كردستان المستقلة ستكون دولة فاشلة

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2017-11-14 17:18:05

مایكل روبین  

2017  , تموز, 30

 

في ۲۸ یونیو، كان لمسعود البارزاني، رئیس حكومة إقلیم كردستان “بحكم الأمر الواقع”، مقالة إفتتاحیة في جریدة الواشنطن بوست

https://www.washingtonpost.com/news/democracy‐ post/wp/2017/06/28/the‐time‐has‐come‐for‐iraqi‐kurdistan‐to‐make‐its‐choice‐on‐independence/

تحت عنوان “حان الوقت لكردستان لتصنع خیارها في الإستقلال”. كتب، “ممارسة كردستان العراق حقها في تقریر المصیر لا تهدد أحداً وقد تجعل المنطقة المتقلبة اكثر إستقراراً”، ویستنتج:

“بعد مضي قرن من المحاولة، حان الوقت للإعتراف بأن الإندماج القسري للكرد في العراق لم ینجح بالنسبة لنا وبالنسبة للعراقیین. نحن نطالب الولایات المتحدة والمجتمع الدولي بإحترام القرار الدیمقراطي للشعب الكردي. فعلی المدی الطویل، سیكون العراق وكردستان، علی حد سواء، أفضل حالاً”.

هل یملك الأكراد الحق بالإستقلال؟ نعم. لكن هل البارزاني صائب بأن الإستقلال الكردي سیجعل المنطقة أكثر إستقراراً؟ بالتأكید لا، رغم وجود الكثیر من الأدلة بشأن ذلك والتي یكون مصدرها البارزاني ولیس الكرد الذين یدّعي بأنه یمثّلهم.

لتبریر الفكرة القائلة بأن الإستقلال سیكون أمراً ‌سهلاً ونافعاً، یشیر العدید من المسئولین الأكراد إلی الطلاق الودي بین التشیك والإسلوفاك والذي أدی إلی حل تشیكوسلوفاكیا. لكن توجد الكثیر من الأمثلة‌ التي تنبثق من صراعات العصابات والصراعات العسكریة التي ربما تكون أكثر مماثلة (السودان وجنوب السودان، اثیوبیا وإریتریا، صربیا وكوسوفو، وأندونیسیا وتیمور الشرقیة، لو أردنا بأن نشیر إلی القلیل. لا یوجد لدی أي من هذه الحالات كیاناً‌ إنفصالیاً نال الإستقلال وأصبح ناجحاً‌ بحسب أية معاییر موضوعیة.

قمتُ بترسیم الحالة لیس لصالح او ضد الإستقلال الكردي (لأن هذا موضوع ینبغي أن یقرّره الأكراد)، بل قمت بترسیم جمیع القضایا والتعقیدات التي قد فشلت القیادات الكردیة في معالجتها ومن شأنها أن تحدّد نجاح او عدم نجاح الإستقلال الكردي.

في ما یلي یتم الإشارة إلی القلیل فقط:

إتفاقات تقاسم المیاه. یقول البارزاني أن بإمكان الدولة العراقیة المتصدعة وكردستان إكتشاف الحل، لكن إتفاقات تقاسم المیاه – والتي یزید عمر البعض منها عن ۷۰ عاماً – تشمل ایضاً تركیا وسوریا. في الماضي، النزاعات بشأن تدفق میاه دجلة والفرات سبّبت بالقلیل من المناوشات وجلبت البلدان إلی حافة الحرب. التحدث عن إعادة كتابة تلك الإتفاقات سوف تكون أكثر سهولة من فعل ذلك.

الحدود. یقول البارزاني أن الإستقلال سوف یقتصر علی كردستان وحدها، لكنه یقترح إجراء إستفتاء في كل أنحاء الأراضي التي لا زالت متنازع علیها مع بغداد. في جمهوریة التشیك وسلوفاكیا، إتفق المواطنون والحكومات علی الحدود بشكل فوري. أحادیة البارزاني توعد بعقد من النزاع الذي قد یحوّل العراق وكردستان إلی خصوم بدلاً من شركاء.

المواطنة. هل سیحصل الأكراد الذین یعیشون في بغداد ومناطق أخری في العراق علی الجنسیة الكردیة؟ وهل سوف یُسمح للعرب الذین یعیشون في كردستان بأن یكونوا مجنسین بالجنسیة العراقیة؟ هل ستكون الجنسیة المزدوجة مسموحة؟ ماذا لو سمحت دولة واحدة ولم تسمح الثانیة بذلك؟ هل بإمكان الإستفتاء أن یمهّد المرحلة للتطهیر العرقي؟ هل سیجبر المسئولین الأكراد في الحكومة العراقیة بالإستقالة، لیخسروا النفوذ والحمایة التي جلبتها لهم مشاركتهم في بغداد؟

الإقتصاد. یعتقد كردستان العراق بوجود مصادر نفطیة كبیرة بحوزته، لكن سوقاً غامضاً ممزقاً بالفساد والمحسوبیة قد دفع البعض من الشركات النفط العالمیة إلی شطب خساراتها وفرارها. في معظم الأحیان لا توجد إمكانیة لدی كردستان العراق لدفع رواتب موظفیها المدنیین وقد تبلغ دیونها ۲۰ ملیون دولار. في الوقت نفسه، جاءت احكام الحكّام في لندن ومناطق أخری، وبشكل متواصل، ضد حكومة‌ إقلیم كردستان، حیث تبلغ المزید من ملیارات الدولارات [من الغرامات التي یجب علی حكومة إقلیم كردستان دفعها]. لقد طالب كردستان العراق ب‍۱۷ بالمئة من عائدات النفط العراقیة. هل سیقبل ب‍۱۷ بالمئة من دیون العراق؟ حینما حاولت حكومة البارزاني طرح سند في السوق الدولیة، كانت الشروط المعروضة أقل بكثیر من تلك التي فازت بها الحكومة العراقیة وحتی «كوت دیفوار» الممزقة بالدیون. أضف إلی ذلك أن أي من المنتجین ال‍۲۰ في مجال النفط والغاز لیسوا غیر ساحلیین مثل كردستان. هل ستغرق كردستان قبل أن تحصل علی فرصة العوم حتی؟ للأسف، الجواب هو نعم.

العسكر. رغم كل التعظیم الذي یقال بحق البیشمركة، الجیش الكردي، في الواقع هو غير مختلف عن المیلیشیات الشیعیة (بعيدا عن الحشد الشعبي) التي ینتقدها البارزاني بشكل منتظم جداً. هي میلیشیات اكثر من أن تكون جیشاً، مقسمة بالسیاسة وتعزي الولاء إلی سماسرة السلطة بدلاً من الوزارة المهنیة. حینما یوجد النفط لدی بلد یكون الجیش اكثر توجهاً للشخصیة بدلاً من الدولة، فالنتیجة هي الحرب الأهلیة. لا تصدّقوني؟ إسألوا أهالي جنوب السودان. حتی لو قامت كردستان حقاً بتوحید البیشمركة وأجهزة الإستخبارات، فماذا بشأن القوة الجویة؟ حتی لو بغداد وأربیل اصبحتا افضل اصدقاء، ماذا بشأن الموقف التركي والإیراني إزاء كردستان؟ تعتقد تركیا أن بإمكانها التعامل مع البارزاني كعمیل والسیطرة علی كردستان كدولة عمیلة. قد لا یحبوا الإستقلال، لكن بإمكانهم التعامل مع ذلك، وربما الإستمرار بإحتلال أجزاء كما یفعلوا ذلك فعلاً. لكن إیران تخشی السابقة أكثر، وقد لا تتوقف عن فعل أي شيء لكي تری الأكراد یفشلون. لا تتفاجئوا لو كانت الحكومة الإیرانیة فعلاً تضع المخططات لإقالة دائمیة للبارزاني وأبناءه. بصرف النظر عن كل ذلك، قد تصبح كردستان مرحلة لأحدث معركة بالوكالة في الشرق الأوسط.

قد یری البارزاني نفسه أب الأمة، لكن إرثه قد لا یكون ما یتوقّعه. كان له خیاراً قبل فترة طویلة من الزمن: هل سوف یُذكر مثل نیلسون ماندیلا او مثل یاسر عرفات؟ قام زعیم المؤتمر الوطني‌ الأفریقي، ماندیلا، بوضع العداءات السیاسیة العمیقة جانباً من أجل بناء جنوب أفریقیا جدیدة. علی عكس البارزاني الذي رفض التنحي في نهایة فترة رئاسته، ماندیلا تنازل عن السلطة، وشكّل سابقة للإنتقال اللازم لأي دیمقراطیة ملهمة. هو أصبح معروفاً علی الساحة العالمیة كرجل دولة. علی عكسه، إستخدم عرفات سلطته لمواصلة العداءات السیاسیة. هو، مثل البارزاني، إختلس ملیارات الدولارات وترك الفلسطینیین منقسمین في العمق، وترك مؤسساتهم وتمویلاتهم بحالة مزریة. قد یمضي الأكراد بالإستفتاء وسوف یفوزون. لكن، ما لم وحتی یكون لدی كردستان قیادة راغبة بوضع كردستان فوق العائلة والتمویل الشخصي، فذلك سوف یبدد فرصة تاریخیة للحریة.