تلوين الحقائق وتضخيم الوقائع

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2020-08-31 07:38:38

                             
د. مثنى الغانمي
استاذ الاعلام الدولي

لا اخفي عليكم عند شروعي بكتابة المقال جالت في خاطري قصص وحكايا جرى اطلائها بالمدلولات اللغوية والتعبيرية ما هو كاف لتغيير مسار علاقات دولية او خلق منافسات ومناكفات بين اطراف شعبية داخلية على مستوى العراق او دول اخرى.

وبالرغم من كثرة تلك القصص بيد أن قصة الفتاة الكويتية (نيرة) ذات الخمسة عشر عاما كانت الاكبر من حيث كمية المعان والالوان التي اصطبغت بها لشيطنة صورة المقاتل العراقي إبان غزو صدام الكويت.

حيث حرصت وسائل الاعلام الأميركية على نقل نص ما ادلت به نيرة في اكتوبر ١٩٩٠ قائلة "ان جنودا عراقيين دخلوا مستشفى الكويت واخذوا حاضنات لاطفال حديثي الولادة بعد رميهم للاطفال على الارض حتى ماتوا وكانوا بالمئات!"

طبعا هذه الحادثة نقلتها وسائل الاعلام الغربية والعربية ولونتها وضخمتها حتى اثرت بالرأي العام العربي والاسلامي والعالمي لدرجة ان الرئيس الامريكي بوش الاب ذكرها في كلمة شهادة امام الكونغرس وبذلك اشارة الى نجاح عملية تضخيم الوقائع، ومن المفارقات ان اكبر عملية نصب جرت على الشعوب العربية ولم يجرِ الحديث عنها من أن نيرة هي بنت السفير الكويتي في واشنطن سعود ناصر الصباح والامر كان محل تلوين وتضخيم جرى بترتيب مع اطراف غربية.

المهم بذلك ان العراق ومنذ ايام صديقتنا بنت سعود كان وما زال ساحة لكل الوان الطيف الشمسي للتضليل الاعلامي ولوحة متاحة لكل عمليات تغيير ملامح الواقع عبر ماكنات اعلامية عراقية واجنبية تحاول تلوين ايام العراقيين بلون اجندات سياسية تخدم مصالح ومشاريع جهات وشخصيات داخل وخارج الحدود.

وما يزعج ويقلق مع التثبت ان حربا اعلامية ناعمة تستهدف العراق نسبة ليست بالقليلة من العراقيين تتماهى ونغمات ودغدغات هذه الحرب التي تتمثل بخطاب انساني محذر من مجاعة قد يتعرض لها العراق بسبب التذبذ باسعار النفط وفايروس كورونا تارة او باتفاقات ثنائية متعددة النشاطات تارة اخرى وجل العراقيين اكشتفوا ان اهم ما حصلوا عليه بعد ذلك هو عداء عربي لتجربتهم بعد سقوط صدام ومن ثم التحول الى خطاب الارتهان الايراني!

واذا ركز احد منا بهذه الخطابات نلاحظ ان اعلام نيرة والتلوين ما زال مستمرا بحملة تشويه وازالة الرمزية فما انفكت بعض الوسائل الاعلامية خصوصا بعد دخول جماعات داعش الارهابية الى الموصل وانكسار الجيش العراقي لظروف معروفة لدى اغلبنا الى ابراز صور داعش وتناول اخباره ضمن اطر البطولة والنصر في وقت جرت التغطيات الاخبارية والتقارير الصحفية باطر الهزيمة والانكسار، وذات الوسائل لم تتناول حتى على مستوى المحاولة اخبار الانتصارات التي حققتها القوات الامنية والحشد الشعبي بتاريخ لاحق في مناطق شمالية وغربية وهذا بحد ذاته محل استغراب واستهجان لان ساستنا يؤكدون ان علاقتنا اصبحت طيبة مع مسؤولي نيرة والقريبين منها جغرافيا ! ومع اكتشافنا الحقيقة واستمرار حملات الاستهداف التلفزيونية والالكترونية لثوابتنا وغياب آليات الرد ستنمو الحملات نحو ما هو ابعد واقدس والحليم تكفيه الإشارة.