الاعتراف الجنائي

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2017-10-21 17:07:51

الباحث جاسم محمد هادي المالكي

قسم الدراسات القانونية

يعتبر الاعتراف او الاقرار أحد ادلة الاثبات في الدعوى الجزائية ويقصد باعتراف المتهم اقراره بتهمة منسوبة اليه . ونود الاشارة إلى أن هذا الدليل قد ورد ذكره في بعض المواد الأخرى من قانون اصول المحاكمات الجزائية باسم (الاقرار) كذلك الحالة في قرارات محكمة التمييز الاتحادية حيث ان الاختلاف في تسمية هذا الدليل لايترتب عليه أي آثار . إن الاعتراف لايعدوا ان يكون دليلاً لايختلف عن بقية الادلة القانونية الاخرى وهو ليس سيد الادلة كما يتوهم البعض . عليه يجب التأكد من سلامة الاجراءات التي اتبعت للحصول عليه .

تعريف الاعتراف :

من خلال استعراضنا لنصوص قانون اصول المحاكمات الجزائيةالعراقي رقم (23) لسنة 1971 المعدل ولما ورد بالمواد القانونية (123-129) الاصولية ، اضافة الى ذلك ماتم ذكره في المواد 213و217و218و219 الاصولية ، يمكننا تعريف الاعتراف على انه :

هو اقرار المتهم بالتهمة المنسوبة اليه بمحض حريته واختياره أمام السلطة التحقيقة والمتمثلة بالمحقق او محكمة الموضوع بأنه ارتكب الفعل المنسوب إليه وحجة أو باشتراكه مع غيره في ارتكابه .

شروط صحة الاعتراف :

لايمكن ان يعتبر الاعتراف كدليل في الدعوى الجزائية والاعتماد عليه مالم تتوفر فيه هذه الشروط التي سوف نذكرها لأن الاعتراف يعتبر سبب من أسباب الحكم على المتهم الذي تعول عليه محاكم الجزاء وتصدر حكمها بموجبه اذا توفرت الشروط التالية :

  1. أن يكون الاعتراف قد صدر من المتهم أمام جهة قضائية مختصة سواء كان أمام المحقق او محكمة الموضوع استناداً الى نص المادة (217) الاصولية . بخلاف ذلك لايعتد بالاعتراف اذا صدر امام جهة غير قضائية ، وهناك قرار لمحكمة التمييز الاتحادية عدد 125 /هيئة عامة /2008/ في 27/1/2009 بهذا الخصوص الذي ينص على (اقوال المتهم المدونة امام جهة غير مختصة متمثلة بقوات متعددة الجنسيات لاتصلح ان تكون دليلاً ضد المتهم ).
  2. يجب ان يكون الاعتراف مطابقاً للحقيقة وغير مغاير للوقائع فان ثبت للمحكمة عدم مطابقته للحقيقة فإنها تضعه جانباً ولا تأخذ به . وبذلك فقد قضت محكمة التمييز الاتحادية بأن ( الادلة المتحصلة بشأن جريمة الحيازة المسندة للمتهم اقتصرت على اعترافه امام قاضي التحقيق ولم يقترن بدليل اخر وانكر التهمة امام محكمة الجنايات ترى هذه المحكمة ان الادلة لا تكفي لأدانه )
  3. ان يكون الاعتراف صادراً من ارادة حرة وبدون أكراه أو وعد أو وعيد أو تهديد ..الخ

إستناداً الى نص المادة 127 الاصولية . اضافة الى ذلك فإن الدستور قد حرم انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية حسب مانصت عليه المادة (37) /ج/ من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 . مع الاشارة الى أن القائم بالتحقيق إذا لجأ للحصول على اعتراف المتهم بأستعمال وسائل غير مشروعة فسوف يعرض نفسه الى المسائلة القانونية استناداً إلى نص المادة 333 من قانون العقوبات العراقي .

  1. ان يكون الاعتراف واضحاً صريحاً ومقبول عقلاً وغير قابل للتأويل او التغيير .

 

تجزئة الاعتراف :

قد يثار تساؤل مهم وهو (هل يجوز تجزئة الاعتراف ؟) تجيب على هذا السؤال نص المادة 219 الاصولية والتي تنص على انه ( يجوز تجزئة الاقرار والاخذ بما تراه المحكمة صحيحاً وترك ماعداه غير أنه لا يجوز تأويله او تجزئته اذا كان هو الدليل الوحيد في الدعوى ) من خلال ما تقدم نستنتج من ذلك أنه يجوز لمحكمة الموضوع تجزئة اعتراف المتهم في حالة توافر أدلة اخرى تؤيد ارتكابه الجريمة المسندة إليه في هذه الحالة للمحكمة أن تاخذ من اقراره ماتراه واضح وصحيح وتطرح ماعداه لكن القانون منع المحكمة من تجزئته اقرار المتهم او تاويله اذا كان هو الدليل الوحيد في الدعوى .

وقد يثار تساؤل اخر وهو (ماهي سلطة محكمة الموضوع في تقدير الاعتراف ؟)

ان المشرع العراقي اعطى لمحكمة الموضوع الحرية في تقدير الاعتراف فلها ان تاخذ به متى ما اقتنعت به وجدانياً ولم يرجع من المتهم بعد ذلك فاذا دفع المتهم بان الاعتراف قد انتزع منه بالاكراه او القوة او الوعد او الوعيد .. الخ من الاساليب غير المشروعه حينها يتوجب على المحكمة ان تتحقق من صحة هذا الادعاء ومتى ما تأكد للقاضي ان الاعتراف سليم ، كان عليه ان يأخذ به وفي هذه الحالة على القاضي ان يتأكد بأن المتهم يقدر نتيجة اعترافه . يضاف الى ذلك هناك مبدأ قانوني ينص على انه ( الاحكام الجزائية يجب ان تبنى على الجزم واليقين لاعلى الظن والتأويل ) وفي هذا الصدد فأننا نستعرض قرارات ومبادئ محكمة التمييز الموقرة :

  1. قرار عدد 270 هيئة عامة / 2007في 28/4/2008 ( اذا جاء اعتراف المتهم مطابقاً لأقوال الشهود واقوال المدعي بالحق الشخصي يكون هذا الاعتراف قانونياً وسليماً وكافياً للإدانة والحكم )
  2. قرار محكمة التمييز المرقم 323 / هيئة عامة / 1971 في 6/11/1977 (( اذا تاكد اعتراف المتهم من خلال القرائن وظروف ارتكابه الجريمة فانه يؤخذ بهذا الإقرار ))
  3. قرار محكمة التمييز المرقم 172 / جنايات 1976 في 12/4/1976 (لا يؤخذ بأقرار المتهم المكذب بالادلة والذي قصد به تخليص الفاعل الحقيقي من العقاب )
  4. قرار محكمة التمييز الاتحادية المرقم 1323 / جنايات / 1973 في 6/11/1973 ( الاعتراف المؤيد بكشف الدلالة وبالشهادة المثبته لوقوع السرقة فعلاً يكفي للإدانة.

حيث نرى ان من المناسب عند تدوين أقوال المتهم المعترف يجب على المحقق ان يطلب منه ذكر تفاصيل ووقائع الحادثة بشكل مفصل من كيفية ارتكابه للفعل الجرمي وزمان ارتكابه ومكان ارتكابه وبأي آلة قدر ارتكب الفعل بسلاح ناري ام بآلة جارحة والسبب الذي حمله على ارتكابه وهل كان مدفوعاً بارتكابه ام من تلقاء نفسه وتدوين ذلك في محضر ويجب ان يجرى كشف دلالة للمتهم المعترف بالسرعة الممكنة بعدما يتم تدوين اقواله بالاعتراف قضائياً وذلك لغرض مواجهة المتهم بالادلة المطروحة في حالة انكرانه التهمة امام محكمة الموضوع وكما نرى ان على قاضي التحقيق ان لا يلجئ على استعمال وسائل غير مشروعة للتأثير على المتهم للحصول على اقراره سواء كان ذلك بالاكراه او التهديد والوعيد لان ذلك يخالف الدستور حسب مانصت عليه المادة (37) /ج/ وكذلك المواد 127 والمادة 218 الاصوليتين يضاف الى ذلك ان لجوء القائم بالتحقيق الى هذه الوسائل غير المشروعة لغرض الحصول على الاعتراف سوف يعرضه والى المسائلة القانونية استناداً لنص المادة 333 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969.