الاغتراب الثقافي وأثره على الشباب

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-11-22 18:03:19

الباحث

مصطفى رحيم الغراوي

قسم الدراسات الاجتماعية

حصلت في السنوات الاخيرة تطورات تكنولوجية سريعة وكبيرة أثرت على الثقافات المحلية حتى اصبحت الجهات البعيدة متقاربة من بعضها، الأمر الذي نتج عن ذلك تطور هائل في جميع المجالات، الا ان هذه التطورات لم تكن جميعها ايجابية بل كان لها تأثيرات سلبية كبيرة خاصة على الدول النامية التي يسهل تأثرها بالثقافات الاخرى، التي أثرت فيها التغيرات والحداثة الأمر التي نتجت عن ذلك الكثير من المشكلات الثقافية والاجتماعية والنفسية ومن اهم وأخطر هذه المشكلات هي ظاهرة الاغتراب الثقافي.

ويعرف الاغتراب الثقافي على انه (انفصال عن النظام الثقافي والاجتماعي واسلوب الحياة المتبع في بيئته الثقافية نتيجة لاعتقاده أن تحقيق متطلباته بالاعتماد على ثقافات اخرى لتسير امور حياته وتحديد اتجاهاته)[1]

والثقافة تشكل هوية المجتمع وتحدد انتماءاته فمن خلال الثقافة السائدة في المجتمع يشعر الفرد بالانتماء لوطنه، لأنه يعيش وسط مجتمع تجمعهم عدة روابط من لغة وعادات وتقاليد وقيم مجتمعية، وكلما كان الشعور بالانتماء مترسخاً في نفوس إفراد المجتمع تنامى الشعور بالأمان والألفة بين إفراده، الأمر الذي يؤدي الى سهولة التواصل بين إفراد المجتمع على اختلاف المناطق التي ينتمون إليها واشتراكهم جميعاً في الآمال والآلام والطموحات والتحديات التي تواجههم كمجتمع[2]

ويلاحظ ان ظاهرة الاغتراب الثقافي قد انتشرت في مجتمعنا خاصة بين فئة الشباب لتنذر بخطر انجرار الشباب، للتخلي عن هويتهم الثقافية والتوجه نحو الثقافات المستوردة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وثمة أسباب ودوافع أخرى تدفع قطاع واسع من الشباب العراقي للاغتراب ثقافيا وسلوكيا واهمها.

  1. ضعف وسائل التنشئة الاجتماعية بدءاً من الأسرة والمدرسة والمجتمع في تعزيز القيم الثقافية المحلية في نفوس الأطفال والشباب وبناء أساس رصين لإبعاد التيارات الثقافية الدخيلة على قيمنا الاجتماعية.
  2. تأثير البطالة وارتفاع الفقر بين الناس وخصوصاً الفقر متعدد الابعاد الذ يظهر في عدة قطاعات منها (التعليم والصحة والسكن والخدمات) وانعكاساتها خاصة على فئة الشباب الذين لم يجدوا المبرر للتمسك بقيمهم الاجتماعية واعتقادهم بأن الثقافة الأجنبية هي التي تمنح لهم الخلاص من مشكلاتهم المجتمعية المتزايدة كما يعتقدون.
  3. ضعف المناهج التربوية التي تعزز مضامين القيم والعادات والتقاليد وتحافظ على النسيج الثقافي لأفراد المجتمع وخصوصا في المراحل التعليمية الابتدائية والثانوية.

حيث نتج عن هذه الظاهرة الكثير من المظاهر السلبية، التي لم تعد تقتصر تأثيرها على الفرد المغترب ثقافيا فحسب، بل امتد تأثيرها لتنتج الكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية كـ (السلوكيات المنحرفة والالحاد وفقدان الهوية) وغيرها من الانحرافات الي بدأت تعصف بشبابنا.

لذا من الضروري  تشديد الرقابة على الوسائل الإعلامية والدرامية المقدمة للجمهور بعدم بث أية مظاهر تهدم ثقافة المجتمع وتعبث بقيمه وتقاليده الاجتماعية والدينية ، وتشجيع القنوات الإعلامية على تعزيز الثقافة الوطنية الواحدة من خلال المهرجانات الثقافية والإعلامية التي توجه الشباب نحو الاعتزاز بثقافتهم واجراء محاضرات توعية داخل الجامعات العراقية لتعزيز الهوية الثقافية التي ترعى الارث الاجتماعي الذي يتوارثه افراد المجتمع من جيل الى اخر، كذلك تعليم الأطفال انماط الثقافة السائدة في المجتمع وضرورة الإشراف الاسري على البرامج التي يشاهدها الاطفال عبر التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي.


[1] حورية هدهود (2012) الاغتراب النفسي وعلاقتها بالتوافق النفسي الاجتماعي لدى المراهق الجانح

[2] الاغتراب الثقافي ظاهرة خطيرة تستهدف ثوابت المجتمع https://www.youm7.com/