الوقاية من التطرف

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2018-12-18 20:45:42

 اللواء الركن  

خالد البياتي   

قسم دراسات التطرف العنيف

   التطرف ظاهرة من ظواهر العصر التي  تصيب المجتمعات  لها علامات واعراض ونستطيع الوقاية منها باستخدام التعددية الثقافية من اجل مقاومتها .

من اهم اعراض هذه الظاهرة  الشعارات والعبارات التي تسيء الى المجتمع حيث يشعر الفرد انه ينتمي الى فئة الحق ضد الباطل مما يجعله يجمع ويحشد افراد يؤيدونه ليستخدمهم ضد اي مخالف للراي وبهذا تتنامى لدى المريض خطابات الكراهيه ضد الاخرين وبشكل خاص ضد الاقليات ورفضه للجميع باعتبارهم شركاء في النظام الاجتماعي . هذه الاعراض يمكن معالجتها بالاستجابة الفكرية والمناظرات في المحافل العامة لتفنيد هذه الاعراض والعمل على تاهيل المريض للعودة الى الحياة الاجتماعية وبشكل تدريجي من مبداء الحفاظ على السلم الاهلي والمجتمعي .

وصفت تعريفات عديدة لتطرف العنيف المؤدي الى الارهاب  والتي يمكن جمعها في التعريف التالي (( هو كل فعل او قرار او موقف فردي او جماعي ناتج عن قيمه او فكرة او راي او معيار متشدد ومنحرف عن الاستقامة والاعتدال يفرض بالقوة لاحداث تغيير ايديولوجي في المجتمع ويؤدي هذا بشكل مباشر او غير مباشر الى ترويع فرد او جماعة او دولة لتحقيق اهداف لا تجيزها القوانين المحلية والدولية ويشكل اساءة لمقاصد الامم المتحدة ومبادئها من خلال تقويض السلام والامن وحقوق الانسان والتنمية المستدامه ويشكل تحدي لقيم السلام والعداله والكرامة الانسانية التي يشترك فيها البشر ويشكل خطرا عليهم )) ان هذا التعريف سوف يغطي جميع الاعمال الهادفة الى منع ومكافحة التطرف العنيف المؤدي الى الارهاب . اذ تستوجب مكافحة الارهاب جهود تكتيكية لاحباط الهجمات الارهابية . وجهود استراتيجية لمكافحة الراديكاليه المتطرفة التي تغذي الكراهيه والعنف .

يعد التطرف اليوم جذابا بالنسبة الى مواليد الالفيه الثالثة نظرا لانه يقدم خطابا بسيطا حيث يغازل القيم والهموم التي يمر بها الشباب . فالشباب هم الفئة المستهدفة الاقوى للتطرف من هنا تقع على عاتق الجهات ذات العلاقة العمل الاستباقي للوقاية والمعالجة لهذا الجذب الذي اذا انتشر فانه مثل  السرطان يضرب جسد المجتمع حتى عند قلعه فمن المحتمل ان يظهر في مكان اخر .

ان الوقاية الحقيقية يجب ان تكون من خلال البرامج المسندة على القيم المجتمعية التي نعيشها والتي تفسح المجال الى قبول ثقافات ومعتقدات الاخرين لكوننا نعيش في نفس البيئة والتي في عمقها الديني والمذهبي مبدأ التسامح والسلام وتؤسس لثقافة القبول بالاخر المختلف والاعتراف بالخطأ .

 وتقع على الاكاديميين والزعماء السياسيين والدينيين الريادة في مواجهة الخطابات الرنانة للتطرف العنيف وبناء الثقة بين افراد المجتمع وعدم الانجراف العاطفي بالاضافة الى تعزيز الحوار على القدرة الفكرية بالمناقشة والتشكيك بالحجج والذهاب الى الحداثة والتفكير المعمق بالقيم والتقاليد لدحر التفسير الخاطئ او المقطع الذي يفسر بالدفع للتطرف العنيف المؤدي الى الارهاب .

 ان مكافحة التطرف العنيف لا تفي بالغرض - بل نحن بحاجة إلى درء هذا التطرف ، إذ يتطلب الأمر منا تفعيل أوجه "القوة الناعمة" ليتسنى لنا درء التهديد الذي تسوقه التفسيرات المشوهة للثقافة والكراهية والجهل .اذا لا أحد يولد متطرفاً يهوى العنف - فالمتطرف العنيف يُصنع ويُحقن بالنار. ويجب البدء بإزالة الطابع الحربي من عملية انتشار الفكر المتشدد في إطار حقوق الإنسان وسيادة القانون، والحوار العابر  الحدود، وذلك من خلال تمكين جميع الشباب، وينطلق هذا التمكين من مقاعد الدراسة . . .