الانتحار الجغرافي

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2017-10-20 21:15:13

قاسم كاظم
قسم الدراسات الامنية والعسكرية
“أي موقف أو خطوة تتخذ من أي طرف في العراق يجب أن تكون مستندة إلى الدستور، وأي قرار يخص مستقبل العراق المُعرَّف دستوريا بأنه بلد ديمقراطي اتحادي واحد ذو سيادة وطنية كاملة يجب أن يراعي النصوص الدستورية ذات الصلة، ومستقبل العراق ليس خاصا بطرف واحد دون غيره بل هو قرار عراقي وكل العراقيين معنيون به، فلا يمكن لأي طرف وحده أن يحدد مصير العراق بمعزل عن الأطراف الأخرى” هذا ماصرح به المتحدث باسم الحكومة العراقية حول الاستفاء المزمع اجراءه في اقليم كردستان.
سبق تصريح الحكومة المركزية بيومين اي في 7 حزيران اعلان رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني تحديد موعد الاستفتاء 25 ايلول القادم وتلت هذه التصريحات بين الحكومة المركزية والاقليم مجموعة ردود اقليمة ودولية ادت الى تغير أربيل نبرتها الانفصالية الى التهدئة من مخاوف الدول الاقليمية تحديدا مشدّدة على أنّ إجراء الاستفتاء لا يعني استقلال الإقليم بشكل آلي حيث اشار السيد هوشيار زيباري القيادي في الحزب الديمقراطي إن التصويت المتوقع بنعم في الاستفتاء على استقلال الأكراد سيعزز موقف إقليم كردستان العراق في المفاوضات مع بغداد لكنه لن يؤدي إلى انفصال عن العراق بشكل تلقائي.
بالاضافة الى المواقف الداخلية والخارجية التي لايتسع المقال لذكرها بالتفاصيل حول الاستفتاء فهناك تحديات كثيرة تجعل اقامة دولة كردستان انتحار جغرافي باقامة دولة تحيطها جغرافيا ثلاث دول تحتوي على اقليات كردية (تركيا ايران سوريا )، وتحدي المناطق المتنازع عليها مع الحكومة المركزية وتحديات داخل الاقليم نفسه منها :
غياب التوافق السياسي الداخلي بالاقليم
الاعتماد الاقتصادي الكامل على الحكومة المركزية في بغداد
توحيد قوات البيشمركة من اعقد المشاكل التي ستواجهة الاقليم في حال قيام دولة كردستان
وهناك تحدي داخلي هو حدود الاقليم الجغرافية حيث ستكون كردستان دولة مغلقة على العالم الخارجي .
بالمقابل هناك صراع اقليمي بالمنطقة قد يساهم في دعم اقامة دولة كردستان من اجل الضغط على ايران وتركيا وسوريا، فخلال الايام السابقة شهد موقع تويتر اكبر حملة لدعم استقلال دولة كردستان من خلال هاشتاك سعودي اماراتي #دوله_كردستان_الكبرى وقد يختلف الجانب الامريكي في دعم قضية استقلال كردستان بالتوقيت فقيام دولة كردستان في العراق وتجميع اكراد سوريا في دولة اخرى يمهد لاقامة قواعد امريكية جديدة في المنطقة.
المشهد المستقبلي للمطالب الكردية في اقامة دولة قد لاتتعدى استفتاء حزبي مشكوك في صحة نتائجه لان الاكراد قبل غيرهم يعلمون صعوبة اقامة دولة بوسط جغرافي رافض لانشاءها حاليا ومستقبلا الا ان التوافقات السياسية الدولية والدعم الخارجي قد يساعد في اقامة الدولة بالرغم من رفض ايران وتركيا و سوريا والعراق وقد تنشاء دولة محمية فاقدة للسيادة تكون اشبه بجسد برائيسين (حزب الاتحاد و الحزب الديمقراطي). وهذا الامر يحتاج لا يقل عن عشرة سنوات على اقل تقدير من اجل الحصول على التوافقات الدولية لاقامة دولة كردستان .
موقف الحكومة الاتحادية العراقية المستقبلي لن يتغير تجاه تقسيم العراق الى دويلات اضافة الى الضغط الشعبي الذي سيمارس على الحكومات القادمة في موضوع التقسيم .
المواقف الدولية تحكمها المصالح في دعم اقامة دولة كردستان فالجانب الروسي قد يغير موقفه وفق الموقف في سوريا فيدعم اقامة دولة كردستان من اجل ادخال الولايات المتحدة في مشكلة جديدة في الشرق الاوسط مع حليفتها تركيا اما دول الخليج فموقفها من الاخوان في تركيا و العداء الطائفي مع ايران واضعاف نظام بشار الاسد في سوريا يجعلها الداعم الاكبر لايجاد مشكلة لتلك الدول على حدودها ومن خلال الاقليات القومية في تلك الدول اما الموقف الاوربي سيحاول العمل على ايجاد حل لحماية الاقليات الدينية في العراق من خلال ضم سهل نينوى الى كردستان كاقليم تابع لدولة كردستان المزمع اقامتها .
اما الدول الرافضة للانفصال ومنها ايران ترى ان دولة كردستان ستحرك المشاعر الانفصالية للاقليات الكردية الاخرى سوى بايران او تركيا او سوريا وقد يكون هذا حصان طروادة التي تحاول بعض الدول الدخول من خلاله الى النسيج المجتمعي الايراني وهذا الامر ينطبق على تركيا وسوريا حيث انتشار السلاح والتنظيمات الكردية المسلحة المدعومة بشكل علني من الولايات المتحدة ، الا ان موقف تركيا قابل للتغير اكثر من غيرها من الدول الرافظة لاقامة دولة كردستان فيمكن لتركيا ان تدعم الانفصال بعد انضمام كركوك وسهل نينوى لاقليم كردستان مقابل الحصول على عقود النفط من كردستان لتحقيق مصالحها الاقتصادية .
في الختام نوصي ان تقوم الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة الاقليم لتقريب وجهات النظر والابتعاد عن التصعيد ورفضها الى اي محاولة لتقسيم العراق كما من المفضل ان تقوم وزارة الخارجية بدور في ايصال خطورة اقامة دولة كردستان للمجتمع الدولي والسفارات العاملة بالعراق ومن الضروري تشكيل لجنة مشتركة من دول الجوار التي فيها نسبة من الاكراد لاتخاذ اجراءات مشتركة والتنسيق على اصدار قرارات موحدة تجاه تقسيم العراق .