رئيس الجمهورية في العراق / جدل الخلاف والمسؤولية

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2019-01-27 16:37:49

 

 

تمارا كاظم الأسدي

باحثة متخصصة في الشؤون الدولية- العراق

ماجستير علاقات دولية وسياسة خارجية

كلية العلوم السياسية الجامعة  المستنصرية

 

مع انتخاب الدكتور برهم صالح رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس المنتهية ولايته الدكتور فؤاد معصوم، فإن مسألة من يشغل الرئاسات الثلاث في العراق تكون قد حسمت، ليصبح الدكتور برهم صالح الرئيس الثامن في تاريخ الدولة العراقية المعاصرة بعد كل من (عبد السلام عارف، عبد الرحمن عارف، احمد حسن البكر، صدام حسين، غازي عجيل الياور، جلال الطالباني، فؤاد معصوم).

ويأتي انتخابه عقب انقسام كردي بين الأحزاب الرئيسة، نتيجة عملية الاستفتاء حول انفصال إقليم كردستان عام 2017، التي قادها الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأدت الى زعزعة ثقة الكرد برئيس الإقليم مسعود البارزاني لإثارته أزمة الاستفتاء مما جعل حلم الوصول إلى وحدة كردية قادرة على تمثيل إقليم كردستان امراً معقداً.

كما أن الخلافات السياسية جعلت من المتعذر أن يتم انتخاب فؤاد حسين رئيساً للجمهورية، بملاحظة انغماره الشديد في مشروع الاستفتاء، وبالتالي تقلصت قدرة الأحزاب الكردية على التأثير في بغداد، وهذا ما تُرجم الى فشل في الوصول إلى حالة من التوافق بين القوى الكردية والخروج بمرشح واحد لرئاسة الدولة العراقية لإصرار الطرفين على تمرير مرشحهم دون غيره.

قاد الاختلاف هذا الى أن تضطر هيئة الرئاسة في البرلمان العراقي إلى حسم عملية انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق فسح المجال لتصويت عام لجميع الكتل السياسية بالاعتماد على أصوات ممثليها داخل البرلمان، وهكذا عبرت عملية توافق الأحزاب في مجلس النواب العراقي على انتخاب رئيس الجمهورية بما ينسجم مع عملية الإرضاء المكوناتي لاستدامة العملية السياسية.

بالمقابل أظهر غياب التوافق الكردي في أختيار رئيس للجمهورية في البرلمان العراقي ونجاح عملية انتخاب الدكتور برهم صالح من قبل الأحزاب العراقية غير الكردية عن مدى ارتباط إقليم كردستان سياسيا وإداريا مع أسس وآليات النظام المركزي في بغداد،  على الرغم من محاولات التقسيم في ظل توهم القدرة على الانفصال والاستقلالية عن العراق.

ويتفق الجميع على أن امام الرئيس الجديد تحديات وأزمات متراكمة ومزمنة عليه مواجهتها أبرزها مرحلة الصراع السياسي في إقليم كردستان الناجمة عن انتخابه التي تعمقت فيها الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسة وتهدد بترسيخ تقسيم الإقليم وتنقل آثارها على المشهد العراقي برمته بعد أن شن الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني حملة من الانتقادات الحادة على طريقة اختيار رئيس الجمهورية، بعد أن تعززت قدرة عائلة البارزاني وتمكنت من السيطرة التي على إقليم كردستان، وانفرادهم بتمثيل الإقليم والفوز بانتخابات برلمان الاقليم نتيجة الانقسامات الـتي أضعفت الاتحاد الوطني الكردستاني بعد وفاة الرئيس جلال الطالباني.

تزامن ذلك مع عدم قدرة حركة المعارضة الكردية المتمثلة بحركة التغيير (كوران) والحركات الأخرى على فرض وجودها على المشهد السياسي الكردي بما أضعف الاقليم في بغداد، فضلاً عن أوضاع البلد سواء الداخلية المتمثلة بطريقة العمل السياسي، أو الضغوط الإقليمية والدولية على العراق قد تجعل إمكانية تأديته لدور هام أمراً صعباً لاسيّما في ظل التنافس مع النخبة السياسية الناجمة عن أختلاف طبيعة تفكير رئيس الجمهورية الاقتصادية التنموية التي قد لا تتفق مع بعض السياسيين الذين يسعون لتحقيق بعض المصالح.

لذلك فإن السنوات الأربعة القادمة ستبقى هي المحدد لمدى نجاح رئيس الجمهورية في الحكم وستحدد قدرته على استثمار مقبوليته السياسية لإعادة توجيه الوضع السياسي العراقي داخلياً وخارجياً، ومدى تعاونه مع النخب السياسية الحاكمة وانسجامه مع رئيس الحكومة من أجل أن نقل البلاد إلى واقع أفضل.