
الضرائب الإلكترونية في العراق: فرص تعزيز الإيرادات ومكافحة الفساد في ظل التحول الرقمي
التصنيف: مقالات
تاريخ النشر: 2025-03-27 10:15:05
الضرائب الإلكترونية في العراق: فرص تعزيز الإيرادات ومكافحة الفساد في ظل التحول الرقمي
م. انصر سفاح كريم
قسم الدراسات التكنولوجية والامن السيبراني
تختلف قوانين الضرائب المتعلقة بمواقع التواصل الاجتماعي حول العالم بناء على السياسات الضريبية لكل دولة. والاستحقاق الضريبي على شركات مواقع التواصل الاجتماعي يخضع لمجموعة من القوانين والأنظمة الضريبية التي تختلف حسب الدولة والاختصاص.
على سبيل المثال، في عام 2021، أجرت تركيا تعديلات على قانون الضرائب لفرض ضريبة دخل بنسبة 15% على المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي. يتم اقتطاع هذه الضريبة مباشرة من خلال البنوك عند تحويل العائدات إلى حسابات المؤثرين.
وفي عام 2021، طالبت مصلحة الضرائب المصرية الأفراد الذين يحققون إيرادات من نشاط صنع المحتوى يطلب من هؤلاء التسجيل في ضريبة القيمة المضافة إذا تجاوزت إيراداتهم 500 ألف جنيه مصري.
وفي عام 2022، أعلنت الأردن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات الأردنية عن ضرورة تسجيل مشاهير مواقع التواصل الاجتماعيوالأشخاص الذين يحققون إيرادات مالية من أنشطتهم على هذه المواقع في الضريبة.
ان الاستحقاق الضريبة على شركات مواقع التواصل الاجتماعي يعتمد على القوانين الضريبية لكل دولة، لكنه غالبا يشمل العناصر التالية:
• تفرض معظم الدول ضرائب على أرباح الشركات الرقمية بما في ذلك منصات مثل فيسبوك، إنستغرام، تويتر، تيك توك، ويوتيوب، وان الشركات تدفع ضريبة دخل الشركات بناء على الأرباح الصافية التي تحققها داخل الدولة.
• بعض الدول تطبق ضريبة عالمية على الشركات الكبرى مثل الحد الأدنى العالمي للضريبة (15%) الذي أقرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
• بعض الدول تفرض ضرائب على الخدمات الرقمية بنسبة تتراوح بين 2% و10% من الإيرادات الناتجة عن الإعلانات الرقمية، وبيع البيانات، والمعاملات الإلكترونية، مثل فرنسا 3% ضريبة على إيرادات الإعلانات الرقمية، بريطانيا 2% على الشركات الرقمية ، الهند 6% على الإعلانات الرقمية للشركات الأجنبية التي تحقق إيرادات من السوق الهندية.
• بعض الدول تفرض ضرائب على أرباح المؤثرين وصناع المحتوى من الإعلانات والاشتراكات المدفوعة عبر هذه المنصات، ان الشركات مثل يوتيوب وتيك توك وفيسبوك ملزمة باقتطاع الضرائب من المدفوعات التي يتم إرسالها إلى المؤثرين في بعض الدول، مثال الولايات المتحدة التي تطبق ضريبة استقطاع تصل إلى 30% على الأرباح التي يحصل عليها منشئو المحتوى غير الأمريكيين من المشاهدات داخل أمريكا.
تواجه الحكومات تحديات في تتبع الإيرادات والأرباح بسبب طبيعة الأعمال الرقمية العابرة للحدود، وتستخدم آليات مثل توزيع الأرباح حسب المستخدمين، او تحسب الضريبة بناء على نسبة الإيرادات الناتجة عن المستخدمين في الدولة.
وتعد آليات الجباية الالكترونية لمواقع التواصل الاجتماعي جزءا من التحول العالمي نحو أنظمة ضريبية رقمية لمواكبة طبيعة الأعمال الحديثة العابرة للحدود. تعتمد هذه الآليات على تقنيات وإجراءات تهدف إلى تحصيل الضرائب بشكل فعال من الشركات الرقمية.
وتتجه الحكومات إلى تعزيز التشريعات والقوانين لضمان مساهمة الشركات الرقمية في الأنظمة الضريبية المحلية، خاصة مع تزايد الاعتماد على الاقتصاد الرقمي.
وان من اهم التحديات التي تواجه العراق هي مقاومة التغيير ومعارضة الفئات المستفيدة من النظام الورقي (مثل السماسرة والموظفين الفاسدين)، بالإضافة الى غياب الوعي بأهمية الضرائب وعدم ثقة المواطنين بالانظمة.
آليات الجباية الالكترونية:
أ. انظمة التتبع والابلاغ الالكتروني: تطلب الحكومات من الشركات ارفاق بيانات مبيعاتها وايراداتها المحققة داخل الدولة عبر منصات إلكترونية.
ب. الربط مع أنظمة الدفع: تتعقب السلطات الضريبية المعاملات المالية عبر بوابة الدفع الإلكتروني (مثل PayPal) لضمان إدراجها في الإقرارات الضريبية.
جـ. ضريبة القيمة المضافة: تفرض ضريبة الاستهلاك على خدمات التواصل الاجتماعي المدفوعة (مثل الاعلانات)، وتحصل تلقائيا عند إتمام المعاملة، وتلزم الشركات الأجنبية بالتسجيل في الأنظمة الضريبية المحلية لتحصيل الضريبة وإرسالها للحكومة.
من اهم التحديات التي تواجه الجباية الإلكترونية هي عدم الوضوح في تحديد المكان الضريبي، صعوبة تحديد الدولة التي يجب أن تدفع فيها الضريبة عند تقديم خدمات رقمية عبر الحدود.
وكذلك التلاعب في تسعير التحويل حيث بعض الشركات تنقل أرباحها إلى فروع في دول ذات ضرائب منخفضة.
تعتبر الضرائب الإلكترونية أداة مهمة لتحسين النظام الضريبي في العراق، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها مثل الفساد وضعف الكفاءة واعتماده الكبير على عائدات النفط.
فيما يلي أبرز الفوائد التي يمكن أن يجنيها العراق من تطبيق نظام الضرائب الإلكترونية:
1. يمكن للنظام الإلكتروني تسهيل إدراج القطاع الخاص (الذي يشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد العراقي) في النظام الضريبي عبر تبسيط إجراءات التسجيل والإبلاغ، بالاضافة الى خفض التهرب الضريبي من خلال التتبع الآلي للمعاملات المالية (مثل الفواتير الإلكترونية ومدفوعات المنصات الرقمية).
2. إلغاء التعامل الورقي وتقليل التدخل البشري في عمليات الجباية يسرع تحصيل الضرائب ويحد من الفساد. وتعزيز الشفافية من خلال توفير بيانات مفتوحة ومراقبة عبر منصات إلكترونية يمكن المواطنين والمؤسسات من تتبع استخدام اموال الضرائب، مما يعزز الثقة في الحكومة.
3. مكافحة الفساد (إلغاء الوساطة) حيث ان التحول إلى الدفع الإلكتروني المباشر يحد من فرص الرشاوى أو ابتزاز الموظفين في الدوائر الضريبية.
4. وجود نظام ضريبي إلكتروني متطور يشجع الشركات الأجنبية على الاستثمار في العراق، خاصة مع توفير بيئة واضحة وسهلة الامتثال.
5. الامتثال للمعايير الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الذي يشترط إصلاحات ضريبية لدعم العراق ماليا، والاستفادة من الاتفاقيات الدولية مثل مبادرة BEPS لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، التي تهدف إلى مكافحة التهرب الضريبي عبر الحدود.
أخيرا ان الضرائب الإلكترونية يمكن أن تكون محورا لإصلاح اقتصادي حقيقي في العراق، إذ تساهم في زيادة الإيرادات، ومكافحة الفساد، وجذب الاستثمارات. لكن نجاحها يتطلب توفير بنية تحتية رقمية قوية وبناء ثقة المجتمع، إلى جانب إرادة سياسية حقيقية لتنفيذ الإصلاحات.