مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) في المؤسسات العراقية

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2025-05-09 10:31:22

 

 مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) في المؤسسات العراقية 

م. انصر سفاح كريم / قسم الدراسات التكنولوجية والامن السيبراني

 

في ظل التحديات الاقتصادية والإدارية التي تواجهها المؤسسات العراقية وفي ظل وجود مشاكل في الفساد وضعف الرقابةوالبيروقراطية، ولسعي الحكومة لتحديث البنية التحتية الإدارية، تبرز الحاجة إلى أدوات فعالة لقياس الأداء وتحسين الكفاءة، ومن هنا تأتي أهمية مؤشرات القياس الرئيسية (Key Performance Indicators KPIs) كأداة استراتيجية لتوجيه القرارات وضمان تحقيق الأهداف المؤسسية.

مؤشرات القياس (KPIs) هي اختصار Key Performance Indicators، وتعني مؤشرات الأداء الرئيسية، وهي قيم قابلة للقياس تستخدم لتقييم مدى نجاح مؤسسة ما في تحقيق أهدافها الاستراتيجية والتشغيلية. وتعتبر أدوات أساسية في إدارة الأداء حيث تساعد في توجيه القرارات وتحسين الكفاءة.

وتتميز هذه المؤشرات بكونها قابلة للقياس وتعبر عن أرقام أو نسب وتكون مرتبطة بالأهداف ومحددة زمنيا. كما يجب ان تكون واقعية وتأخذ في نظر الاعتبار الإمكانيات المتاحة والتحديات.  

تعتبر ال KPIs هي بوصلة إدارية ترشد المؤسسات إلى ما يجب قياسه لتحقيق النجاح، وتعد أداة حيوية في ظل السعي العراقي للإصلاح والتنمية المستدامة.

تساعد مؤشرات الأداء الرئيسية في تحديد الإنجازات الاستراتيجية والمالية والتشغيلية للمؤسسة، كما يمكن استخدامها لتقييم التقدم أو الإنجازات مقارنة بمجموعة من المعايير أو الأداء السابق.

ان مؤشرات القياسKPIs لم تخترع من قبل شخص واحد بعينه بل تطورت تدريجيا كجزء من تطور إدارة الأعمال والقياس الإداري عبر الزمن. ومع ذلك هناك بعض الأسماء المرتبطة بتطور فكرة مؤشرات الأداء مثل (Peter Drucker) يعتبر احد اهم رواد الإدارة الحديثة وهو من أشهر من قال (ما لا يمكن قياسه، لا يمكن إدارته).

وبالرغم من المؤسسات العراقية بدأت تتبنى مفاهيم حديثة للإدارة الاستراتيجية مستفيدة من النماذج العالمية لكن الطريق لا يزال طويلالمواكبة التطورات العالمية في مجال إدارة الجودة والأداء. تعتبر مؤشرات الـ KPIs إحدى الركائز الأساسية في هذا التحول، إذ تترجم الأهداف العامة إلى أرقام ومقاييس ملموسة، مما يسهم في تمكين صناع القرارمن تحديد نقاط القوة والضعف بدقة.   

لكن تطبيق هذه المؤشرات في البيئة العراقية يواجه عقبات عدة، منها نقص الثقافة المؤسسية حول أهمية القياس الكمي، وضعف البنية التقنية، إضافة إلى التحديات السياسية والأمنية التي تؤثر على استقرار العمل. ومع ذلك، فإن تبني مؤشرات ذكية ومخصصة للواقع العراقي، مع دعمها ببرامج تدريبية وتقنيات حديثة، قد يحدث نقلة نوعية في أداء المؤسسات، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة التي يتطلع إليها العراق.  

مثال عن مؤشرات القياس (KPIs) في مؤسسة عراقية:

لنفترض أننا نتحدث عن مؤسسة حكومية عراقية تعمل في قطاع الصحة (مثل مستشفى حكومي في بغداد)، وترغب في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. يمكن تطبيق مؤشرات قياس الأداء (KPIs) كالتالي:

1. مؤشر نسبة انتظار المرضى في الطوارئ:

الهدف تقليل وقت الانتظار في قسم الطوارئ لضمان استجابة سريعة للحالات الحرجة.  

وطريقة القياس تكون بحساب متوسط الوقت بين تسجيل المريض وبدء تلقي العلاج (بالدقائق). والغاية هي تقليل وقت الانتظار من 60 دقيقة إلى 30 دقيقة خلال فترة زمنية مثلا 6 أشهر.  

2. مؤشر رضا المرضى: 

الهدف هو تحسين تجربة المريض وزيادة ثقته بالخدمات الصحية، وتكون طريقة القياس هي اجراء استبيان يوزع على المرضى بعد انتهاء الخدمة، يقيس عوامل مثل التعامل الطبي، النظافة، وسرعة الإجراءات، والغاية تكون في تحقيق نسبة رضا لا تقل عن 80% بفترة سنة مثلا.  

من خلال هذا تكون النتائج المتوقعة هي تحسين كفاءة الخدمات الصحية وخفض الوفيات الناتجة عن التأخير، وزيادة ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية.  

هذا المثال يوضح كيف يمكن لمؤشرات القياس أن تكون أداة تحويلية للمؤسسات العراقية إذا تم تطبيقها بخطة واضحة وتناسب السياق المحلي.

 

 

توصيات لتطبيق مؤشرات القياس (KPIs) في المؤسسات العراقية:

1. تنظيم حملات توعية وورش عمل للقيادات الإدارية والعاملين حول فوائد الـ KPIs، وادراج مفاهيم إدارة الأداء في مناهج الجامعات العراقية بالخصوص كليات الإدارة، والهندسة، والطبية.

2. ربط مؤشرات الأداء باليات محاسبة صارمة مثل مؤشر زمن إنجاز المعاملات الحكومية. وإنشاء وحدات رقابة داخلية تراجعتقارير الـ KPIs دوريا، ونشر نتائج المؤشرات على مواقع المؤسسات الرسمية لتعزيز الشفافية.

3. التعاون مع منظمات عالمية مثل البنك الدولي، للحصول على الدعم الفني.

4. التركيز على القطاعات الحيوية مثلا تطبيق الـ KPIs في القطاعات الأكثر تأثيراً مثل الصحة، التعليم، والنفط.  

5. إصدار تشريعات تلزم المؤسسات الحكومية بوضع تقارير أداء ربع سنوية او سنوية، وانشاء هيئة وطنية لقياس الأداء الحكومي على غرار هيئة التقييس والسيطرة النوعية.  

6. إطلاق برامج تدريبية بالتعاون مع الجامعات ومراكز التدريب الدولية، وتخصيص منح دراسية في تخصصات إدارة الجودة والأداء، وتشجيع البحث العلمي في مجال الـ KPIs

7. تطبيق الـ KPIs في مؤسسة نموذجية مثل مستشفى أو جامعة كنقطة بداية، ثم تعميم النموذج.  

8. تضمين مؤشرات مرنة تأخذ بنظر الاعتبار التحديات الطارئة مثل مؤشر نسبة الإنجاز رغم الأزمات، ومراعاة العوامل الأمنية والسياسية.

تحتاج المؤسسات العراقية إلى رؤية استراتيجية تدمج مؤشرات القياس مع أولويات التنمية المستدامة، مع التركيز على الشفافية في جمع البيانات، والمشاركة المجتمعية لضمان مصداقية النتائج.

النجاح في تطبيق الـ KPIs قد يكون بوابة لتحقيق إصلاح حقيقي في العراق، شرط أن يصاحب ذلك إرادة سياسية والتزام من القيادات الإدارية.