مهددات الأمن الفكري التي تواجه الشباب

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-06-27 06:08:24

 

د. حنان شهاب احمد

قسم دراسات الازمات والمخاطر

  لم يعد الأمن يقتصر على الامن العسكري اذ أصبح من مفاهيم الامن التقليدية أو الأمن الغذائي أو الامن النفسي فقط، بل يشمل مفهوما أوسع يشمل أيضا الامن الفكري. وهو من المفاهيم المعاصرة الجديدة الذي يتفاعل مع أشكال الأمن الأخرى ويتأثر بها، ولا يمكن تحقيق الاستقرار دون ضمان الحد الأدنى من الأمن الفكري للفرد والمجتمع.

فالأمن الفكري هو مجموعة من الاجراءات والأساليب المعنوية والمادية التي يجدر بالمؤسسات الاجتماعية الرسمية لتامين البناء العقلي المعنوي للإنسان للحفاظ على المعتقدات الصحيحة وقيم المجتمع التي تقوم بتوجيه السلوك وفق ما يحقق أمن المجتمع في جميع الجوانب، كما أنه تحصين للعقل من خلال تفعيل مدركات الفرد لتمكينه من القدرة على التمييز بين مختلف ما يسمعه ويراه ويقرأه ثم قبوله ما توائم معتقداته ورفض ما يخالف قيمة الاصيلة.

 تكمن أهمية الامن الفكري في مفهومه الجوهري لأنه يمثل مرتكز اساسي لتعايش الإنسان مع نفسه ومع الآخرين وحاجزاً يحمي الفرد والمجتمع من الارتباك الفكري وضعف المبادئ والقيم الأخلاقية، وتسهم السلامة الفكرية للفرد في تحقيق المكارم الأخلاقية لأنها تعزز السلوك الجيد، وتحمي حقوق الآخرين، وتشجع السلوك الأخلاقي الذي يحترم القيم الإنسانية، من خلال دور العقل في توجيه سلوك الإنسان واتخاذ القرارات السليمة في الحياة.

وهناك عده تحديات تواجه الامن الفكري منها العلمانية التي تدعو إلى فصل الدين عن السياسة والحرية الفكرية، والتي تدعو الى حرية التصرف المطلقة للأفراد في تحديد ما يتبعونه أو يتجنبونه.

وسوء الفهم للدين الذي يمكن أن يؤدي إلى التطرف، والذي يقابله التسامح المفرط تجاه العادات والثقافات الأخرى المتعارضة مع الدين وقيمه.

كما ان العولمة الثقافية المتمثلة بانتقال الأفكار والمعاني والقيم إلى جميع أنحاء العالم لتوسيع العلاقات الاجتماعية. وتتميز هذه العملية بالاستهلاك والاستخدام الشائع للثقافات المنتشرة والمتعارف عليها عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والسفر عالمياً. والتالي تخلق هويات مجتمعية جديدة وتكوين شخصيات تتبنى ثقافات غريبة عن الثقافة الأصلية للمجتمع

أن ضعف نظام الحماية الفكرية للأفراد، وخاصة المراهقين، سببه ضعف الوعي الديني، وإهمال القيم الدينية والاخلاقية، وتراجع دور المساجد كمراكز للإرشاد والمشورة وتراجع دور المؤسسات التعليمية، مما قد يكون له تأثير سلبي على النظام الفكري، إلى جانب تأثير وسائل الإعلام العالمية والمحلية وظهور الإنترنت، يصعب السيطرة على مخرجات المعلومات وسلوك السوق والانحرافات الأخلاقية. كما يرتبط التفكك الأسري بضعف الجهاز الفكري، وقصور في التواصل والاهتمام باحتياجات المراهق، فضلاً عن تأثير الأقران والمصادر الخارجية دون التوجيه السليم من الأسرة، مما يجعل الفرد عرضة للانزلاق. أية اتجاهات قد تؤدي إلى الانحياز الفكري والتطرف.

تتفق الآراء والدراسات على عدد من المبادئ لحماية المنظومات الفكرية للشباب في المجتمع، منها إعلاء شأن المعتقدات الدينية وتعزيز الوسطية في الإسلام من خلال دعم المؤسسات ذات الصلة وحماية الأفراد من الحركات المتطرفة والمتطرفة. ويجب أيضًا فتح المجال لحرية التعبير داخل المجتمع واستخدام الحوار والإقناع للتعامل مع المعارضة.

تعتبر التنشئة الأسرية الصالحة أمراً بالغ الأهمية لأن الاستقرار النفسي والعاطفي والمادي الذي توفره الأسرة يساعد على غرس الثقة والاطمئنان، وبالتالي تعزيز القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية لأفرادها، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تنمية قيم العائلة. الشخصية غير مستقرة وعرضة للانحرافات.

ويجب استخدام وسائل الإعلام في خلق المعرفة وتوجيه الحوار البناء وتفعيل دور المؤسسات التعليمية في حماية الأمن المعرفي الاجتماعي. تقع على عاتق المناهج والمعلمين والإدارات الإدارية في المؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات مسؤولية تصحيح الانحرافات في الوقت المناسب، وتوجيه أفكار الشباب نحو القيم الصحيحة، وتقليل تأثير العوامل الخارجية على الشباب.