المجتمع الافتراضي ومتطلّب الأمن الالكتروني

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2019-06-24 16:04:16

 

د. محمد وليد صالح

باحث اكاديمي

 

تصعب ملاحقة قطار التغييرات الجذرية التي تحدثها تطورات التقانات الرقمية سواء أكانت اجتماعية أم ثقافية أم سياسية، والتي باتت من أبرز سمات العصر، وفي سياقها اصبح مألوف القول ان الشبكات الرقمية توافر كماً هائلاً من المعلومات الحيّة على مدار الساعة، إذ يجعلها سيدة اللعبة في السباق الإعلامي إلى حد كبير.

وإنما الدرس في توظيف هذه الامكانيات الهائلة لصالح الأفراد والمجتمعات، والشيء الأكيد ان أسلوب حياتنا سوف يتغير نتيجة استعمال هذه التكنولوجيا، ويتحقق ذلك اذا تمكنا من السيطرة على عناصر التكنولوجيا لصالح البشرية، بدلاً من ان نجعلها تتحكم فينا.

وأصبحت حرية التعبير واحدة من لوازم الحديث عن حاضر العالم ومستقبله، فإن الإعلام الجديد أو ما يسمى بـالإعلام البديل فتح ابوابه للجميع ليكتب أفكاره ويعبر عن آرائه بحرية تامة، بعد تغير الأشكال التقليدية للاتصال والتفاعل.

لذا يتطلب انتقاء محتوى الرسائل والنماذج المراد اعتمادها ومحاولة تطويعها بما يتناسب وطبيعة مدركات الجماهير والظروف المجتمعية، وبهذا يمكن استثمار وسائط الاتصال التي تمكّن من إحداث نتائج ايجابية لإدراك المصلحة المشتركة وفائدتها لتحقيق اهداف المجتمع، ويأتي فهمنا للعمليات الاتصالية والتفاعلية استناداً إلى ان مستوى السلوك الاجتماعي يفرض نفسه على اذهاننا، في إطار ارتباطه بالوحدة الاجتماعية التي ينتمي إليها الإنسان كالجماعة أو النظام الاجتماعي، سواء أكان القربى أم التربوي أم السياسي أم الاقتصادي أم الترفيهي.

فالمجتمع الافتراضي أصبح يتناقل كميات كبيرة من البيانات والمعلومات والمعارف والعمل على تقديم خدمات الكترونية عابرة للحدود بين الدول والقارات، أسهم ذلك في تسارع وتيرة التكامل الاقتصادي والتحوّل إلى اقتصاد المعرفة، وظهور صناعات معرفيّة تتسم بسرعة التطور التكنولوجي والقدرة على تحقيق معدلات ربحيّة مرتفعة، وزيادة فرص التعلّم والحصول على المعرفة وتجاوز الحدود الجغرافية لكل من المتعلم والمركز التعليمي، وإنشاء مواقع للتعليم عن بعد.

إذ ترتكز مقومات الدولة الحديثة على وفق النظام الدولي الجديد على أهم ثلاث قوى رئيسة (قوة الإعلام والمعلومات، القوة الاقتصادية، القوة العسكرية) وتعد أساس بقاء الدولة العصرية ووجودها واستمرارها، حتى اصبحت تقاس القوة الفعلية والحقيقية لأي دولة في العالم بمدى حجم وامكانيات ما تملكه منها، في ثلاثة ميادين مهمة وهي كالآتي:-

1- وسائط الإعلام الرقمية.

2- التفاعلية الاتصالية.

3- وسائط ربط عن بعد للأنشطة الشخصية.

وأصبح العالم أمام نمط جديد يعتمد في نفوذه على التطوّر المعرفي بعامة، إذ يتعاظم دور صناعة المعلومات بوصفها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاد الحديث، ويمكن القول ان المعرفة تعد العنصر الرابع لمصادر الثروة بعد ان كانت محصورة في الأرض (الموارد الأولية)، ورأس المال، والقوة العاملة.

 

الوسائط المتعددة

ويتضح مما سبق ان اهداف الأمن الالكتروني في اطار الأمن الوطني تشير إلى حماية النظم والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية في الفضاء السيبراني، للوصول إلى المعلومات المهمة والشخصية أو تغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستعملين أو مقاطعة العمليات التجارية، والحذر من المرافقات ذات المصدر المجهول في البريد الالكتروني، والحرص على عمل النسخ الاحتياطي للبيانات، عبر هذا النهج الذي يتكون من مراحل متعددة للحماية تنتشر في أجهزة الكمبيوتر أو الشبكات أو البرامج مثل تركيز اختيار كلمات مرور، وكذلك فهم مبادئ أمان البيانات الأساسية والامتثال لها، من طريق الجوانب الآتية:-

أولاً: وسائط الإعلام البديلة تؤدي دوراً حيوياً على مستوى المجتمعات المحلية، إذ تمكن اعضاءها من الوصول إلى نظام إعلامي بديل وتزودهم بالخطابات والخيارات البديلة، التي غالباً ما تكون غائبة في الإعلام الرسمي، إذ تعد هذه الوسائط ومنها المنظمات غير الحكومية بوصفها أطرافاً مجتمعية فاعلة.

ثانياً: ان المجتمع يتواصل عبر الوسائط الالكترونية المتعددة التي تتيحها تقانة الشبكة العالمية للمعلومات، وبفعل سمتها الاتصالية التفاعلية من طريق الآراء المتبادلة الفورية وتنظيم المنتديات العلمية، والمناقشات الهادفة إلى ترسيخ روح الحوار العلمية والثقافية والأدبية، فضلاً عن تأسيس فريق عمل الاتصال التعليمي الأكاديمي الدولي والتعاون في ميدان البحث العلمي.

ثالثاً: تكمن أهمية الأمن الالكتروني في عالمنا المترابط بوساطة الشبكة ويستفيد الجميع من برامج الدفاع السيبراني، فمثلاً على المستوى الفردي يمكن أن يؤدي هجوم الأمن السيبراني إلى سرقة الهوية أو محاولات الابتزاز أو فقدان البيانات المهمة، كما تعتمد المجتمعات على البنية التحتية الحيوية مثل محطات الطاقة والمستشفيات وشركات الخدمات المالية، لذا فإن تأمين هذه المؤسسات وغيرها أمر ضروري للحفاظ على عمل مجتمعنا بطريقة آمنة وطبيعية.