البنية التحتية للمعلومات

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2017-10-21 17:01:55

الدكتور المهندس رازي جبر العزاوي

إن البنية التحتية للمعلومات باعتبارها مجموعة من وسائل دعم المجال المعلوماتي لأنشطة المجتمع وتوفير الوصول إلى موارد المعلومات للمستهلكين لا تغطي مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وأنظمتها فحسب بل تشمل أيضا المؤسسات العلمية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمعدات المكتبية، ووسائل الإعلام، والمعالجات الدقيقة، والنظم المتنقلة في الصناعة والنقل والصناعات العسكرية والفضائية، ونظم المعلومات في مجالات الصحة والخدمات والتجارة، والمكتبة والصناديق والأدوات الإلكترونية والوثائقية. ومن خلال هذه البنية التحتية القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يطور الانسان مساحة افتراضية خالية من العوائق ويختار معلومات مفيدة لنفسه ويتفاعل مع العالم. غير أن الشبكات الوطنية والشركات وغيرها من النظم الفرعية، التي أنشئت في الوقت المناسب بالمعايير الداخلية للبلدان والشركات، لا تزال غير متوافقة فيما بينها في البنية التحتية العالمية، وتوصلها إلى معايير موحدة، كما تبين الممارسة بانها صعبة للغاية، لأنها تتطلب الوقت، والتكاليف المالية، والمهنيين المؤهلين، والأهم من ذلك، إرادة الدولة. ومع ذلك، يتم هذا التوحيد في إطار المعايير الدولية ISO (المنظمة الدولية للمواصفات القياسية).

عندما تكون البنية التحتية للمعلومات ثابتة على قدميها، ستظهر مستجدات لم يسبق لها مثيل، تشبه التغير الذي حصل بعد التحول الى استخدام الكهرباء في الحياة اليومية، وظهور التلغراف والهاتف والإذاعة والتلفزيون والحواسيب. لذا يمكننا أن نتوقع ظهور تكنولوجيات جديدة للمعلومات تماما لم تترك بعد جدران المختبرات العلمية مثل أجهزة الكمبيوتر الكمومية والخوارزميات التي تعمل مع بت الكم من المعلومات، الفوتون الكمومي “تيليبورتاتيون من البتات” ، “الحواسيب البيولوجية الجزيئية وستكون هذه البنية التحتية للنظام التكنولوجي الجديد.

ويمكن القول ان نظم المعلومات والتكنولوجيات تتطور بسرعة كبيرة تقريبا كل عام، لذا يتعين على المنظمات ان تشطب الكثير من المعدات المتقادمة، وان تسعى الى شراء وإتقان استخدام أنظمة الأجهزة والبرمجيات الجديدة، وتعلم وتعليم الأفكار والتكنولوجيات التي بدت بالأمس غير مألوفة وغير عادية. ولذلك، فإن البنية التحتية للمعلومات ديناميكية، وهي في تحديث وتحسين مستمر.
وتبين الوقائع أن الحالة الراهنة للبنية التحتية يمكن أن توصف بانها ثابتة تقدم قراءات زمنية قد تكون من الماضي او الحاضر ولكنها ضرورية – على غرار إحداثيات السفينة العائمة، لضمان أن السفينة تسير سريعاً وأكثر أمانا، وغالبا ما يتم إسقاط الصوابير (ما يوضع في بطن السفينة من الثقل لئلا تميل على أحد جانبيها) منه. لذلك يتم تحرير البنية التحتية للمعلومات من (الصوابير) نظم المعلومات والاتصالات المتقادمة من أجل مواكبة تحديات العصر. ولكن عملية التخلص من كل ما عفى عليه الزمن ليست بالامر الجيد دائما، اذ من المفيد أحيانا ان نلقي نظرة فاحصة على بعض تلك العناصر مع الاخذ بنظر الاعتبار بانه ليس هناك شيء لا يمكن الرجوع له مرة ثانية، كما ان تدمير شيء مفيد للأجيال القادمة كذاكرة للماضي المجيد ليس بالفكرة الجيدة ، والتي بدونها لا يوجد حاضر، وسوف لن يكون هناك مستقبل.

لذلك، تم إنشاء متاحف التكنولوجيا العالية ونظم المعلومات في العديد من البلدان، وتم إنشاء المعارض المتخصصة، مع صرف الأموال لتحديثها باستمرار، وإلى جانب المعروضات (بما في ذلك أجهزة العرض) لأجهزة الكمبيوتر من أجيال مختلفة، فإن هذه المتاحف لديها أيضا معارض للمعدات المكتبية والروبوتات، ووسائط التخزين، وأنظمة المعالجات الدقيقة المدمجة، وإظهار أنظمة التشغيل نصف المنسية وحزم البرامج والصور المثيرة للاهتمام .

وبما ان دراسة وتدريس التاريخ تتضمن عناصر متعددة تضم علم الآثار، علم الحفريات، الأنثروبولوجيا فإن متاحف المعلوماتية هذه تدخل بدورها ضمن نطاق تدريس تاريخ العلم، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أي مدينة كبيرة يوجد متحف علمي وتقني واحد على الأقل، حيث يوجد بطبيعة الحال معرض قوي لتكنولوجيا المعلومات. هناك متاحف متخصصة فقط في أجهزة الكمبيوتر، فعلى سبيل المثال، في كاليفورنيا متحف تاريخ الكمبيوتر، وهناك متاحف الإنترنت الافتراضية من علوم الكمبيوتر وأجهزة الكمبيوتر، وتشتهر ايضا بمتحفها الوطني الأمريكي الفريد للتشفير.

وفي متاحف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يتم تطبيق نظام “الانفتاح الكامل”: لا توجد أي عبارات “لا تلمس بيديك”، كل المعروضات صالحة، على الرغم من التقدم في السن لكثير منهم. ونحن نعتقد أن إدراج مثل هذه المتاحف في البنية التحتية للمعلومات يسهم في إضفاء الطابع الإنساني على التعليم التقني.

وبالعودة الى صلب موضوعنا، لابد ان نلاحظ بأن البنية التحتية للمعلومات تشمل المختبرات البحثية العلمية التي تعمل في مصلحة البلدان المتحضرة، حيث تعمل هذه المختبرات في معظمها ضمن مؤسسات التعليم العالي وتزود بالمعدات الأكثر تقدما والتي تسمح بتنفيذ أي مشاريع مبتكرة، وتنفذ مبدأ تعليم الطلاب، واستخدام إبداعهم ورغبتهم في الابتكارات الجريئة للإبداع والأنشطة. حيث تشارك الشركات الرائدة بالإضافة إلى الهيئات الاتحادية في تجهيز مثل هذه المختبرات التدريبية والبحثية.
وهذه المختبرات الرائدة هي مجموعة من المتخصصين الموثوقين في صناعة المعلومات والاتصالات. وبطبيعة الحال، يستخدم العلماء خدمات المختبرات الافتراضية بدلا من التجارب والاختبارات على نطاق واسع، معتمدة على النمذجة الافتراضية المفيدة في العملية التعليمية، ضمن مراحل التصميم والتصميم الأولي للبحث والتطوير (التصميم التجريبي) . ولذلك، في علم تكنولوجيا المعلومات سنجد أن المختبرات الافتراضية “المتخصصة” لها اهمية غير محدودة، على النقيض من التعليم في قطاعات اخرى، حيث سنجد ان للمختبرات الافتراضية تطبيق واسع النطاق.