية.

 لذا فأن أهم التحديات التي تواجهها الدولة هي خطاب الكراهية والذي يستهدف فئات عرقية أو دينية أو جنسية ، وقد يتخذ هذا الشكل من الخطابات اشكالا متعددة كالتحريض والتجييش والقدح والذم والاقصاء , وقد لعب الاعلام ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي دوراً فعالاً في انتشار هذا الخطاب على الرغم من أن أغلب الدساتير في العالم قد كفلت للانسان حرية التعبير والذي كان واضحاً في المادة  (19)في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية ، والذي من خلاله وضع المجتمع الدولي قيوداً على خطاب الكراهية (القومية ، والعنصرية ، والدينية ) وأي شكل من اشكال التمييز أو العداوة أو العنف , وان بعض الحكومات في عدد من الدول قد وضعت أطراً قانونية سليمة بشأن مواجهة خطاب الكراهية للعمل ضد مرتكبيه واحترام كرامة الانسان .

ولمواجهة  خطاب الكراهية علينا إتباع الآتي :-

  • تشجيع صانعي السياسات والقرارات على اتخاذ اجراءات حازمة وصارمة ضد هذا النمط من الخطابات التي تشجع على الكراهية وتؤدي الى ممارسات عنيفة في المجتمع .
  • رفع مستوى الوعي للفرد والاسرة والمجتمع وتثقيفه بشأن مخاطر التمييز والتعصب في الخطابات السياسية والدينية عن طريق الاستمالات العاطفية .
  • الابلاغ عن المنشورات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر الشائعات او المعلومات الكاذبة .
  • دعم الافراد أو الجماعات وحمايتهم وتحصينهم من مخاطر خطابات الكراهية .
  • العمل على تشكيل فريق الرصد والانذار على الصعيد الوطني والمحلي لرصد خطابات الكراهية واشكال التحريض على العنف ومعالجتها تقنياً .
  • دعم المؤسسة التربوية والتعليمية من خلال تعديل بعض المناهج الدراسية او استحداث مناهج دراسية جديد من شأنها تحصين الفرد والمجتمع من الانخراط في تلك الخطابات واشاعة خطاب الحب والتسامح والانسانية .
  • اقامة الدورات والورش والندوات للهيئات التعليمية وفئة الشباب وطلبة المدارس لأشاعة ثقافة التسامح وقبول الاخر المختلف والتثقيف بلغة الحوار ونبذ خطاب الكراهية .