المعنويات واهميتها في القوات المسلحة

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2019-04-21 19:31:25

 

قسم الدراسات الامنية ومكافحة الارهاب

الرائد مصطفى غيثان

ماهية الروح المعنوية

        1. المعنويات هي القدرة على متابعة عمل ما سيما الشاق الطويل بتصميم ورغبة فهي نقيض العزوف ولقد قال نابليون ان الحرب تتطلب من القوة المعنوية ما يعادل ثلاثة اضعاف ما تطلبه من القوة المادية، ولقد اجهد النفسانيون انفسهم للوقوف على الوسائل التي يمكن بها رفع الروح المعنوية عند الافراد والوحدات ولقد وضعوا الى ذلك القواعد التالية.
  • دع كل فرد يشعر ان وحدته تحتاج اليه وان عمله فيها مهم .
  • ابن بوضوح ان الوحدات لها وظيفتها الخاصة الضرورية لكسب الحرب .
  • لا تدع عسكرياً واحداً ينسى انه رجل عسكري وان كل عسكري هو رجل محترم .
  • شجع مظاهر الاعتداد والكبرياء فيما تقوم به الوحدة .
  • امنح الثناء والتشجيع بحق عندما يكون ذلك مناسباً .
  • لا تقلل من شان فرد او تحتقره على مشهد او مسمع من الاخرين .
  • قاوم الفراغ ما استطعت ولكن دع السبيل الى الترفيه  ممكناً.
  • احرص على ان يعمل الافراد معاً كلما امكن فان التعاون الجماعي يزيد من الفعالية .
  • اجعل الفرد الذي يعمل في مهمة منعزلة يشعر بانه رجل غير منسي .
  • اجعل كل جندي يعتقد انه ينتمي الى خير وحدة في خير جيش لخير وطن ويعلم ان اسلحته هي الا قوى وان مهماته لا تجارى وان يقدم على القتال بدوافع من فهم للحرب وتقدير لنتائجها وهو يملك روح.
  • العدل في المحاكمة عقاب للمذنبين ودفاع عن المتهمين .
  • الاصلاح بقدر ما يمكن لمسببات الشكوى واظهار العطف بإزاء تلك التي لا يمكن اصلاحها .
  • اتاحة الفرصة للكفاءة والتضحية والشجاعة الفائقة لنيل ما يستحقه من ثناء او مكافاة.

 

        1. (لست اول من تحدث عن الروح المعنوية وسوف لن اكون اخرمن يتحدث عنها فموضوع الروح المعنوية واثرها امر يكاد يلازم كل النشاط الانساني في مختلف اوجهه, ففعالية الانسان وحرصه في اداء واجبه وانجاز اعماله اليومية كل ذلك في الحقيقة مظهر من مظاهر روحه المعنوية وتعبير حي عنها .فالشخص الذي يستلهم فكرة معينة او يقع تحت تأثير ظرف ما من يوحي له بقدسية واهمية استمراره على الانجاز السليم الواعي ,تأتي ثمار اعماله وفيرة ناضجة , فلقد تزود بقوة خفية هي في الواقع القوة التي كانت تقف خلفه وتدفعه الى كل ما أنجزه وتشكل بالنسبة له مقياسا لنبل وشرف العمل الذي يقوم بإنجازه ومتابعته في المستقبل ) ([1])
        2. الروح المعنوية لأي امة من الامم هي في الحقيقة حاصل جمع للروح المعنوية للأفراد ، او بصورة دقيقة للمجموعة الكبيرة او القسم الاكبر من الافراد الذين يبدو الانسجام والتناسق بين تطلعاتهم وطموحاتهم العامة والجزء الاكبر من نشاطاتهم الخاصة والعامة واضحاً . وبطبيعة الحال لا يمكن القول بان كل افراد الامة يشكلون وحدة منسجمة متناسقة تماماً ، لكن الروح المعنوية للامة تشكل في واقع الامر تناسق وانسجام هذا الجزء الاكبر منها ، سواء كانت هذه الطموحات والاتجاهات الاجتماعية والفلسفية ايجابية او في حالة السلب . الاَ ان الروح المعنوية للامة ليست وليدة حالة خاصة او ظرف معين او مرحلة من مراحل حياتها فقط ، وانما هي تتشكل وتتجذر في ضميرها ووجدانها اثر تراكمات تاريخية متتابعة ، سواء اكانت هذه التراكمات جاذبة او دافعة ، ايجابية او سلبية ، فالروح المعنوية وخلاصتها في الحرب هي الشجاعة والاندفاع والاستبسال ، تتأثر في جوانب كثيرة ومهمة بتراث الامة وماضيها ونبل اهدافها وطرق عيشها والضوابط التي تعوَد فيها الافراد ان تحكم نشاطهم الاجتماعي ، ولحاضرها اثر كبير في ذلك ، فهو الذي يشكل جزءًا مهماً منها وهو الذي يعكس صورتها في مرآة الاحداث الهامة والخطيرة التي تتعرض لها اية امة من الامم ، وبالقدر الذي تمتلك فيه هذه الامة ما يكفي من الروح المعنوية فإنها وبالقدر نفسه سوف تمتلك المقدرة على اجتياز المحن والصعاب والملمات والاخطار المحدقة بها ومن العوامل المهمة والرئيسية في ادامة الروح المعنوية والمحافظة عليها ، مدى تماسك الشعب وتطابق اهداف وطموحات القسم الاعظم منه مع الاهداف العامة للدول تتمثل الاستراتيجية التي تستهدفها الدولة التي تحكم وتدير دفة الوسائل والوسائط والمنابع المادية الاخرى المؤدية الى تحقيق الاهداف والطموحات التي يجدها المواطن العادي مقاربة او مطابقة لطموحاته ، وعندما يكون هذان الاتجاهان  متعاكسان او متباعدين في مسيرتهما ، فإننا سوف نلمس في اللحظة الاولى التي ينشب فيها الخطر وتهدد فيها مصالح الدولة والامة بالانهيار، سنلمس بان الروح المعنوية هي المسبب الاكثر اهمية وفاعلية لكل انتكاسة او فشل ، ولا ريب فان اي خسارة او نكسة تبدأ بالروح المعنوية لاحد الطرفين ، ثم تنتهي بانهيار متفاوت لها حسب شدة الظروف الضاغطة ، وشدة تأثير الوسائل التي يوجهها العدو الى معنوياتها . وعندما تتعرض الروح المعنوية للامة وقواها الروحية الى ضربة قاتلة ، فإنها ستنتهي الى التسليم التام للخصم وحلفائه حتى وان لم تكتب نتائج هذا الانهيار والاستسلام في وثائق موقعة ومختومة من قبل طرفي النزاع ، اي حتى في حالة عدم الاقرار بالهزيمة ، فان الواقع سوف يحكم كل تصرفاته واتجاهاته العملية اللاحقة ويظهر فيها وكانه مهزوم بالفعل الى ان يحدث ما يغير ذلك , وللروح والقوى المعنوية اثر بارز في ساحة الحرب والعمليات )) واذا اردنا القضاء على الخصم ، علينا ان نجعل جهدنا يتناسب وقوة مقاومته ، فقوة مقاومته هذه هي محصله عاملين لا ينفصلان عن بعضهما ، وهما : وفرة الامكانات التي يمتلكها ، وقوة ارادته ))([2]) ، ان قوة الارادة هي التي تمثل روحه وقوة المعنوية وهي تمثل نصف ما يملكه العدو من قوة مقاومته التي يتألف نصفها الاخر من الرجال والاموال والاسلحة ، وهو ما سماه كلاوز فتز بالإمكانات ، وعلى ذلك فإننا نستطيع ان نحسم الحرب ضد العدو الذي يعاني من ضعف ووهن في قواه وروحه المعنوية بما يقرب من نصف الامكانات اللازمة لتحقيق هذا النصر عليه , فيما اذا كانت قواه وروحه المعنوية ليست على الصورة التي ذكرناها , الا ان ذلك يعتبر صحيحا من الناحية النظرية اكثر من الناحية العملية , فعندما نبتعد عن التجريد ونتجه الى الواقع فيجب ان نحسب امكانات العملية , فعندما نبتعد عن التجريد ونتجه الى الواقع فيجب ان نحسب امكانات العدو التي يملكها , ثم نعد لها من الامكانات ما يمكن وما يلزم لتحقيق النصر وتدمير امكاناته بغض النظر عن روحه المعنوية , لان الروح المعنوية للعدو لا يمكن ان تقاس وتحسب بدقة , لذا فإنها لا يمكن ان تدخل في حسابات اعداد الخطط القادمة للعمليات , كما وان الروح المعنوية تتفاوت وتتدرج صاعدة وهابطة في مخطط بياني بسير العمليات , فعدد من العمليات الصغيرة والمتتابعة للعدو, والتي قد يحقق فيها نجاحات محدودة, سوف يؤدي الى رفع معنوياته وزيادة في قواه المعنوية لم يكن محسوبا لدينا عند بدء العمليات , او في اية مرحلة لاحقة من مراحل تطورها , لذا فان هدفنا الرئيسي من العمليات يجب ان يستهدف وباستمرار ارادة المقاومة للعدو وتدميرها وشلها , ويجب ان نصر على ادامة هذا المشروع حتى يتم استسلام العدو بالصورة التي تؤمن فيها اهدافنا ومصالحنا المشروعة التي اعلناها سواء قبل اعلان الحرب وشروع العمليات في حالة كوننا البادئين فيها , او خلالها في حالة كون الخصم هوة الذي بدأ بإعلانها .
        3. والروح المعنوية تقاس واقعا في القوات المسلحة وعند بدء الاشتباك وتواصله بين قوات المتخاصمين , تقاس مثلا بالقوة النارية ومفارز الاسلحة التي تستمر في الرمي في حالة الدفاع عند تعرضها لنيران هجوم العدو الساترة , والتي غالبا ما تكون شديدة نظرا للتطور الهائل الذي حصل في تقنية الاسلحة وقابليتها التدميرية الواسعة , وفي الهجوم فان الروح المعنوية تقاس في نسبة الاقدام والاستمرار على التقدم للوصول الى الهدف واحتلاله , فليس كل المدافعين يقاتلون منذ اللحظة التي يبدأ فيها الاشتباك , وليس كل المهاجمين يستمرون في التقدم نحو هدفهم عند بدء اشارة الهجوم ,وقد تعوض الاسلحة المتطورة والنيران المكثفة عن جزء من القوى المعنوية لدى المقاتلين , ولكنها لا تسد النقص كليا او حتى جزئيا في حالات معينة وظروف خاصة , لان للجسم البشري طاقة وقوة من التحمل عندما يتعداهما يفقد المقاومة , وتكون روحه قد سبقته الى الوهن تحت وطأة التأثير المميت , لان الحرب في واقعها هي امتحان العنف , فبالقدر الذي يمتلك فيه الانسان الطاقة على تحمل تأثيرات العنف والعنف المتبادل , بالقدر الذي يكون فيه قادرا على المساهمة الاكثر فعالية في صناعة النصر , وحتى في الحالات التي يكون فيها احد الخصمين يمتلك من القوة المادية اضعاف ما لدى خصمه , فانه بدون ان تستند هذه القوى المعنوية الى قاعدة مادية ملائمة ,فان حصوله على النصر ليس مؤكدا تبعا للمحاكمة الذهنية التي اشرنا اليها اعلاه , ولان القوى المعنوية التي لا تستند على قاعدة مادية ملائمة ومناسبة لتحقيق هدف الحرب قد تحقق انتصارات جزئية , وبما ان الحرب غالبا لا تقتصر على اشتباك او معركة واحدة , بل انها تشتمل ايضا على سلسلة من الاشتباكات , مما قد يتيح لدى الخصم الذي يصاب ببعض الفشل والهزائم في عدد من المعارك , ان يلائم امكاناته وظروف المعركة او المعارك اللاحقة بسلسلة من الاجراءات التي تتيح له التوازن في مرحلة من مراحل الحرب , ثم التفكير بل العمل على قلب هذا التوازن لمصلحته بصورة تامة , ومع ذلك فان هذه التقلبات والضغوط والعنف الذي يوجه ضد فكر الانسان وروحه , ثم ينتهي الى جسمه ويتسرب الى قواه البدنية فيفتتها , إن هذه الضغوط والعنف يستهدف اولا قلب الانسان وصفاء مشاعره ورباطة جأشه,((القلب الإنساني هو نقطة انطلاق كل شيء في الحرب))([3]) هذا القلب الذي يجب ان يتم الاهتمام به وبذل المزيد من العناية من اجل ان يكون قادرا على امتصاص التأثيرات الفسيولوجية التي يولدها عليه العنف الناشئ من الحرب التي تتفجر فيه في كل لحظة من لحظاتها , بل حتى في لحظات الانتظار التي تسبق المعارك , ومما يقصده المارشال دوساكس من قوله المشهور اعلاه هو أن القلب الانساني الذي يرمز الى الروح المعنوية هو الانطلاق الحقيقية التي يبنى عليها كل شيء في الحرب وللروح المعنوية مقومات عديدة ومهمة وهي :
          • القيادة .. الثقة المتبادلة بالقيادة وقدرتها على إرادة الحرب بصورة جيدة واستخدامها السليم للوسائل والامكانات المتيسرة .
          • نوع الحكم .. ديكتاتوري- ديمقراطي الخ...
          • القيم الاجتماعية السائدة .
          • الثقة المتبادلة بين الشعب والدولة .
          • سعة ووفرة الامكانات والوسائل والاسلحة المتيسرة والتي يمكن وضعها في ايدي الرجال على مختلف مستوياتهم
          • التطور الحضاري للامة وماضيها بما يحمل من انحطاط او سمو حضاري .
          • العقيدة التي تحملها الامة ومدى اصالتها وعمق جذورها في عقلها وروحها .
          • مستوى تدريب وتهيئة القوات المسلحة للامة واستعدادها لخوض الحرب .
        4. لذا فإن القوى المعنوية تتشكل من خليط محسوس و آخر يتراكم في لا وعي الامة ووجدانها ومن هذا الخليط ككل يشكل اللون الحقيقي لما تملكه الامة من قوى معنوية ,فعندما يشكل هذا الخليط من عناصر وعوامل يمثل في معظمها من الايجابية ,فإن هذا اللون سيكون زاهيا مشرقا يبعث على الثقة والاطمئنان ,أما عندما تشكل هذا الخليط عناصر وعوامل سلبية متنافرة متناقضة فاقدة لمقومات الاصالة, فإن لون الخليط سيكون قاتما يبعث في النفس الكآبة وفقدان الثقة وعدم المقدرة على إدامة العطاء والصمود والتحدي.- وللروح المعنوية حصة كبيرة في دراسة تاريخ الحرب وتحليلاته ونتائجه, وقد استنبطت دوما كدرس مهم من الدروس التي خرج بها الكثير من كتاب ومتتبعي تاريخ الحروب القديمة منها والحديثة , وغالبا ما كانت تأتي على رأس قائمة الدروس المستنبطة من هذه الدراسات نظرا للتقدير العالي لأهميتها وعمق تأثيرها على نتائج المعركة أو خلال سيرها , ويمكن إيراد أمثلة كثيرة لا حصر لها من تاريخ الحروب على تأثير القوى المعنوية على نتائج المعارك0(( ومن هذه الامثلة معركة بدر الكبرى في صدر الاسلام ومعارك شمال افريقيا في الحرب العالمية الثانية)) ([4]) , حيث كان لانخفاض الروح المعنوية للقوات الايطالية أثر بالغ في خسارة المحور للحرب في ساحة عمليات شمال افريقيا ,ولإرادة وصمود الشعب الفيتنامي في حربه القاسية الشرسة ضد الاحتلال الامريكي الذي استخدم أحدث وسائل التدمير والابادة , ولولا هذه الروح المعنوية والقوى الذاتية التي يتمتع بها الشعب الفيتنامي وإصراره وعناده على الصمود وصبره الطويل , لما استطاع الوقوف أمام اعتى قوى الظلم والتعدي في القرن العشرين وقهرها وإذلالها.
        5. سننقل هذا التعريف المبسط للروح المعنوية (( انها تلك القوى غير المادية في جزئها الاكبر والمادية في المجال الاضيق ، التي تدفع الانسان ومن داخله لأن يتغلب على تأثيرها الخوف الذي تولده الحرب كمصدر رئيسي من مصادر الخطر , وكذلك بالمقابل تمنحه القدرة على إظهار الشجاعة والإقدام والبسالة في ساحات المعارك ))([5]) .إن القوى المعنوية الرئيسية هي القوى التالية .
          • مواهب القائد الحربي .
          • وفضائل الجيش الحربية.
          • وشعوره الوطني .
        6. لذا فإن القوى المعنوية الرئيسية هي قوى غير محسوسة وغير مادية كما أشار الجنرال كلاوز فتز , على ان للقوى المادية تأثيرا ما على القوى المعنوية , كجودة التسليح وصرامة الضبط والتنظيم العسكري وغيرها , وعليه جاء تعريفنا للروح المعنوية مرتكزا على القوى غير المادية في صنع الروح المعنوية , مع اننا لم نغفل تأثيرا القوى المادية عليها .
        7. تستخدم جميع الجيوش في العالم الحرب النفسية لرفع معنويات القطعات بتقديم ما يعزز المقاتل ضد الحرب النفسية التي يشنها العدو مع اتباع طرق لأثارة انتباه الجنود الى فعاليتنا بحيث يمكننا عزل ما يقوم به العدو من حرب نفسية ضد قطعاتنا كما يجب ان تقوم بالتأثير على معنويات العدو والقضاء عليها وبهذا يمكن تحديد اتجاهات الحرب النفسية باتجاهين وهما صيانة مقاتلينا من الحرب النفسية والدعاية التي يقوم بها العدو ضد قطعاتنا والاتجاه الاخر قيامنا بأضعاف معنويات العدو وتحطيم ارادته على القتال وتدمير معنوياته والاستمرار بهذا النهج طيلة فترة الحرب لكي يتم تحقيق النصر الحاسم على العدو ومن المعروف ان المعنويات تتبع علامة طردية مع النجاحات التي تحققها القطعات في القتال فكلما تكون نتائج القتال مع العدو مرضية كلما كانت لها تأثير ايجابي في نفس المقاتل وروحه فالبناء الروحي لدى المقاتل يؤدي الى تحقيق نتائج ايجابية ونجاحات واضحة في ساحة القتال (ومن المعروف ان المعنويات تنمو مع النجاح وتشغل معه خطاً متوازياً تصاعدياً) ([6]).

 

العناصر الرئيسة للمعنويات

        1. المعنويات حالة , ينعكس مستواها العالي ,ايجابياً على الاداء والقدرة على تحقيق المهام في كافة الظروف والمواقف. ويتسبب انخفاض مستوياتها , يضعف استجابة المقاتل نحو العمل والانضباط وهي مسالة يجري الاعداد لها او تكوينها بين المقاتلين منذ السلم , فالتدريب الاساسي يستغرق فترة معينة , وعدد من الساعات تنتقل بعدها الوحدات الى حالة صلة بالتدريب الفني او الاختصاصي ثم التدريب الاجمالي وهكذا تنتهي الوحدات من برامجها سنوياً اما في حالة المعنويات فاجراءات التعامل معها , تتكون من العديد من العناصر وتتاثر بالعديد من المتغيرات ذات الصلة بجوانب الخدمة العسكرية خاصة في حالة الحرب التي تعد فيها عوامل التفوق في حسابات التوازن مع الاعداء على طول خط الصراع معهم , وهي مسالة لا يقتصر تاثيرها على صفحة معينة من صفحات القتال ولا على نتيجة محدودة , فقد يحتاجها المنتصرون لتعزيز انتصاراتهم وتوسيع مديات تأثيرها , ويلجا اليها الخاسرون لتجاوز خسارتهم في ظروف صعبة وان عناصر المعنويات هي
  • دوافع الافراد وانفعالاتهم .
  • الوجود الجماعي ( العقل الجمعي).
  • طبيعة القيادة.
  • متغيرات البيئة المحيطة.

 المعنويات وعلم النفس العسكري

        1. ان المعنويات كحالة نفسية احتلت اهمية كبيرة لدى القادة العسكريين والمفكرين والاستراتيجيين والاخصائيين النفسيين دورها الفاعل في الاندفاع وتحسين مستوى الاداء ومن ثم تحديد نتيجة المعارك الدائرة في شتى الظروف والمواقف , يقول داروين ان المعنويات اتجاه قوامه الثقة , والمثابرة في العمل والتماسك بين الجماعة . ويقول فولور انها حالة معنية من الراحة البدنية والعاطفة , تسمح للفرد بالآمل في الحياة والعمل بطريقة سليمة مع اشتراكه في الاهداف الرئيسة للجماعات التي يكونها , والرغبة في القيام بأعماله , بنشاط وحماس ولحكمة بنفسه . اما ( نيو كومب ) فيقول انها حالة من التماسك تسود الجماعة وان هناك علاقة دائرية بين الروح المعنوية من ناحية وبين التواصل والمشاركة من ناحية وبين التواصل والمعايير والاتجاهات والشعور بالرضا عند اعضاء الجماعة من ناحية اخرى , كذلك التميز بشعور الحب المتبادل بين اعضاء الجماعة كشرط في شروط الروح المعنوية . انتشر مصطلح المعنويات بشكل كبير وثم تداوله بشكل واسع خلال القرن الاخير من الزمن نتيجة الى.
          • التطور الحاصل في مجالات المعرفة الانسانية بشكل عام , والنفسية على وجه الخصوص .
          • كثرة الحروب التي وحد فيها القادة العسكريون ان اداء منتسبيهم يختلف من حالة الى اخرى , اختلافا لم يكن بسبب السلاح والعتاد والشؤون الادارية , وغيرها من العوامل مادية , بل ولأسباب نفسية تلعب فيها او مستوياتها الدور الاساسي , وهو تداول شمل كل

مجالات الحياة ومنها:

اولاً . الصناعة . بكل مجالاتها واصنافها وفروعها التي يتأثر الانتاج فيها سلياً او ايجابياً بالوضع النفسي المعنوي العاملين ومدى رضاهم عن عملهم واندفاعهم في تأديته .

ثانياً . الادارة . اذ تسهل اساليب التفاعل الصحيحة مع العاملين والعلاقات العامة فيما بينها والاخرين.

ثالثاً. الصحة . التي يشعر بتحقيقها الانسان بالسعادة والارتياح والرغبة في العمل بجد واندفاع التي تسهل جميعها سبل الحياة وديمومتها وتوجد الامل في مستقبل احسن .

رابعاً. القوات المسلحة . التي تزيد احساس قادتها اثر المعنويات في المعارك التي تدور رحاها في ساحات القتال التي يتحمل فيها المنتسبون ضغوط بدنية وهي

  1. الاجهاد حد الاعياء .
  2. السهر حد الفقدان النسبي للقدرة على السيطرة .
  3. الجوع والعطش وغيرها او التي يتحملوا فيها الضغوط النفسية مثل:

(أ) الخوف من المجهول .

(ب) القلق من احتمالات الموت والاصابة .

(ج) الشد والتوتر من انتظار الحدث المؤلم .

(د) مشاعر العزلة عن الموقف الموجودين فيه .

(هـ) الرفق الداخلي للقتل .

(و) العمل بخلاف المبادئ والآراء والاتجاهات.

        1. ان وجهة النظر العسكرية للمعنويات استمرت بالاختلاف والتشعب بين العسكريين لتمد احياناً الى المختصين في العلوم الداعمة لفعلهم مثل ,علم النفس العسكري لتؤكد عدم الاتفاق على تعريف محدد او مفهوم معين للمعنويات ومع ذلك يمكن الاخذ منها جميعاً لتحديد المفهوم الامري الى الا واقع وهو انها اي المعنويات في الميدان العسكري , هي تعبير عن الحالة النفسية التي يشترك بها منتسبوا الوحدة , في الزمان والمكان المحددين والتي تتكون في حالتها الايجابية من الاتي.
  • مشاعر الرضا عن النفس والظروف التي يعيشونها .
  • الثقة بالنفس وبالذات الجماعية وبالقدرات على الاداء تحت ضغط المصاعب .
  • الميل لانجاز ما مطلوب من مهام وواجبات .
  • الاستعداد لتنفيذ الاوامر الصادرة في كافة الظروف ,والمواقف .وعلى اساس ما ورد اعلاه يمكن تعريف المعنويات على انها الحالة النفسية ( المشاعر ) التي يشترك بها منتسبو الوحدة (الجماعة) في الزمان والمكان المحددين , التي تعبر عن قدرة من الرضا والارتياح والتفاعل , الاجتماعي يؤثر ايجابياً على ,والدافعية في تنفيذ المهام المطلوبة .

عوامل التأثير على المعنويات في الحرب

        1. الحرب من وجهتي النظر المادية , والنفسية , وكذلك من زاويتي المكان والزمان , هي حالة صراع , او الجانب المسلح للصراع , الذي تختلف فيها الاحداث عن تلك التي تحصل في حالات التهديد بالحرب , او اثناء الاستقرار , وتتغير خلالها سياقات العمل العسكري , في مسائل مثل .
  • الضبط , والسيطرة . حيث الحاجة الى انضباط عال المستوى , وسيطرة اوثق.
  • الادارة. حيث الضرورة لوجود ادارة اشد حزماً , واكثر دقة.
  • الدعم المعنوي. الذي يقتضي جهد مضاعف , للمحافظة على معنويات اعلى وثقة بالنفس اكبر , وتقبل للآخرين اوسع , عن تلك الموجودة او السائدة او المعمول بها , في ظروف السلام , وتتنوع اثنائها اي الحرب.

التوعية السياسية المعنوية للشعب

        1. لقد اتفقت اراء جميع المنظرين العسكريين على ان النصر يتوقف على العامل المعنوي اكثر من العوامل الاخرى والقوى المعنوية هي التي تعبر عن قدرة الدولة (شعبها وقواتها المسلحة) على تحمل ويلات الحرب والصمود امام اي جهد مادي ومعنوي قاس خلال فترة الحرب . ومن الواضح انه لا يمكن تحقيق الروح المعنوية العالية للقوات المسلحة مالم تكن الحالة المعنوية للشعب مرتفعة, ونابعة اساسا من اعداده السياسي- المعنوي ,وخاصة في ظروف الحرب المعاصرة ومنها الحرب التي يخوضها العراق ضد تنظيم القاعدة الارهابي وتنظيمات داعش التكفيرية والعامل السياسي المعنوي هو مجموعة العناصر التي تمثل قدرة الشعب وقواته المسلحة على تحمل ظروف الحرب, وقدرة الدولة على التامين المادي والسياسي للمحافظة على الروح المعنوية العالية للشعب وقواته المسلحة , بما يحقق الصمود المعنوي والمادي في اثناء الصراع وان عناصر الاعداد السياسي والمعنوي تنحصر في المهام التالية.
          • غرس الروح الوطنية وتعميقها في الشعب وحب الوطن.
          • اقناع الشعب بأهمية النصر وحتميته في الحرب, وبعدالة القضية التي سيقاتل من اجلها.
          • غرس ثقة الشعب بقواته المسلحة ووقوفه وراءها.
          • غرس كراهية العدو في نفوس المواطنين وافراد القوات المسلحة. ويتم تحقيق هذه المهام بتعبئة مختلف الطاقات الاعلامية والسياسية في الدولة واجهزتها,مع مراعات الصدق والوضوح,حتى تعطي التوعية ثمارها,وحتى يحقق التوجيه الهدف المطلوب. 
        2. وعليه نجد مما تقدم ان الضبط يلعب دورا فعالا في بناء المعنويات حيث اثار موضوع المعنويات اهتمام الكثير من علماء النفس والاخصائيين وكذلك القادة العسكريين لتأثير مستوياتها على الاداء والصحة النفسية في ظروف القتال وخارجها من جهة وطبيعتها غير الثابتة وتداخلها مع متغيرات اخرى من جهة ثانية. ان المعنويات موضوع متداخل مع غيره من مواضيع وحالة نفسية تؤثر في كثير من مناحي السلوك وتتأثر كذلك بالكثير من العوامل ذات الصلة بالسلوك.

 

 

([1])الفريق الركن حامد سالم الزيادي- البناء المعنوي للقوات المسلحة- الطبعة الثانية 2010

 

(([2]الوجيز في الحرب –الجنرال كلاوز فتز.

([3]) الذكاء والقيم المعنوية في الحرب-الجنرال جان بيرية.

([4]) حرب افريقيا الشمالية 1940-1943 العميد الركن شكري محمود نديم وردت المعنويات كدرس من الدروس المستحصلة خمس مرات بعد 6 معارك كبيرة ومشهورة من معارك شمال افريقيا وهي معركة سيدي براني- تعرض رومل الاول، هجوم رومل الثاني، معركة الغزالية ،معركة علم الحلفاء.

([5])الوجيز في الحرب –الجنرال كلاوزفتز.

([6]) العقيد شارل شانديسي-علم النفس في القوات المسلحة.