اتفاق باريس لتغير المناخ 2015

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2023-11-14 13:34:33

هند مالك

مقدمـــــة:

تعد قضية تغير المناخ من القضايا العالمية في عصرنا، وبالتالي لتغير المناخ نتائج سلبية مثل تغير احوال الطقس الذي يهدد الانتاج الغذائي، وارتفاع منسوب مياه البحر وزيادة خطر الفيضانات الكارثية، ولان قضية تغير المناخ مهمة فالأمم المتحدة ابرمت اتفاقية الامم المتحدة الاطارية عام 1992 بشان تغير المناخ كخطوة اولي للتصدي لمشكلة المناخ، وتمتعت بعضوية عالمية وصدقت عليها 197 دولة، وكان هدف الاتفاقية هو منع التدخل البشري الخطير في النظام المناخي .

وبدأت البلدان تشجع قضية تغير المناخ، وبعد سنتين تم اعتماد بروتوكول كيوتو وقانونيا يلزم بروتوكول كيوتو الاطراف من البلدان المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات .

وبدأت فترة الالتزام الاولى للبروتوكول عام 2008 وانتهت عام 2012 وبدأت فترة الالتزام الثانية في 1/يناير /2013 وانتهت في 2020 ويوجد الان 197 طرفا في الاتفاقية و192 طرفا في بروتوكول كيوتو . وتواصلت الاطراف في المؤتمر ال 21 للأطراف في باريس عام 2015 الى اتفاقية الامم المتحدة الاطارية الى اتفاقية تاريخية لمكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الاجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون وتبنت 197 دولة هذا الدور في اتفاق باريس.

 الجهود الدولية الممهدة لاتفاقية باريس للتغير المناخي .

بعد الاعتراف الدولي بفشل الالتزام ببرتوكول كيوتو اصبح من الواجب انشاء اتفاقية ملزمة لجميع الدول ولكن لم يكن اي من الاطراف في الاتفاقية الاطارية بشان تغير المناخ يعرف ما هية الاتفاقية التي يمكن ان تتمثل لها جميع الدول برغبتها لذلك كانت السنين الخمس الاخيرة قبل ٢٠١٥ تقترح في كل مؤتمر امر جديد يساهم في بناءً الهيكل القانوني المتكامل للنص الملزم حيث كانت مؤتمرات دولية المنشأة لاتفاقية باريس للمناخ منها (مؤتمر كوبنهاجن، مؤتمر كانكون، مؤتمر ديربان ،مؤتمر الدوحة، مؤتمر وارسو، مؤتمر ليما).

  اهم القضايا الواردة في اتفاقية باريس :

اولا : انبعاثات الغازات الدفيئة .

طالبت العديد من الدول بوضع هدف طويل الاجل يسعى الى تقليل درجتين مئوية من درجات الحرارة الأرض لتفعيل هدف الاتفاقية الاطارية. واعترضت على هذا العديد من الدول الجزرية الصغيرة والبلدان الاقل نموا بسبب ان الدرجتين ستكون غير كافية لحمايتهم من الاثار المناخية الحالية والقريبة الحدوث.

وبناء على ذلك قامت اتفاقية باريس بالتشديد والتركيز على اعمال التخفيف في المادة ٤ حيث ركزت على ضرورة العمل على تحقيق وقف عالمي لارتفاع أنبعاثات الغازات الدفيئة في اقرب وقت ممكن وفقا لافضل المعارف العلمية المتاحة من اجل تحقيق التوازن بين الانبعاثات البشرية المنشأ وعمليات ازالتها بواسطة بواليع في النصف الثاني من القرن الحالي مسلمة بذلك بان الدول النامية ستطلب وقتا اطول في تخفيف الانبعاثات في المفاوضات التي ادت الى اتفاق باريس ناقش الاطراف افضل السبل لتفعيل الهدف طويل الاجل من خلال هدف نوعي للحد من الانبعاثات اي بمعنى تخفيض نسبة كثافة Co2 بالنسبة للسنة الاساس التي تعتمدها الدول وبهذا نكون قد حققنا نسبة تخفيض اعلى بكثير من مجرد التخفيض الكمي للكاربون .

ثانيا: التكيف في مواجهة الاثار السلبية للتغير المناخي.

التكيف هو اتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة للتاقلم مع التغير المناخي، وتختلف هذه الاجراءات من بلد الى اخر حسب موقعها الجغرافي ودرجة تأثيرها بالتغييرات السلبية للمناخ وحسب قدراتها المالية ومن هذه الاجراءات على سبيل المثال هي بناء دفاعات الفيضانات وانشاء نظم الانذار المبكر للأعاصير والتحول الزراعة المحاصيل المقاومة للجفاف … الخ.

ويتضمن اتفاق باريس العمل على التكيف لغرض تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ في سياق التنمية المستدامة والجهود المبذولة للقضاء على الفقر.بالرغم من ان انشاء هدف التكيف العالمي واجه صعوبات كثيرة حيث كان مصدر خلافا كبيرا بين دول الاطراف في الاتفاقية الاطارية بشأن تغير المناخ. ولكن في نهاية المطاف استطاعت اتفاقية باريس من التوصل الى حل يرضي جميع الاطراف وادرجت التكيف في المادة السابعة منها ولكنها لم تشير آلى التزامات محددة ومباشرة للدول الاطراف سواء اكانت اطرافا متقدمة ام نامية.

 

ثالثًا: التمويل.

منذ عام ١٩٩٢ تم انشاء مجموعة من الالتزامات التي تقع على عاتق اطراف المرفق الاول في تمويل المناخ، فكانت الاتفاقية الاطارية بشان تغير المناخ نقطة بداية لقانون التمويل المناخي الذي يتمثل بمجموعة من القواعد التي تلزم اقلية من الدول على مساعدة اطراف المرفق الثاني في التصدي لمشاكل تغير المناخ.

ثم ذكرت اتفاقية باريس وجوب تقديم المساعدة المالية من قبل الدول المتقدمة الى الدول النامية فيما يتعلق باعمال التخفيف والتكيف ونقل تكنولوجيا وبناء القدرات اضافة ألى التزامات اخرى تفرضها الاتفاقية مع حرص على عدم تحديد من هم الدول المتقدمة وعدم استخدام التمييز الثاني الذي استخدمته الاتفاقية الاطارية وبروتوكول كيوتو بين الاطراف.

رابعا: الشفافية .

يمكن تعريف الشفافية بانها عبارة عن عملية اعداد التقارير ومراجعتها لتعزيز الثقة بين جميع الاطراف في الاتفاقية الذي يساهم ايضا في تعزيز العمل الفردي والجماعي.

ولتحقيق هدف الاتفاقية باريس يتعين على الاطراف تقديم بيانات دقيقة ومتسقة قابلة للمقارنة دوليا عن اتجاهات إنبعاثات الغازات الدفيئة وعلى الجهود المبذولة لتغيير هذه الاتجاهات وايصال المعلومات عن انجع السبل للحد من الانبعاثات والتكيف مع الاثار السلبية لتغير المناخ بواسطة الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.

وهذه المعلومات عبارة عن تفاصيل عن انشطة الدول لتنفيذ الاتفاقية وسياستها تجاه تغير المناخ وتقديم قوائم الجرد الوطنية للغازات الدفيئة.

فاذا كان الدعم المالي دليل التمييز بين الدول الاطراف في الاتفاقية فان سياسة الشفافية التي اتبعتها الاتفاقية تعد دليلًا اكثر دقة على اتباع نهج التمييز.   

نستنتج من ذلك ان تقديم الدعم الزاميا على الدول المتقدمة فقط ولكن جميع الاطراف ان تخضع الاجراءات المشتركة والمبادىء التوجيهية التي تقدمها الاتفاقية.

فهناك عدة انواع من التقارير تم اعتمادها في اتفاقية باريس للمناخ وهي

البلاغات الوطنية - تقارير تقدم كل سنتين - تحديث التقارير كل سنتين.

 خامسًا: الخسائر والاضرار.

لم تستقر الاتفاقية الاطارية لتغير المناخ على تعريف عملي محدد للخسائر والاضرار والتي تنجم بسبب الاثار السلبية للتغير المناخي فقد ذكر بعض المصطلحات فقط دون تعريفها مثل تحمض المحيطات وارتفاع مستوى سطح البحر اضافة الى الخسائر غير الاقتصادية مثل فقدان التراث الثقافي والتهجير. كل هذه الخسائر تكون الدول الفقيرة او محددة الدخل عرضة لها اكثر من الدول الغنية بسبب عدم تمكنهم من اصلاح التلف والتغلب على الضرر بواسطة الامكانيات العلمية والتقنية لعدم توفر التمويل الكافي.

سادسا: احكام اخرى.

نستنتج مما سبق بان الاتفاقية كما تدعم التمييز بين الأطراف بشكل صريح فانها تدعمه بشكل ضمني عن طريق استخدام مصطلحات فضفاضة تسمح بدرجة كبيرة من الحرية في التصرف نظرا لظروف كل بلد على حدة مثلا استخدام مصطلح ( قدر الامكان ) ( اعلى درجة ممكنة ) …. الخ وهي في تغير مستمر بشكل كبير بين الدول.

 نتائج التاريخي  لاتفاقية باريس للتغير المناخي:

بناء على ما سبق نستنتج بان اتفاق الاطراف في الاتفاقية الاطارية للتغير المناخي على انشاء الية قانونية ملزمة للجميع لم يكن بالأمر الهين على الاطلاق كانت هناك مفاوضات مكثفة اثناء عقد المؤتمر فقد تناولت المفاوضات في اطار اتفاقية باريس ثلاث نقاط مهمة وهي مصادر انبعاثات  وتركيزات الغازات الدفيئة ومصارف الغازات الدفيئة والآثار المباشرة لتغير المناخ .

لم يكن اتفاق باريس يسعى لمجرد وضع اطار قانوني ملزم يساعد على حماية المناخ ابتداء من ٢٠٢٠ فصاعدا بل يسعى الى تعزيز اهمية التكيف وتوفير وسائل لدعم جهود التكيف والتخفيف في البلدان النامية بطريقة عادلة لجميع الاطراف.

فقد تم الاتفاق على نتائج اتفاقية باريس في ١٢- كانون الاول ٢٠١٥ وتتكون من عنصرين وهما:

تامين اطار ملزم لاتفاقية باريس لسياسة المناخ بعد عام ٢٠٢٠ : بالرغم من ان الاتفاق هو مرفق الوثيقة المعتمدة ولكنه في الواقع نقطة اساسية ومرجع رئيسي لسياسة المناخ بعد ٢٠٢٠.

خطة عمل مكونة من ١٤٠ قرار للمضي قدما في تحقيق اطار الاتفاقية.

وتهدف اتفاقية باريس الى الحد من زيادة درجات الحرارة العالمية وتحسين قدرات التكيف وتامين التدفق المالي وهذا يشمل ما يلي:

اولا: التكامل والتقدم بالمساهمات الوطنية المعتزم تحقيقها INDCs وتقديم الدعم للبلدان النامية.

ثانيًا: هدف طويل الاجل للتخفيف.

ثالثًا: التكيف مع تغير المناخ والخسائر والاضرار يتضمن اتفاق باريس مجموعة كاملة من قضايا التكيف. حيث ركزت من خلال ثلاث طرق رئيسية لتحقيق التكيف تعزيز قدرات على التكيف وتعزيز المرونة والحد من الضعف بحيث يبدا من المستوى المحلي ثم يمتد تدريجيًا الى المستوى العالمي ويسلط الضوء على الحاجة للتمويل من اجل التكيف والتخفيف.

رابعا: ورد التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات حيث تلزم الدول المتقدمة بتوفير الموارد المالية لكل من التخفيف والتكيف في البلدان النامية.

خامسا : تقييم اطار التعاون والشفافية في المستقبل تم التركيز على التخفيف والدعم المالي والمساهمات الوطنية بشكل كبير في الاتفاقية.

 

المصادر :

  1. مازن عجاج فهد، مواجه الاحتباس الحراري اتفاقية باريس لسنة 2015، جامعة تكريت، دار صفاء للنشر والتوزيع، تكريت، العراق، 2010، ص34.
  2. خالد محمد حسن، اتفاقية باريس لتغير المناخ 2015 ونتائج انسحاب الامريكي منها، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، 2019، ص 10.
  3. حاتم الرفاعي البترول، اثر المناخ على التنمية المستدامة، الطبعة الثانية، النهضة مصر للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2007 ص41.
  4. سلام احمد مدحت، التلوث مشكلة العصر، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد ١٥٢ ،2019، ص ٥٥.
  5. عيسى ابراهيم سليمان، تلوث البيئة اهم قضايا العصر، المشكلة والحل، القاهرة، دار الكتاب الحديث، ط ٢.
  6. عمر مثنى عبدالرزاق، التلوث البيئي، عمان، دار وائل للنشر، ط ١، ٢٠٠٠، ص ٤٥.