طرق الاحتيال الحديثة (التسول الالكتروني انموذجاً)

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2024-02-11 08:56:03

لم يعد خافيا حجم التحول الرقمي الذي انتشر في كافة مجالات الحياة والبيئة الافتراضية التي ولدتها مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من الجانب الايجابي التي قدمته لنا تلك التقنيات الحديثة الا انها لا تخلو من السلبيات التي تؤثر على البيئة المجتمعية بصورة مباشرة لا سيما تباين البيئة العراقية والغربية من حيث العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية.

 ومن بين تلك السلبيات التي بدأت تظهر في الوقت الحاضر على شكل حالات، الا انها في المستقبل قد تتحول الى ظاهرة من الصعب السيطرة عليها ونعني بها (التسول الالكتروني) الذي ينتشر في اغلب مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان كان مقتصراً على الطرق والشوارع العامة الا انه الان بدأ يتكيف مع التحول الرقمي ويستغله من خلال استخدام عده طرق ووسائل متنوعة ومختلفة ويكون هدفها النصب والاحتيال والتي تدخل ضمن الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.

حيث يعد التســول الإلكتروني إحــدى المشكلات التــي تشــكل خطــرا علــى المجتمــع لمــا لهــا مــن آثــار علــى الامن الاجتماعي والنفسي والاقتصادي، فمن خلال هـذه الطريقـة يسـتغل المتسـول عاطفـة الاخرين للإيقاع بهــم فــي فخــه الاحتيالي لتحقيــق أكبــر قــدر ممكــن مــن المكاســب الماديــة.

دائما ما يعمل ممارسي التسول الالكتروني على اثارة العاطفة والغرائز الإنسانية وصولا الى هدفهم فكثيراً ما نشاهد من خلال المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي نصوص دينية تحث على الصدقة ومساعدة الفقير يليها طلب المساعدة لإجراء عميلة جراحية او مساعدة يتيم او بأبداء الاحتياج الى مبلغ من المال، او القول انه لا يمتلك سكناً وغيرها من الطرق التي تجذب الناس لدفع مبالغ طائلة دون معرفة صحتها، ان ظاهرة التسول بصورة عامة لها ابعاد عديده ومتنوعة ذات علاقة ارتباطية بالمنظومة المجتمعية لأي مجتمع سواء على الجانب الاقتصادي او الاجتماعي او السياسي والقانوي وكذلك الاخلاقي، اذ لا يمكن عزل هذه المشكلة عن المنظومة الكاملة كونها تعبير طبيعي ونتاج الازمات التي حلت على المجتمع.

كما ان الفقر يعتبر من اهم الظواهر التي تؤدي الى المشكلات الاجتماعية والانحرافات السلوكية، كذلك الشخص الذي ليس لديه ضوابط يمكن ان يلجأ32

 للتسول السلبي وليس بالضرورة ان يكون المتسول فقيراً، ويؤكد البعض على الحاجة المؤقتة التي دعت المتسول للطلب من الناس بملاحظة ان مردود التسول أصبح عالياً، وبذلك أصبح مهنة لهم بغض النظر عن حاجتهم الفعلية لتلك الاموال وكيفية الحصول عليها من الشارع او مواقع التواصل الاجتماعية.

 وبما ان اغلب المتابعين لتلك البرامج من فئة الشباب ولكلا الجنسين، اذ بلغ عدد مستخدمي تلك البرامج في العراق حسب البيانات التي قدمها مركز الاعلام الرقمي(DMC) خلال هذا العام الى 25.53 مليون شخص، ويبلغ عدد مستخدمي الفيس بوك 17.95 مليون والإنستغرام 14 مليون والماسنجر فيسبوك 15.10 مليون، اما السناب شات 16.10 مليون والتويتر 2.50 مليون واخيراً التيك توك 23.88 مليون مستخدم، حيث تعتبر هذه الاعداد التي تصل الى اكثر من نصف عدد سكان العراق مؤشر خطير على المجتمع من حيث استغلال تلك الاعداد لزجها لممارسة الظواهر والسلبيات غير المقبولة في مجتمعنا ومنها التسول الالكتروني الذي من خلاله استغلال عاطفة المتابعين والتبرع بمبالغ قد تذهب الى مصادر تمويل لجماعات متطرفة او ارهابية او مخدرات و كافة انواع الجرائم المنظمة بغض النظر عن صدق المتسول من عدمه.

 بالتالي هي حالة غير مقبولة ومن الصعب على المتابعين التمييز بين الحقيقة والخداع من قبل هؤلاء المتسولين، كذلك يصعب القبض عليهم من قبل السلطات ومحاسبتهم وذلك لصعوبة الوصول لهم ومحاسبتهم فأغلبهم ينشؤون صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية.

لذا من الضروري التوعية والتثقيف حول هذه الحالات او الظاهرة في المجتمع، حتى لا يقع الفرد فريسة لهؤلاء المحتالين وبين الشعور بالذنب لعدم مساعدتهم في حال لو كانوا فعلاً محتاجين، كذلك توعوية الافراد بضرورة التبرع للجمعيات الخيرية المرخصة، أو للأشخاص المعروفين والموثوقين في محيطنا، وعلى الجهات المختصة التنسيق مع هيئة الاعلام والاتصالات حول اتخاذ الإجراءات القانونية في محاسبة المسيئين والمستغلين الذين يمارسون الاحتيال والنصب الالكتروني.

 

 

الباحث

مصطفى الغراوي

قسم الدراسات الاجتماعية