القدرات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي

التصنيف: دراسات

تاريخ النشر: 2018-09-16 20:25:11

الدكتور حازم صدام السوداني / قسم الدراسات الاقتصادية

تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي الستة(السعودية، الكويت، الامارات، قطر، البحرين، عمان)، بالعديد من القدرات الاقتصادية التي تجعلها من اهم بلدان العالم من الناحية الاقتصادية، وتتمثل تلك القدرات في توفر المواد الخام النفطية، إذ برزت دولها ككتلة نقدية؛ بسبب وفرة مدخراتها المالية المتأتية من انتاج النفط، حيث تُعدّ منطقة الخليج العربي من المناطق الرئيسة في انتاج النفط بالعالم، حيث يتم استخراجه من مناطق قريبة من سطح الارض، كما تتميز أباره بغزارة إنتاجها، فضلاً على نوعيته الجيدة، وقربه من مناطق الاستهلاك.

ولاستعراض اهم القدرات الاقتصادية سيتم التركيز في موارد الخام الطبيعي كالنفط والغاز، من خلال ما تمتلكه تلك الدول من احتياطات هائلة، فضلاً على الكميات المنتجة، وحجم التجارة البينية بينهما، وكذلك حجم ونوعية الاستثمارات، والنمو الاقتصادي، ونصيب الفرد من الناتج المحلي على مستوى دول المجلس، وعلى النحو الآتي:

  1. النفط والغاز الطبيعي

تمتلك دول مجلس التعاون أكبر احتياطي من النفط في العالم يقدر بنحو(500) مليار برميل، اي ما يعادل(41%) من احتياطي منظمة اوبك، وكذلك التي تضم كبريات الدول المنتجة للنفط، مثل: العراق وايران وفنزويلا وليبيا([1])، والمقدر بنحو(1.277) مليار برميل، ويتركز معظم الاحتياطي النفطي في دول مجلس التعاون بالمملكة العربية السعودية التي تستأثر بنسبة(53.6%)، اي بنحو(265.9) مليار برميل، وهو ما يمثل(20.8%) من الاحتياطي العالمي، تليها دولة الكويت التي تصل حصتها الى(101.5)مليار برميل، اي ما يشكل نسبة(7.9) من الاحتياطي العالمي([2])، الامر الذي يضاف للأهمية النسبية العالمية للقطاع النفطي الخليجي، وبشكل أكثر دقة لدى دول مجلس التعاون الخليجي.

كما أبقت دول مجلس التعاون الخليجي الست على مستوى احتياطاتها المؤكدة من الغاز الطبيعي، والتي قدرت في اوائل العام(2017)، بنحو(22%) من اجمالي الاحتياطي العالمي، إذ تمثل تلك النسبة احتياطياً خليجياً ضخماً يقدر بنحو (418)مليار متر مكعب، وثمة تفاوتات كبيرة في حجم احتياطي الغاز الطبيعي بين البلدان الخليجية في العام(2015)، حيث تتوفر كميات الاحتياطات الهائلة في دولة قطر، في حين نلحظ اقل الاحتياطيات في دول المجلس موجودة في البحرين، حيث تتميز قطر ايضا في احد الجوانب المهمة في قطاع الغاز والنفط، وتحديداً الغاز الطبيعي المسال، والذي بدوره يشكل نسبة(31%) من تجارة الغاز، وتُعدّ قطر أكبر مصدرة للغاز الطبيعي المسال بلا منازع، إذ تسيطر على(32%) من مجموع الغاز المصدر الى العالم، ويؤكد تقرير بريتيش بتروليوم: ان الطاقة الانتاجية في قطر تبلغ في الوقت الحاضر(77)مليون طن سنوياً، وبمقدور قطر تعزيز مستوى الطاقة الانتاجية للغاز الطبيعي المسال في حال سمحت قوانين العرض والطلب بذلك([3]).

 

  1. انتاج النفط والغاز

لم تقم دول مجلس التعاون الخليجي بتخفيض معدلات انتاجها من النفط الخام خلال العام 2015، وقد ابقت على حصصها السوقية الموحدة في العام(2014)، والتي بلغت انتاجها(17.2) مليون برميل يومياً، بل قامت المملكة العربية السعودية برفع سقف انتاجها من النفط الخام تدريجياً، وبما يقارب المليون برميل يومياً، وقد بلغت ذروة الانتاج  بمعدل(10.56)مليون برميل يومياً في حزيران من العام (2015)، وقامت الامارات العربية المتحدة بزيادة انتاجها الى(300)الف برميل يومياً، في حين أظهرت الكويت اختلافاً طفيفاً، وبمعدل(2.8) مليون برميل يومياً، وبلغ انتاج عمان مليون برميل، في حين انتجت قطر(700) الف برميل يومياً. اما البحرين فلم يتجاوز انتاجها(600)الف برميل يومياً([4])، ويوضح الجدول(5) الترتيب العالمي لمجلس التعاون الخليجي في انتاج النفط للعام(2015).

اما مجمل الكميات المصدرة من الغاز الطبيعي بنوعيه: المُسال والغازي على المستوى العالمي فقد وصل في العام(2015)، الى نحو(409.4) مليار متر مكعب، وهو يحتل المرتبة الثالثة عالمياً([5]).

 

  1. النمو الاقتصادي

حققت دول مجلس التعاون العربية نمواً في الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الجارية بلغ (1.0%) خلال العام(2014)، مقارنة بالعام(2013)، إذ ارتفع من (1.62) ترليون دولار في العام (2013)، الى (1.64) ترليون دولار في العام (2014)، بزيادة تقدر بـ(16.5) مليار دولار، وجاءت دول مجلس التعاون في المرتبة الثانية عشرة عالمياً من حيث حجم الناتج الاجمالي، والمرتبة نفسها التي كانت في العام (2015)([6]). اما نصيب الفرد من الناتج المحلي على مستوى دول المجلس فقد سجل ارتفاعاً بلغ نحو (32.5) الف دولار في العام (2014)، مقارنة بـ (25.6) الف دولار في العام (2010)، في حين سجل نصيب الفرد من الناتج المحلي على مستوى العالم نمواً قدره (13.4%) في العام (2014)، مقارنة بالعام (2010)، إّلا انه انخفض في العام (2015)، وذلك بسبب هبوط اسعار النفط([7]).

 

  1. التجارة الداخلية والخارجية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية

يشكل واقع التجارة الداخلية الخارجية لمجلس التعاون الخليجي وجهاً مهماً من أوجه تعزيز التعاون بين دوله، إذ يوضح حركة الصادرات السلعية وتطورها، فضلاً على الهيكل الرئيس لهذه الصادرات، الامر الذي يعكس مستوى تطور الناتج المحلي الإجمالي في دول المجلس، وذلك على النحو الآتي:

  • التجارة البينية وحجم التبادل التجاري:

اسهمت السياسات الاقتصادية والتجارية التي أقرّها مجلس التعاون في تنمية التجارة البينية بين دول المجلس، إذ بلغت قيمة التجارة البينية(94.49) مليار دولار لعام(2014)، في حين كانت(80.2) مليار دولار في العام(2010)، وبنسبة قدرها (17.8%)، وترجع تلك الزيادة في جانب اساس الى ما سبقت الاشارة اليه من قرارات اتخذتها الدول الاعضاء لإزالة المعوقات قبالة التبادل التجاري، وتيسير انتقال المنتجات والسلع فيما بينها([8]).                          

  • التجارة الخارجية:    

أما بالنسبة للتجارة الخارجية، فإنّ دول مجلس التعاون تحتل مرتبة متقدمة على سلم الدول المصدرة للسلع خلال العام (2014)، إذ بلغت قيمة اجمالي الصادرات (860.7) مليار دولار في العام (2014)، محققة المرتبة الخامسة عالمياً بعد الصين والولايات المتحدة الامريكية والمانيا واليابان، وهي المرتبة نفسها التي احتلتها في العام (2013)، بإجمالي صادرات بلغ (938.7) مليار دولار، وقفز حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون ودول العالم من (911.6) مليار دولار في العام (2010) الى (1.336.7)مليار دولار في العام (2014)، اي بنسبة زيادة قدرها (46.7%)، الامر الذي يعكس اهمية دول المجلس في التجارة الدولية، ومن ثم الثقل الذي تمثله اقتصاديات دول المجلس على المستوى العالمي، فلقد بلغت قيمة صادرات دول المجلس الى العالم الخارجي (589.8) مليار دولار في العام (2010)، ثم ارتفعت الى (860.7) مليار دولار في العام (2014)، اي بنسبة بلغت (45.9 %)، إذ يمثل النفط العنصر الرئيس في تلك الصادرات([9]). وقد اصبح حجم التبادل التجاري بين دول المجلس ومجموع العالم في العام (2015)، بنحو(1.022.3).

 

  1. الصناديق السيادية

تحتل الصناديق الاستثمارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج اهمية كبيرة على المستوى العالمي، إذ احتلت تلك الصناديق مراتب متقدمة حسب تصنيف الموقع الرسمي للصناديق الثروة السيادية والمعاشات(SWF)، واحتلت الدول الخليجية في اخر نشرة لها في العام(2017)، مراكز متقدمة بالنسبة للصناديق السيادية العالمية.

وحظيت كل من: السعودية والامارات وقطر والكويت بالنصيب الاكبر في استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في الخارج، إذ امتازت تلك الدول بوجود فائض في الحسابات الجارية، فضلاً على وجود احتياطي اجنبي ضخم في صناديق الثروة السيادية، وتتبع بعض تلك الصناديق استراتيجية متنوعة من المحافظ الاستثمارية، مثل: جهاز ابو ظبي للاستثمار، والهيئة العامة للاستثمار بالكويت، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وتأتي الدول الاربع الاغنى بين دول مجلس التعاون الخليجي بأعلى ارصدة استثمار اجنبي مباشر، حيث تحتل الامارات المركز الاول بين تلك الدول، وتأتي البحرين وعمان في المراكز المتأخرة([10]).

 

  1. الاستثمار الاجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي

تحظى دول مجلس التعاون الخليجي بنصيب الاسد في الاستثمار الاجنبي المباشر في غرب آسيا مع مشاركة بارزة من جانب تركيا، حيث تمتلك السعودية والامارات حالياً اكبر حصة من الاستثمار الاجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يُعدّ ذلك خير دلالة على نجاح استراتيجياتهما التي تتنوع بين صناعة البتروكيماويات والصناعات الثقيلة مثل الالمنيوم وتعدين الفوسفات الى جانب النجاح ايضاً في قطاع الخدمات والسياحة والفوسفات، كما هو الحال في نموذج الامارات، وغالباً ما يتم اجراء تلك المشاريع بالتعاون مع شركات اجنبية([11])، ولتأسيس نموذج التنمية في دول مجلس التعاون الخليجي على أسس اكثر استدامة، فإنّه يتعين وجود استثمارات على نطاق واسع في مجالات توليد الطاقة والبنية التحتية والنقل وكفاءة الطاقة والمياه. وقد نجحت شركات الانشاءات في كوريا الجنوبية، مثل: دايليم وال جي وهيونداي وغيرها من الاستحواذ على نسبة كبيرة في ذلك السوق، اذ وقعت شركات من كوريا الجنوبية في المدة من العام(1965)، الى العام(2014)، عقود انشاءات عبر العالم تقدر قيمتها بأكثر من (500) مليار دولار أمريكي، إذ مثلث الطلبات القادمة من الشرق الاوسط (60%) من ذلك المبلغ، في حين حازت السعودية على الحصة الاكبر بعدد(8638) مشروع تبلغ قيمتها (50) مليار دولار([12]).

 

  • الخاتمة:

مما تقدم، نستنتج أن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بقدرات اقتصادية كبيرة تجعلها من اهم بلدان العالم من الناحية الاقتصادية، وذلك بسبب وفرة مدخراتها المالية المتأتية من انتاج النفط والغاز الطبيعي، فهذه المنطقة الجغرافية الحيوية تمتاز بتوافر خاماتها النفطية عالية الجودة، واحتياطها الكبير من الغاز الطبيعي، حيث تُعدّ منطقة الخليج العربي من المناطق الرئيسة في انتاج النفط بالعالم، حيث يتم استخراجه من مناطق قريبة من سطح الارض، كما تتميز أبارها بغزارة إنتاجها، فضلاً على نوعية نفطها الجيدة، وقربه من مناطق الاستهلاك، وكذلك ما تمتلكه تلك الدول من احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي والكميات الكبيرة المنتجة منه، ومن ناحية اخرى تمثل حجم التجارة الخارجية وحجم ونوعية الاستثمارات والنمو الاقتصادي، ونصيب الفرد من الناتج المحلي مؤشرات مهمة عن القدرات الاقتصادية الكبيرة لدول مجلس التعاون الامر الذي يجعلها واحدة من اهم المنظمات الاقليمية على المستوى الاقتصادي.

 

  • المصادر:
 

([1])"لمحة احصائية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية 2014"، العدد الثاني، المركز الاحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربيGCC- STAT، عمان، 2016، ص10.

([2])سهيل بن محمد، "مكانة دول مجلس التعاون الخليجي اقليمياً ودولياً"، منتدى الاعمال الخليجي التركي، منظمة أوابك للأقطار العربية المصدرة للبترول، الكويت، 2014، ص2.

([3])BP Statistical Review for World Energy 2017”, London, June 2017, available at: https://www.bp.com/.../bp/.../energy.../statistical-review-2017/bp-statistical-review-of-wo

([4])جياكومو لوتشياني، "النفط في دول مجلس التعاون الخليجي"، في "الخليج في عام 2015-2016"، مجموعة مؤلفين، مركز الخليج للأبحاث، السعودية، 2016، ص101.

([5])سهيل بن محمد، مصدر سبق ذكره، ص3.

([6])المركز الوطني للإحصاء،  دولة الامارات العربية المتحدة، 2016، متاح على:

http://www uaeststistics.gov.ae

([7])"لمحة احصائية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية 2015"، العدد الثالث، المركز الاحصائي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، مسقط، شباط 2017، ص 10.

([8])"لمحة احصائية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية 2014"، مصدر سبق ذكره، ص 46.

([9])محمد خيري الشيخ، "تحليل كفاءة التكامل الاقتصادي والاستثماري والتجاري في دول مجلس التعاون الخليجي"، التعاون، العدد(78)، الرياض، 2014، ص30-31.

([10])Ben McLannahan, "Qatar Sovereigns Wealth Fund Suffers 12$B Paper", CNBC, September 28, 2015, available at: http://www.cnbc.com/2015/09/28.                                                

([11])See: World Investment Report 2015, UNCTAD, Geneva, 2015.

([12])“The GCC in 2020: Resource for the Future”, The Economist Intelligence Unit, London, 2010.