
النظام السوري الجديد وتأثيرة على الجالية السوريا في العراق الباحث/ كــــرار حيدر الجبوري
التصنيف: نشرة الراصد الانتخابي
تاريخ النشر: 2025-05-25 06:50:31
النظام السوري الجديد وتأثيرة على الجالية السوريا في العراق
الباحث/ كــــرار حيدر الجبوري
المقدمة
تعتبر قضية اللاجئين السوريين واحدة من أبرز التحديات التي تواجه العديد من دول الجوار السوري، بما في ذلك العراق. منذ بداية النزاع في سوريا عام 2011، شهدت المنطقة موجات كبيرة من النزوح، حيث لجأ العديد من السوريين إلى العراق هربًا من الصراع المستمر. ومع مرور الوقت، ظهرت فئات متعددة بين هؤلاء اللاجئين، بما في ذلك الجالية السورية الموالية والمعارضة للنظام السوري، وهي جالية قد تمثل تحديات إضافية على المستويات الأمنية والسياسية والاجتماعية.
تتسم الجالية السورية الموالية للنظام بمواقف سياسية واضحة تجاه النظام الحاكم في سوريا، مما قد يسبب توترات مع شرائح أخرى من المجتمع السوري نفسه، لا سيما أولئك الذين يعارضون النظام. كما أن تواجد هذه الجالية في العراق يثير مخاوف بشأن استقرار الوضع الأمني والسياسي في البلاد، خاصة في ظل الوضع الهش الذي يعاني منه العراق على خلفية التوترات الداخلية والصراعات الإقليمية.
في هذا التقرير، سنستعرض التحديات المحتملة التي قد تنجم مع التركيز على الجوانب الأمنية، السياسية، الاجتماعية والاقتصادية. كما سنتناول التوصيات التي من شأنها الحد من هذه المخاطر وتعزيز الاستقرار في العراق.
الاعداد التقديرية ومناطق التواجد
وفقًا للتقارير الأخيرة، يُقدّر عدد السوريين المتواجدين في العراق بحوالي300,000 إلى 350,000 لاجئ سوري. هذا العدد يشمل اللاجئين الذين فروا من الحرب في سوريا منذ عام 2011، ويتم توزيعهم في مختلف مناطق العراق , نسبة تواجد الجالية السورية في العراق لا تتجاوز 1% من إجمالي سكان البلاد.
التوزيع الجغرافي
1. إقليم كردستان العراق:أربيل و دهوك و السليمانية هي المدن الرئيسية التي يستقر فيها اللاجئون السوريون.
2. المناطق الحدودية: العديد من اللاجئين السوريين يتواجدون في مناطق حدودية مع سوريا، مثل الأنبار وبعض المناطق في الموصل.
3. المخيمات: يوجد العديد من المخيمات في إقليم كردستان وبعض مناطق الأنبار حيث يعيش اللاجئون السوريون في ظروف مؤقتة.
4- بغداد والمحافظات الجنوبية: تواجدهم في العاصمة وفي المناطق المحيطة بها نتيجة لأسباب اقتصادية أو اجتماعية. تركز على البحث عن فرص عمل أو إعادة التوطين في المدن الكبرى.
التحديات والمخاطر
1- التحديات الأمنية:
• التصعيد السياسي والتوترات الطائفية: تواجد عناصر أو جماعات من الجالية سويا معارضة او موالية للنظام السوري تؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية والعرقية في العراق، خاصة في ظل الانقسام الطائفي والسياسي داخل المجتمع السوري. قد تستهدف هذه الجماعات أو تشارك في أنشطة قد تؤدي إلى تصعيد الصراعات الداخلية في العراق.
• توتر امني : بعض المعارضين السوريين المقيمين في العراق قد يصفون الجالية الموالية للنظام السوري بأنها تهديد لهم او بدافع الانتقام. هذا قد يؤدي إلى حوادث عنف أو اشتباكات بين مؤيدي النظام ومعارضيه.
• دعم الفصائل المسلحة: من الممكن أن يتورط بعض أفراد الجالية السورية الموالية او المعارضة من دعم الفصائل المسلحة داخل سوريا أو العراق، سواء ماديًا أو لوجستيًا. هذا قد يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في العراق ويجعل البلاد ساحة للصراعات الإقليمية.
• بعض العراقين المعارضة والموالية للنظام السوري بدواعي ( الانتقام ) إلى حوادث عنف أو اشتباكات ضد مؤيدين النظام السوري او العكس، مما يزيد من حدة التوترات الأمنية في العراق.
2- المخاطر السياسية: الجالية السورية قد تستغل وجودها في العراق كأداة للتأثير السياسي على الحكومة العراقية أو دعم جماعات سياسية معينة تكون موالية او معارضة للنظام السوري. لتاثيرعلى السياسات الداخليةوالخارجية العراقية ويزيد من تعقيد العلاقات بين العراق ودول الجوار مثل سوريا وتركيا.
3- المخاطر الاجتماعية:
• التوترات الاجتماعية مع اللاجئين الآخرين: الجالية السورية الموالية قد تتعرض لرفض أو معارضة من قبل اللاجئين السوريين المعارضين للنظام السوري. هذا قد يؤدي إلى صراعات داخل الجالية نفسها، حيث قد يتنازع أفراد الجالية الموالية مع أفراد الجالية المعارضة للنظام، مما يخلق بيئة اجتماعية غير مستقرة.
• تصاعد العنصرية والتمييز: وجود جالية سورية موالية للنظام قد يؤدي إلى ظهور مشاعر عداء من بعض العراقيين، خاصة في المناطق التي تضررت بشكل مباشر من التدخلات السورية في النزاعات الإقليمية. قد تنشأ مشاعر سلبية تجاه الجالية السورية، مما يعزز التمييز العنصري ويزيد من التوترات الاجتماعية.
4- المخاطر الاقتصادية: تواجد أعداد كبيرة من اللاجئين، ، قد يزيد من الضغط على الموارد المحلية في العراق، المنافسة في سوق العمل فقد يؤدي ذلك إلى منافسة متزايدة مع المواطنين العراقيين على الوظائف المحدودة، مما يعزز المشاعر السلبية تجاه اللاجئين والمواطنين السوريين بشكل عام.
5- المخاطر القانونية: عدم الاستقرار القانوني هناك صعوبة في تحديد وضبط هوياتهم وأوضاعهم القانونية، وهو ما قد يخلق مشكلة في الرقابة أو الإجراءات القانونية بحقهم، وبالتالي قد يُستغل ذلك من قبل أفراد في الجالية للانخراط في أنشطة غير قانونية ، يمكن لبعض الأفراد أو الفصائل السورية الموالية او المعارضة للنظام أن يستغلوا الوضع السياسي في العراق لتعزيز نفوذهم أو فرض أجنداتهم السياسية داخل العراق.
التوصيات
1- تعزيز الرقابة الأمنية والمراقبة المستمرة:
• تعزيز التنسيق الأمني مع الدول المجاورة: التنسيق مع سوريا وتركيا لتبادل المعلومات الاستخباراتية والتأكد من عدم تسلل أوتقديم دعم لأيفصائل متطرفة أو جماعات مسلحة.
• مراقبة المخيمات والمناطق الحدودية: التركيز على تعزيز الأمن في المخيمات ومناطق التواجد السوري بالقرب من الحدود السورية والعراقية، لضمان عدم تحول هذه المناطق إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة.
• إجراءات أمنية إضافية: إنشاء آليات أمنية تراقب وتدقق محال تواجد الجالية السوريا بشكل دقيق أي تحركات قد تثير القلق، خاصة إذا كانت تتعلق بنشاطات قد تكون مرتبطة بالجالية السوريا.
2- وضع سياسات قانونية واضحة لتنظيم إقامة السوريين:
• تنظيم الإقامة والعمل: وضع سياسات صارمة بشأن الإقامة والعمل للاجئين السوريين، مع تحديد أوضاع اللاجئين الموالين والمعارضة للنظاممن أجل ضمان عدم تأثيرهم على استقرار البلاد.
• استبعاد الأنشطة السياسية غير القانونية: يجب أن يتم منع أي محاولات من قبل الجالية القيام بأنشطة سياسية أو عسكرية تؤثر سلبًا على الأمن الداخلي.
• وضع إطار قانوني لاستيعاب اللاجئين: من خلال منحهم إقامات مؤقتة أو شروط قانونية محددة تضمن لهم حقوقًا إنسانية بدون السماح لهم بالتأثير على النظام السياسي في العراق.
3- تعزيز التعاون الإقليمي والدولي:
• دعم منظمات حقوق الإنسان: يجب أن يتم التعاون مع المنظمات الدولية لدعم حقوق اللاجئين السوريين بشكل عام، والعمل على ضمان حقوقهم في إطار يضمن عدم الإضرار بالاستقرار الداخلي.
• تقديم الدعم الدبلوماسي: العراق بحاجة إلى دعم دبلوماسي من المجتمع الدولي لتنظيم وضع اللاجئين السوريين بشكل يتماشى مع القوانين المحلية.
4- تعزيز الدمج الاجتماعي والاقتصادي:
• برامج التوعية المجتمعية: من خلال تعزيز البرامج التي تهدف إلى خلق تفاعل إيجابي بين اللاجئين السوريين والمجتمع العراقي، يمكن الحد من التوترات الاجتماعية والتمييز الذي قد ينشأ.
• دعم المبادرات الاقتصادية المشتركة: تعزيز الشراكات بين الجاليات السورية والمجتمع العراقي في إنشاء مشاريع مشتركة أو أعمال اقتصادية تعود بالنفع على الجميع.
5- تحسين الخدمات الصحية والإنسانية: من المهم تعزيز الرعاية الصحية وتوفير العلاج اللازم للاجئين السوريين في مخيمات اللجوء والمناطق التي يتواجدون فيها، لضمان عدم انتشار الأمراض أو الأوبئة في هذه المناطق.
الخاتمة
إن تواجد الجالية السورية في العراق يشكل تحديًا معقدًا يتطلب استجابة شاملة ومتكاملة من الحكومة العراقية والمجتمع الدولي. رغم أن هذه الجالية قد تحمل تحديات أمنية وسياسية واجتماعية، إلا أن التعامل معها يتطلب تعزيز التدابير الوقائية التي تضمن حقوق اللاجئين وتحفظ استقرار العراق في الوقت نفسه.
من خلال تعزيز الرقابة الأمنية، وضمان دمج هذه الجالية بشكل إيجابي في المجتمع العراقي، وتوفير الدعم الاقتصادي والاجتماعي اللازم، يمكن للعراق أن يقلل من المخاطر المحتملة التي قد تترتب على تواجد هذه الجالية. في الوقت ذاته، يجب أن تكون الحكومة العراقية على استعداد لتنفيذ سياسات قانونية واضحة تضمن عدم استغلال الوضع السياسي لللاجئين في خدمة أجندات قد تؤثر سلبًا على الاستقرار الداخلي.
إجمالًا، تظل الاستجابة الفعالة والمبنية على التنسيق بين الحكومة العراقية والمنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي، هي السبيل لضمان أن يكون تواجد الجالية السورية في العراق عاملًا في تعزيز التعاون الإقليمي، بدلاً من أن يكون مصدرًا للتهديدات الأمنية أو الاجتماعية.