تحليل السياسة الخارجية الامريكية في عهد خمس رؤساء

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2017-10-20 18:55:45

تحليل السياسة الخارجية الامريكية في عهد خمس رؤساء

وفقاً لمنظور المدرسة الواقعية والمثالية

سيرة 32 عام

 

د.علي اغوان

باحث ومتخصص في شؤون العلاقات الدولية والإستراتيجية

صدام المرجعيات

تشكل عملية صدام المدارس الفكرية الايديولوجية الامريكية فيما يخص السياسة الخارجية سمة بارزة من سمات اي سباق انتخابي يجري في الولايات المتحدة الامريكية على مدار سنوات طويلة ، هذا الصدام ينتهي دائماً بفوز احدى المدرستين – الواقعية بفروعها المتشعبة او المثالية بتحديثاتها وطرفياتها العديدة – او بفوز جهة توفيقية تعتمد على مزيج من المدرستين مع ميلان واضح لإحداها والتي لديها رؤية شبه كاملة حول الاوضاع العالمية ومتعلقاتها. وقد جاءت عملية فوز المدرسة الواقعية للحزب الجمهوري وممثلها دونالد ترامب (2016-2020) بصدمة كبيرة للأوساط الاكاديمية والسياسية والشعبية خالفت كل التوقعات والاستطلاعات.

تعتمد هذه المدرسة او ما تسمى بـ مدرسة الصقور الامريكية ذات الخلفية الجمهورية على اولويات توظيف القوة الخشنة المادية بشقها الاقتصادي والعسكري والتي تم ترجمتها بشكل سريع على ارض الواقع من خلال الفريق الفني التخصصي الذي اختاره ترامب لإدارة المناصب السيادية بعد فوزه . يأتي فوز المدرسة الواقعية من جديد بعد ثمان اعوام من حكم المثاليين للولايات المتحدة الامريكية في عهد ولايتي الرئيس السابق باراك اوباما (2008-2016) بينما حكم الواقعيين قبل ذلك ثمان اعوام سابقة تمثلت بولايتي الرئيس جورج بوش الابن (2000-2008)، والذي استلم السلطة من رئيس مثالي حكم قبله لثمان اعوام هو الاخر معتمدا على المدرسة المثالية في ادارته(1992-2000) بينما كان الرئيس السابق بوش الاب قد حكم على وفق مبادئ الواقعية لأربعة اعوام دامت منذ عام 1988-1992).

من ناحية ثانية ، يمكن توصيف المدرسة الواقعية بإطارها الكلاسيكي على انها المدرسة التي تعتمد على افتراض رئيس صاغه هانز مورغن ثاو وهو ((ان الدول دائما تسعى لان تزيد في قوتها )). اي ان الدول بحسب هذه المدرسة ترى ان العلاقات الدولية علاقات تقوم على اساس ان المصلحة لا يمكن تحقيقها الا عبر القوة بصورة مباشرة او غير مباشرة وعلى رأس هذه الاليات تأتي القوة وهي العسكرية.

بينما المدرسة المثالية في تحليل العلاقات الدولية ترى بان العلاقات يمكن ان تقوم على اسس اقل درجة من السعي وراء حيازة القوة واحتكارها لتحقيق المصالح . بمعنى ان المدرسة المثالية ترى ان هناك فرصة امام القانون الدولي والمنظمات الدولية ومواثيق حقوق الانسان والدول نفسها وغيرها من الاليات التي يمكن عبرها حل النزاعات عبر التوفيق والتحكيم والوساطة والمساعي الحميدة دون التهديد المباشر بالقوة او استخدامها .

عموميات حول المدرستين

المدرسة الواقعيةالمدرسة المثالية
القوة بمفرداتها العامة(العسكرية وغيرها) تعني لها اولوية كخيارالخيار العسكري ليس الخيار الاول دوما بل هو الثاني والثالث
النظام الدولي بالنسبة لها فوضويالنظام الدولي فيها يمكن ان يكون منظم
تنظر للقانون الدولي كونه الية لتحقيق المصالحتنظر للقانون الدولي كآلية لحل النزاعات
المنظمات الدولية غير ذات اهمية كبرى بالنسبة لهاترى ان المنظمات الدولية اساس في استقرار العلاقات الدولية
تنظر للاقتصاد كغاية نهائية تصل اليها المحصلة العسكريةتنظر للاقتصاد كغاية اولية يجب العمل على تعزيزها
تميل للعمل العسكري المنفرد والقياديتميل للعمل العسكري المشترك ضمن اطار التحالفات الجماعية
ترى العلاقات الدولية كما هي بواقعية .اي كما هي موجودةترى العلاقات الدولية كما يجب ان تكون (منظمة.مستقرة، لا فوضوية)

 

رؤساء في ميزان المدرستين

  1. بوش الاب: 1988-1992 ينتمي للمدرسة الواقعية ، حيث وقعت في عهده حرب الخليج الثانية وعملية اخراج العراق من الكويت بالقوة العسكرية ، وعملية اجتياح الصومال ، بمعنى طبق مبدأ القوة كاولوية رئيسة كما جاء في المنهج الواقعي.
  2. بيل كلنتن: 1992-2000 ، ينتمي للمدرسة المثالية ، سحب القوات الامريكية من الصومال بعد دخولها في عهد بوش الاب وركز على العمليات العسكرية الجوية الخاطفة بدل الاجتياحات العسكرية على افغنستان والعراق ويوغسلافيا ، بمعنى انه اكتفى بتوظيف المنظمات الدولية والقانون الدولي والأحلاف العسكرية (ركز جدا على الناتو) كعمل وركز على الجانب الدبلوماسي الاقتصادي بعكس الواقعيون الذين يركزون على الجانب العسكري بشكل كبير.
  3. بوش ألابن 2000-2008 ينتمي للمدرسة الواقعية ، احتلت في مرحلة حكمه دولتين وهما العراق وافغنستان وعانى الاقتصاد الامريكي جدا جراء هذه الافعال.
  4. باراك اوباما: 2008-2016 ، ينتمي للمدرسة المثالية ، سحب القوات الامريكية من العراق وجدول عمليات تقليص الجيش الامريكي في افغنستان مقابل دور جديد للناتو في هذا البلد.ترك داعش دون اي تدخل عسكري حاسم واكتفى بتشكيل تحالف دولي كبير غرضه الاساس احتواء داعش (تذكروا ان المثاليون لا يميلون للخيار العسكري كأولوية)الا في حالات قصوى عبر تحالفات.
  5. دونالد ترامب: 2016 – 2020 وربما 2024 ، ينتمي للمدرسة الواقعية ، تصريحاته وخطاباته بشكل عام تشير وترجح عمليات ازدياد الاعتماد على الجانب العسكري المباشر لتحقيق المصالح الامريكية غير ان الموضوع الى الان لا يزال طي المستقبل .