
التطرف والانحراف السلوكي
التصنيف: مقالات
تاريخ النشر: 2024-10-15 22:33:44
الباحث: احمد مزاحم هادي
قسم دراسات التطرف العنيف
الانحراف السلوكي والتطرف هما ظاهرتان مرتبطتان يمكن أن تتفاقما في ظل الظروف غير المستقرة نفسياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً .
غالباً مايرتبط الانحراف السلوكي بالتطرف إذ يمثلان تحديات كبيرة تواجه المجتمعات المعاصرة، فالانحراف السلوكي والتطرف يهددان استقرار المجتمعات، فعلى مستوى الانحراف السلوكي، يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات الجريمة والعنف، مما يعزز الشعور بعدم الأمان، ويعرف الانحراف السلوكي خروج الأفراد عن المألوف واللياقة الاجتماعية والتعايش السلمي والابتعاد عن المعايير الاجتماعية وما تحمله من القيم والمعتقدات المقبولة عرفاً داخل الاسره و المجتمع الواحد ، ويتضمن سلوكيات مثل العنف بجميع اشكالة والجريمة، وتعاطي المخدرات، والتسول.
أما التطرف، فيهدد بنشر الكراهية والعنف على نطاق واسع، ويؤدي إلى تصاعد الهجمات الإرهابية التي تهدد السلم والأمن الدوليين، حيث يؤثران بشكل جوهري وبصورة سلبية على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، و تبني أفكار ومعتقدات متشددة بعيدة عن الوسطية تتعارض مع القيم المجتمعية ، وفي اغلب الاحيان يؤدي إلى أعمال عنف أو إرهاب، وهما وجهان لعملة واحدة إذ نجد أن هناك ارتباط وثيق بين الانحراف السلوكي والتطرف، فالأفراد أو الجماعات الذين ينخرطون في سلوكيات منحرفة قد يكونون أكثر عرضة لتبني الأفكار المتطرفة نتيجة شعورهم بالاضطهاد والعزلة الاجتماعية أو رفضهم للواقع الحالي، لاسباب تكون في بعض الاحيان اقتصادية والمتمثلة بالبطالة والفقر والتهميش الاجتماعي والتمييز مما يدفع الأفراد إلى سلوك منحرف كنوع من التفريغ الانفعالي أو للهروب من الواقع والسعي لتغيير طريقة الحياة أو الانتماء لجماعات يعتقد أنها أفضل منه معيشة، أو أسباب نفسية لتخفيف من حدة التوتر والشعور بالقلق والاحباط مما يجعلهم أكثر عرضة لقبول الأفكار والسلوكيات المنحرفة، وقبول هويات جديدة واتجاهات حتى وأن اختلفت مع معتقداتهم السابقة وما يملي عليه ضميره ، وهنا يدخل في الصراع بين النفس المطمئنة التي تتميز بالصبر والتوكل على الله والاقبال إلى مرضات الله بالنية والسلوك ، والنفس الاماره المتحيرة بين الشر والخير والتي تدفع صاحبها الى فعل الشيء ومن ثم تلومه على فعل ذلك الشيء غير الحسن ، ويكون حينها التبرير الأخلاقي للضمير هو الحاسم أو الفيصل لقبول السلوكيات المنحرفة وتخفيف من الضغوط النفسية .
ومن العوامل التي ساعدت في انتشار تلك الافكار هو الظهور الإعلامي عبر وسائل الإعلام وسهولة النشر مع ضعف الرقيب القانوني والاخلاق، من الضروري اتخاذ اجراءات حكومية رادعة واكثر صرامة لمكافحة الانحراف السلوكي والتطرف، واتباع استراتيجيات متعددة مثل الاهتمام بالتوعية والتعليم وتشجيع أفراد المجتمع والمؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني بالوعي حول مخاطر التطرف وتعزيز قيم الاندماج المجتمعي ، والاهتمام بأصلاح السياسات الاقتصادية و تحسين الظروف الاقتصادية وتوفير فرص عمل وتعزيز العدالة الاجتماعية لتقليل عوامل الإحباط والتهميش، ورفع الوعي الأجتماعي من خلال تعزيز دور الأرشاد التربوي والتثقيف على جميع المستويات داخل المؤسسات الحكومية والتعليمة ، وتنفيذ استراتيجية مكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الارهاب والتي تشير خطط عمل قصيرة ومتوسطة الامد، في مكافحة الفساد المالي والاداري ، وعدم الاستقرار السياسي، وضعف التعليم ، فضلاً عن ضعف التماسك الاجتماعي وتحقيق الاهداف المرجوة نحو مجتمع عراقي آمن ينبذ التطرف والكراهية ويؤمن بالسلم والتعايش .