الإعلام التنموي ودوره في تعزيز الجهود الحكومية لطريق التنمية
التصنيف: مقالات
تاريخ النشر: 2024-10-10 17:28:21
م.د.محمد جبار زغير
مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية - قسم دراسات التطرف
يؤدي الإعلام دوراً كبيراً ومهماً في إنجاح العملية التنموية، ويتألف جزء أساس من الجهود الإعلامية المعنية بالتنمية في تعبئة الرأي العام في البلدان المتنامية والمتقدمة معاً لمساندة الأهداف والسياسات الموضوعة. إذ تواصل الحكومات تقدماً وتضاعف مساعيها لتعميق تفهم الجمهور لترابط الجهود الإنمائية ولضرورة مساعدة الحكومات في تسريع تقدمها الاقتصادي والاجتماعي، إذ ينبغي تواصل الوسائل الإعلامية في توعية الناس على جميع المستويات بالفوائد وبالتضحيات المنتظرة، والحصول على مشاركاتهم التامة في تحقيق الأهداف والغايات الإنمائية.
إذ يحتاج المجتمع إلى إعلام يواكب خطط الحكومة الإنمائية ويعمل على خلق مشاركة من جانب أفرادها في عملية التنمية، فهو السبيل لنشر المعرفة بخطط الحكومة، وهو يوفر الرغبة بالتغيير وينمي اهتمام الناس بتغيير مجتمعاتهم، كون العراق يمثل جسراً جغرافياً رابطاً بين قارتي أسيا وأوروبا وبين منطقتي الخليج العربي وبلاد الشام، والعراق يقع في قلب مشروع الحزام وطريق التنمية لأنه يمثل ملتقى لخطوط المواصلات العالمية، فضلاً عن أنه جار لثلاث أطراف في المبادرة الصينية (تركيا، وايران، والسعودية)، وهذا المسار يحتاج إلى تفعيل دور وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في تنوير الرأي العام في أهمية هذا المشروع عن طريق تسليط الضوء على نسبة الإنجاز وبالأرقام والمشاهدات التلفزيونية المباشرة.
إذ يجب على وسائل الإعلام الرسمي وغير الرسمية تقديم المعلومات بشكل مستمر عن طريق التنمية، والقناة الجافة، والربط السككي، وانشاء الطرق البرية بين اوروبا شمالاً والخليج العربي جنوباً، اذ يتم بموجبه نقل البضائع بين الخليج وأوروبا، وسينقل السلع والبضائع من أوروبا إلى الخليج وبالعكس من العراق.
فضلاً عن نحتاج إلى تعميق الصورة الذهنية من الفكرة الأساسية من المشروع لدى المواطن العراقي عن طريق الإعلام، وأهمية ربط ميناء الفاو الكبير بشبكة من الطرق البرية والسكك الحديدية، وإعلام الجمهور بمميزات المشروع، من أجل خلق فرص عمل كثيرة، وتنويع إيرادات الاقتصاد العراقي، وتعزيز العلاقات الدولية، وتوفير (15) يوماً من المدة الزمنية لشحن البضائع بين شرق أسيا وشمال أوروبا، وتعزيز التجارة والاندماج المحلي، ونقل (3،5) مليون حاوية سنوياً بحلول 2028.
كذلك نحتاج إلى تبديد المخاوف لدى المواطن والمسؤولين حول التحديات التي تقف حول المشروع من مخاوف الفساد، والشكوك حول تحويل المشروع إلى مصدر للتمويل على حساب الجودة، وتطوير البنى التحتية، والتمويل الكافي للمشروع، مع بيان وضوح مصادر تمويل المشروع، وامدادات الطاقة الكهربائية، وتعقيدات الأراضي والممتلكات، والإجراءات القانونية مع أملاك السكان الأصليين، والتسوية القانونية الملكية، مع تذليل التحديات البيئية والبيولوجية، مع الحفاظ على المناظر الطبيعية، وحماية الحياة البرية، والتصحر والمياه الجوفية، والاهتمام بالتخطيط الهندسي والعمراني للمشروع ومقتربات المشروع.
إذ يشير مفهوم الإعلام الإنمائي إلى استعمال الوسائل الاتصالية كافة من أجل تعزيز الخطط الإنمائية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع، ويعود الفضل الأول في نشر مفهوم الإعلام التنموي إلى عالم الاجتماع في مجال الاتصال الجماهيري (ولبرشرام) عام 1974، والذي ألف كتاباً في وسائل الإعلام والتنمية.
فيما أشار الباحث خميس محمد كرحوت في بحثه الموسوم الإعلام التنموي ودوره في تغيير المجتمعات نحو بيئة خالية من التلوث إلى مجموعة من الخصائص، وهي:
- أنه إعلاماً هادفاً يعمل على تحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية لخلق أرضية مناسبة لإنجاح عملية التخطيط التنموية.
- يُعد إعلاماً واقعياً في تعامله مع الجمهور وتبادل الثقة.
- يعمل وفق خطة تنموية مدروسة في اعمال التنموية المرتبطة بمصلحة المجتمع.
- يعمل على تحقيق المصلحة العامة من خلال اقناع الجمهور بالتنمية وضرورة التغيير الاجتماعي.
- متعدد الابعاد، الصحية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية.
أما آليات تفعيل الإعلام الإنمائي تكمن في:
- تدريب الكوادر الإعلامية والصحفية المتخصصة في مجال الإعلام الانمائي.
- التنسيق بين توجهات الدولة التنموية والمؤسسات الإعلامية الحكومية وغير الحكومية.
- اعطاء فرصة للجمهور في المشاركة في طرح قضاياهم في المجل الاجتماعي والتنموي.
فيما حدد عالم الاجتماع البريطاني (دنيس ماكويل) المبادئ الأساسية للإعلام التنموي بما يأتي:
- وسائل الإعلام يجب أن تعمل في إطار الأهداف التنموية وسياساتها.
- حرية وسائل الإعلام تل مرهونة بالأولويات الاقتصادية والحاجات التنموية.
- يجب ان تعطى وسائل الإعلام الاهتمام في محتوى اللغة والثقافة الوطنية.
- إعطاء الأولويات في التغطية الإخبارية والمعلومات للدول النامية الأخرى التي ترتبط بالدولة جغرافياً أو ثقافياً أو سياسياً.
- حرية الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام تكون مرهونة بمستوياتهم في جمع.
وكذلك أولت الأمم المتحدة أهمية خاصة للإعلام الإنمائي، وحددت عام 1972 يوماً عالمياً للإعلام الإنمائي يوافق 24 تشرين الأول-أكتوبر من كل عام، من أجل لفت انتباه الرأي العام العالمي لمشاكل التنمية والحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل حلها، ورسمت مسارات متعددة، ومنها:
- تعبئة الرأي العام:
رأت الأمم المتحدة أن من شأن تحسين نشر المعلومات وتعبئة الرأي العام، ولا سيما بين الشباب، أن يؤدي إلى مزيد من الوعي بمشاكل التنمية، وبالتالي، تعزيز الجهود في مجال التعاون الدولي من أجل التنمية.
- العلم والتقنية:
ينبغي أن يُتاح التعاون الدولي الكامل لإقامة وتعزيز وتنمية الأبحاث العلمية والنشاطات التقنية ذات العلاقة بتوسيع وتعصير اقتصادات البلدان المتنامية. وينبغي أن يولى اهتمام خاص لتشجيع التقنيات المناسبة لهذه البلدان، وبذل جهود بحثية مركزة تتعلق بمشاكل مختارة يكون حلها فعل محفز في التعجيل بالتنمية.
3. حلول جديدة للتحديات الإنمائية:
إن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات تطرح فرصا وتحديات جديدة، وهو ما يُحتم ضرورة التصدي للعقبات الرئيسية التي تواجهها البلدان النامية في الحصول على التكنولوجيات الجديدة، من قبيل عدم كفاية الموارد والهياكل الأساسية والتعليم والقدرات والاستثمارات والقدرة على الاتصال والمسائل المتعلقة بملكية التكنولوجيا ومعاييرها وتدفقاتها، وتهيب، في هذا الصدد، بجميع أصحاب المصلحة توفير قدر كاف من الموارد وتعزيز بناء القدرات ونقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية.
4. الفجوة الرقمية:
إن القلق إزاء الفجوة الرقمية في الحصول على أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفي تقنية الاتصال السريع بين البلدان التي تختلف مستويات تنميتها، التي تؤثر في كثير من التطبيقات المهمة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية في مجالات من قبيل الحكم والأعمال التجارية والصحة والتعليم، وتعرب كذلك عن القلق إزاء التحديات الخاصة التي تواجهها البلدان النامية، بما فيها أقل البلدان نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية والبلدان النامية غير الساحلية، في مجال القدرة على الاتصال السريع.
كذلك نقترح، تكثيف الحملات الإعلامية والإعلانية والعلاقات العامة في تعزيز الجهد الحكومي في طريق التنمية، والاستمرار في تنوير الرأي العام بالمستجدات حول طريق التنمية، وانشاء منصة للإعلام التنموي حول المشاريع التنموية في العراق، وينبغي أن تكون تعبئة الرأي العام من مسئولية المؤسسات الإعلامية الرسمية أساساً؛ ويمكن للحكومة العراقية أن تنظر في إنشاء منصات إعلامية لتعبئة الرأي العام أو تقوية ما هو موجود منها؛ كما يمكن لها، في المدى الطويل، أن تزيد من توجيه مناهج التعليم نحو خدمة الأغراض الإنمائية.
ونظراً إلى المساهمة الكبيرة التي يمكن أن يقدمها الإعلام في تعبئة الرأي العام، فلا غنى عن قيام المؤسسات الإعلامية المختصة بتحديد أهداف ملموسة تؤدي إلى مزيد من الوعي بمشاكل التنمية، وبالتالي، تعزيز الجهود في مجال التعاون من أجل التنمية، وتفعيل مفهوم صحافة التنمية وهي صحافة مجتمعية تسعى لتحقيق أهداف أكبر كالعدالة الاجتماعية وتحسين الصحة والتعليم، والعمل على عقد مؤتمر تخصصي حول الإعلام الإنمائي في العراق، وتنمية القدرات التأثيرية للوسائل الاتصالية والإعلامية في تحقيق التنمية الشاملة، وإعداد سياسة إعلامية تواكب تطورات المشاريع التنموية وتعمل على بناء الثقة بين وسائل الإعلام والمواطنين، ووجود مكتب إعلامي خاص بالمشاريع التنموية يحدث بياناته بشكل يومي ويزود المواطنين ووسائل الإعلام بالمعلومات.