نوادي الروبوت والذكاء الاصطناعي في العراق
التصنيف: مقالات
تاريخ النشر: 2025-03-25 12:07:37
نوادي الروبوت والذكاء الاصطناعي في العراق
م. زين العابدين سعد محمد_باحث
د. رغد الشابندر_عضو الفريق الوطني للذكاء الاصطناعي
في عصرنا الحديث نشهد تحولًا جذريًا في مختلف مجالات الحياة بفعل التطورات السريعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي لقد أصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية جديدة بل ركيزة أساسية للثورة الصناعية الرابعة ومع اقترابنا من عام 2025 تتجلى آثار هذه التقنيات في جميع جوانب الحياة بدءًا من الصحة والتعليم وصولًا إلى الصناعة والخدمات العامة ورغم التحديات التي تواجه العراق فإنه يسعى جاهدًا لإيجاد موطئ قدم له في هذا السباق العالمي مستفيدًا من الفرص التي توفرها هذه التقنيات لتحقيق التنمية المستدامة.
تتجلى أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل خاص في امتلاك القدرة على إنشاء محتوى يشبه ما ينتجه البشر قدمت شركات كبرى مثل OpenAI وGoogle DeepMind نماذج متقدمة مثل GPT-5، التي تعزز الإنتاجية في مجالات متعددة كالتسويق والتصميم وخدمة العملاء ومن المتوقع أن تصل قيمة سوق الذكاء الاصطناعي إلى تريليون دولار بحلول عام 2030 مدعومة بقطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية والتمويل هذا النمو السريع يسلط الضوء على أهمية الاستثمار في هذه التقنيات كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي.على صعيد التقنيات الناشئة تلعب الحوسبة الكمومية دورًا محوريًا في حل المشكلات المعقدة في مجالات مثل التشفير واكتشاف الأدوية كما أن الواقع المعزز (AR) والافتراضي (VR) يعززان تجارب المستخدمين في التعليم والرعاية الصحية مما يوفر طرقًا جديدة للتفاعل مع المعلومات ولعل Edge AI هو أحد الاتجاهات الجديدة التي تتيح معالجة البيانات محليًا على الأجهزة مما يعزز الخصوصية وكفاءة التطبيقات المحتملة للذكاء الاصطناعي في العراق.
في قطاع الرعاية الصحية يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تشخيص الأمراض بشكل أسرع وأكثر دقة يمكن استخدام الأنظمة الذكية لتحليل الصور الطبية مما يسهل على الأطباء اتخاذ القرارات السليمة كما يمكن أن تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة المستشفيات وتقديم الرعاية عن بُعد وهو ما يعد حيويًا خاصةً في المناطق النائية.أما في مجال الطاقة فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن كفاءة إنتاج الطاقة وإدارة الشبكات الكهربائية يمكن للعراق الذي يعتمد بشكل كبير على النفط والغاز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات الاستخراج والنقل والتوزيع كما يمكن أن تلعب هذه التقنيات دورًا في تعزيز مصادر الطاقة المتجددة.
لكن مع تقدم هذه التقنيات تظهر مجموعة من التحديات العالمية التي يجب مواجهتها فالأخلاقيات والتنظيم أصبحا موضوعين حيويين حيث تتزايد المخاوف بشأن "التحيز الخوارزمي" وانتهاك الخصوصية وقد دفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى إصدار قوانين صارمة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2025 بالإضافة إلى ذلك تشير التقديرات إلى فقدان حوالي 375 مليون وظيفة بحلول عام 2030 بسبب الاتمتمة ما يتطلب إعادة تدريب العمالة لمواجهة هذه التحديات بالإضافة إلى ذلك هناك نقص في الكوادر المدربة على تقنيات الذكاء الاصطناعي لذا ينبغي على العراق التركيز على برامج التعليم والتدريب المهني لتزويد الشباب بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل إن الاستثمار في التعليم هو استثمار في المستقبل في هذا السياق العالمي يسعى العراق للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز إنتاجيته في قطاعات حيوية فعلى سبيل المثال يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الكفاءة في الزراعة من خلال تحليل بيانات التربة والطقس مما يساعد في مواجهة شح المياه وأزمة نهرَي دجلة والفرات وفي مجال الصحة يمكن لأنظمة التشخيص الذكية أن تعوّض نقص الأطباء والمعدات من خلال تحليل الصور الطبية عن بُعد كما يمكن تحسين إدارة شبكات النفط والغاز عبر تحليل البيانات الضخمة.
منذ تسعة اشهر فقد كان مشروع النوادي حلما طموحا تحول الى واقع ملموس بفضل الدعم المستمر من قبل دولة رئيسي الوزراء محمد شياع السوداني أعلنت الحكومة العراقية برئاسة السيد محمد شياع السوداني عن خارطة طريق لتحويل البلاد إلى مركز تقني بحلول عام 2050 تشمل هذه الخارطة افتتاح نوادي للروبوت والذكاء الاصطناعي ودمج الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية وتطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الأمن السيبراني كما تسعى الحكومة إلى إقامة شراكات دولية لنقل التكنولوجيا مع التركيز على إنشاء منظمات رقمية مختصة في مجال الاقتصاد الرقمي.
|
|
ومع كون 70% من سكان العراق تحت سن الثلاثين ُعتبر الاستثمار في تدريب الشباب على مهارات البرمجة وتحليل البيانات فرصة لخلق وظائف جديدة في مجالات التكنولوجيا ومع ذلك يواجه العراق تحديات عدة منها ضعف البنية التحتية وانخفاض جودة الإنترنت في بعض المناطق مما يعيق تطبيقات الذكاء الاصطناعي لذا، فإن تعزيز التشريعات لحماية البيانات وتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي يعد أمرًا حيويًا أيضًا، يمكن للعراق تعزيز التعاون مع الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا من خلال شراكات استراتيجية إن تبادل المعرفة والخبرات مع الدول التي حققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال سيكون له تأثير كبير على تطوير القدرات المحلية.
علاوة على ذلك يجب على العراق العمل على خلق بيئة للاقتصاد الرقمي من خلال تشجيع ريادة الأعمال ودعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا إن الشركات الناشئة تلعب دورًا حيويًا في دفع الابتكار وتطوير حلول جديدة تتناسب مع احتياجات المجتمع.إن الاستثمار في التعليم ودمج الذكاء الاصطناعي في الجامعات وإنشاء مراكز بحثية متخصصة سيكون له تأثير كبير على مستقبل البلاد ومن الضروري أيضًا تعزيز الشراكات الدولية للاستفادة من تجارب دول أخرى مثل الإمارات وقطر في مجال التكنولوجيا
إن مستقبل العراق في مجال الذكاء الاصطناعي يعتمد على القدرة على استغلال الفرص المتاحة وتجاوز التحديات الاستثمار في التعليم والبنية التحتية وتعزيز الشراكات الدولية سيكون له تأثير كبير على تحقيق التنمية المستدامة إن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات سيساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز النمو الاقتصادي مما يجعل العراق لاعبًا فاعلًا في عالم التكنولوجيا المتقدم مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي يصبح من الضروري تطوير مهارات القوى العاملة تحتاج المؤسسات التعليمية في العراق إلى تحديث مناهجها لتشمل برامج تدريبية متخصصة في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.
يمكن للجامعات العراقية أن تستفيد من شراكات مع مؤسسات تعليمية عالمية لتطوير برامج تعليمية متقدمة مما يسهل على الشباب دخول سوق العمل بكفاءة هناك العديد من الطرق والأساليب التي يمكن من خلالها اكتساب المهارات اللازمة في هذا المجال الدراسة الأكاديمية تعد الجامعات والمعاهد التعليمية من أبرز الأماكن التي يمكن أن يبدأ منها الفرد رحلته في تعلم الذكاء الاصطناعي تقدم هذه المؤسسات برامج دراسات عليا وبكالوريوس متخصصة في علوم الحاسوب وتعلم الآلة والبيانات الضخمة.
من خلال هذه البرامج يحصل الطلاب على أساس قوي في الرياضيات والإحصاء وهما ركيزتان أساسيتان لفهم خوارزميات الذكاء الاصطناعي الدورات التدريبية عبر الإنترنت مع انتشار منصات التعليم الإلكتروني أصبح بإمكان الجميع الوصول إلى دورات تدريبية متخصصة في الذكاء الاصطناعي منصات مثل "كورسيرا"، و"يوتيوب"، و"أوديمي" تقدم محتوى تعليميًا متنوعًا يتناسب مع مختلف المستويات يمكن للمتعلمين اختيار الدورات التي تناسب احتياجاتهم سواء كانوا مبتدئين أو محترفين يسعون لتوسيع معرفتهم المشاريع العملية لا شيء يعزز التعلم مثل التطبيق العملي.
يمكن للمتعلمين العمل على مشاريع صغيرة أو الانضمام إلى مسابقات مثل "كاجل" لتطبيق ما تعلموه في بيئة تنافسية هذه المشاريع تتيح لهم مواجهة تحديات حقيقية وتطوير حلول مبتكرة مما يعزز من مهاراتهم ويزيد من ثقتهم بأنفسهم. القراءة والبحث تعتبر الكتب والمقالات العلمية من المصادر القيمة لتعلم الذكاء الاصطناعي. هناك العديد من الكتب التي تشرح المفاهيم الأساسية والتطبيقات المتقدمة في هذا المجال كما أن متابعة الأبحاث الجديدة والمقالات في المجلات العلمية تساعد المتعلمين على الاطلاع على أحدث التطورات والابتكارات الانضمام إلى المجتمعات تشكل المجتمعات المحلية والعالمية للذكاء الاصطناعي مصدرًا رائعًا للتعلم والتفاعل مع الآخرين المهتمين بنفس المجال يمكن للمتعلمين الانضمام إلى مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي أو المنتديات المتخصصة حيث يمكنهم تبادل المعرفة والخبرات وطرح الأسئلة، والحصول على نصائح قيمة من محترفين. التعلم الذاتي يمكن للمتعلمين أيضًا الاعتماد على أنفسهم في تعلم الذكاء الاصطناعي من خلال الموارد المتاحة على الإنترنت هناك العديد من المدونات والفيديوهات التعليمية التي تغطي مواضيع متنوعة في هذا المجال.
|
|
|
هذا النوع من التعلم يتطلب انضباطًا ذاتيًا لكنه يمنح المتعلم حرية اختيار ما يناسبه التدريب والتوجيه يمكن أن يكون الحصول على توجيه من محترف في مجال الذكاء الاصطناعي خطوة مهمة في رحلة التعلم قد يكون ذلك من خلال التدريب العملي أو الاستشارة الشخصية التفاعل مع شخص ذو خبرة يمكن أن يوفر رؤى قيمة ويساعد المتعلم على تجنب الأخطاء الشائعة. يبقى الأمل معقودًا على قدرة العراق على الاستفادة من هذه الثورة التكنولوجية وتحقيق تقدم ملموس يعود بالنفع على كافة شرائح المجتمع.
في الختام.... يمتلك العراق إمكانات هائلة ليكون لاعبًا فاعلًا في عالم الذكاء الاصطناعي خاصة مع تركيزه على الزراعة والطاقة والصحة إن النجاح في هذا المجال يتطلب إرادة سياسية واستثمارًا مستدامًا في التعليم والبنية التحتية كما أن التعاون الإقليمي والدولي سيسرع من وتيرة التحول نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا إن الرؤية المستقبلية للعراق في مجال الذكاء الاصطناعي تعتمد على القدرة على استغلال هذه الفرص والتغلب على التحديات مما يمهد الطريق نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.