
التداعيات الأمنية لاحتمالية هروب المتطرفين الارهابيين من السجون السورية بعد انهيار نظام الأسد
التصنيف: مقالات
تاريخ النشر: 2025-03-26 06:51:51
التداعيات الأمنية لاحتمالية هروب المتطرفين الارهابيين من السجون السورية بعد انهيار نظام الأسد
الباحثة / عبير حامد طالب
1. المقدمة
تشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات متسارعة ومعقدة تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الإقليمي، حيث تبرز الأوضاع في سوريا كنقطة محورية تؤثر على الأمن الإقليمي، وبالأخص على العراق، حيث ادىانهيار نظام الأسد وما تبعه من فوضى أمنية إلى هروب العديد من المتطرفين الإرهابيين الذين كانوا محتجزين في السجون السورية، مما شكل تهديدًا مباشرًا وجديدًا للأمن الداخلي في العراق، هذه الوضعية تعقد من الجهود المبذولة لمكافحة حالات التطرف العنيف التي يواجهها العراق.
تكمن الأهمية البحثية لهذه الدراسة في تحليل التداعيات من هروب هؤلاء المتطرفين وتأثير ذلك على العراق، حيث تهدف الدراسة إلى تقديم فهم معمق للمخاطر الجديدة والإشكاليات التي يواجهها العراق، وتقديم توصيات لمواجهة هذه التحديات.
انهيار نظام الاسد
في 8 ديسمبر 2024، تمكنت هيئة تحرير الشام من إسقاط نظام بشار الأسد بشكل مفاجئ، حيث سقطت دمشق بيد هيئة تحرير الشام وبدعم خارجي، أدى هذا الهجوم إلى نهاية حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من 53 عامًا. ()
وهيئة تحرير الشام، المعروفة اختصارًا بـ "HTS"، هي تحالف إسلامي جهادي في سوريا، تأسس في يناير 2017، تشكلت الهيئة من اندماج عدة جماعات مسلحة، أبرزها جبهة النصرة، التي كانت فرع القاعدة في سوريا قبل أن تنفصل عنها، يُعتبر تشكيل هيئة تحرير الشام استراتيجية لتوحيد الفصائل الجهادية تحت قيادة موحدة بهدف تعزيز القوة العسكرية والسياسية في المنطقة.
تاثير ذلك على السجون
على اثر ذلك حذر جهاز الامن الوطني العراقي من انهناك خطراً متزايداً من تخطيط تنظيمات إرهابية مثل داعش لهجمات على السجون السورية لتحرير عناصرها،وهذا يمثل تحدياً أمنياً كبيراً ليس فقط لسوريا ولكن أيضاً للعراق الذي يعمل جاهداً على تحصين نفسه ضد تدفق المقاتلين الأجانب والمحليين الفارين الذين يمكن أن يشكلوا تهديداً إرهابياً على أراضيه. ()
تشمل السجون التي اشار لها جهاز الامن الوطني العراق في عدة مواقع في سوريا التي يُعتقد أنها تحتوي على عدد كبير من المعتقلين، بما في ذلك الإرهابيين من العراقيين والأجانب () :
1. سجن الهول: يقع في الرقة، غرب سوريا. يُعرف هذا السجن بأنه يحتوي على عدد كبير من الإرهابيين وعائلاتهم، وغالبًا ما يُشار إليه في التقارير الإخبارية والتحليلات الأمنية بسبب الظروف الصعبة والاكتظاظ.
2. سجن الصوامع: أيضًا يقع في الرقة، وهو يُستخدم لاحتجاز المعتقلين في ظروف مشابهة لسجن الهول، ويُعد مركزًا لاحتجاز العديد من المقاتلين الأجانب والمحليين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية.
3. سجن الثانوية الصناعية: يقع في مدينة الحسكة في شمال غرب سوريا. هذا السجن يُعد من المواقع الرئيسية التي تشهد تحديات أمنية متكررة، وهو معروف بأنه يحتجز عددًا كبيرًا من الإرهابيين.
نستنتج من ذلك وجود نقطة تحول حرجة تؤثر على الأمن الإقليمي بشكل عام وعلى العراق بشكل خاص. إنهيار نظام الأسد يعد تطوراً مفصليًا أدى إلى خلق فراغ أمني قد يُستغل لإعادة تمكين الجماعات الإرهابية مثل داعش. حيث سبق وان استغلت هذه الجماعات الفوضى وانعدام الأمن لإعادة تنظيم صفوفها وتعزيز قدراتها العملياتية،والفراغ الناتج عن انهيار النظام السوري قد يسهل على المتطرفين الهاربين من السجون إعادة تكوين خلايا نشطة قد تنفذ عمليات عبر الحدود أو حتى داخل العراق،يُضاعف من خطورة هذا السيناريو التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق بالفعل في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، السجون مثل الهول والصوامع والثانوية الصناعية في الرقة والحسكة، التي تعد مراكز لاحتجاز الإرهابيين، بما في ذلك العديد من العراقيين، تصبح نقاط ضعف حرجة حيث يمكن أن تؤدي عمليات الهروب الجماعية إلى تسرب الإرهابيين إلى العراق وتعزيز الشبكات الإرهابية المحلية وخصوصا ان قوات سوريا الديمقراطية التي تحرس هذه سجون الارهابين الان هي في حالة قتال بين الحين والاخر مع الجيش التركي والمعارضة السورية.
لذا من الضروري للعراق تطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه التحديات الأمنية الجديدة والمعقدة:
1. يتطلب الأمر تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمراقبة تحركات الإرهابيين عبر الحدود، هذا يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق العمليات الأمنية بين الدول المجاورة لسوريا والعراق.
2. يجب على العراق تحصين حدوده بشكل أكثر فعالية لمنع تسلل الإرهابيين الهاربين والمقاتلين الأجانب، باستخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل أنظمة المراقبة والاستشعار عن بعد.
3. يجب على العراق تعزيز قدراته الأمنية الداخلية لمواجهة التهديدات الإرهابية، وذلك بتحديث نظام السجون وتأمينه بشكل أفضل لمنع الهروب وتقليل احتمالية التجنيد.
4. تحتاج الحكومة العراقية إلى تنفيذ برامج لإعادة التأهيل والتحصين الفكري للمعتقلين للحيلولة دون عودتهم إلى أنشطة التطرف بعد الإفراج عنهم.
حيث ان الاستجابة العراقية يفترض أن تكون شاملة، متعددة الأبعاد، وقادرة على التكيف مع التحديات الأمنية المتغيرة بسرعة المنبثقة عن الأزمة السورية.