إستراتيجية بناء السلام في العراق مرحلة ما بعد الانتصار على داعش

التصنيف: مقالات

تاريخ النشر: 2019-04-21 19:27:38

د. حيدر سامي /قسم الدراسات الامنية ومكافحة الارهاب

باتت إستراتيجية بناء السلام وتحقيق التعايش السلمي بين فئات المجتمع في مرحلة ما بعد تحقيق الانتصار على داعش واحدة من ابرز التحديات التي تواجه العراق (حكومةً وشعباً)، ومرد ذلك أن بناء السلام يتطلب تحقيق تغيرات جذرية في سلوك وأفكار الأطراف المتنازعة تدفعهم لتحقيق التعايش السلمي فيما بينهم، فضلاً عن أن مفهوم بناء السلام قد تطور ولم يعد قائماً على وقف النزاعات، بل أصبح يشمل إيجاد بيئة صالحة وفق إستراتيجية عمل تقوم بها الفواعل المحلية لإنعاش المجتمع من خلال إعادة تأهيل البنى التحتية واستعادة المؤسسات التي حطمتها الحروب، وبناء علاقات سلمية تقوم على أساس العدل والمساواة بين الإطراف المتصارعة. لذا فأن عملية بناء السلام في العراق مهمة صعبة ومعقدة بسبب الدمار الذي خلفته الحرب ضد داعش، لكنها غير مستحيلة وقابلة للتحقق إذ ما تضافرت جهود كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، كل في مجال تخصصها من أجل تقديم مجموعة واسعة من الأنشطة التي تسهم في بناء وتعزيز السلام والأمن في العراق، تبدأ في الوقوف على الأسباب التي أدت إلى احتلال داعش للأراضي العراقية ومعالجتها وإحالة المقصرين للقضاء، وفرض الأمن والاستقرار في المناطق المحررة من خلال تعزيز القدرات العسكرية والأمنية وتحقيق التوافق السياسي وتطوير القدرات الاقتصادية، مع توفير الدعم الحكومي والتسهيلات الإدارية والقانونية لاستقطاب الشركات الدولية، من اجل إعادة تأهيل البنى التحتية للمناطق المحررة واستيعاب العمالة ومعالجة الفقر والبطالة و مراعاة الرقابة ومكافحة الفساد. مع ضرورة تنسيق وزارة الخارجية العراقية مع المنظمات الإقليمية والدولية من اجل دعم العراق لتحقيق الأنشطة المذكورة أعلاه ، لاسيما منظمة الأمم المتحدة كونها المنظمة الأولى والمسؤولة على حفظ السلم والأمن الدوليين في العالم، ومن ثم العمل على إعادة العوائل النازحة إلى مناطق سكناهم بعد أجراء تدقيق إمني لهم من خلال تفعيل دور المختار ومكاتب المعلومات، وإنشاء قاعدة بيانات بالتنسيق مع الدوائر الأمنية، لتشخيص المتورطين ومتابعتهم، ومنع عودة المجاميع الإرهابية عبر حواضنهم الاجتماعية. وبعدها العمل على تعزيز روح المواطنة الصالحة، وإشاعة ثقافة التعايش السلمي بين إفراد المجتمع، من خلال تفعيل مفهوم الشراكة الأمنية بين المواطن ورجل الأمن، فضلاً عن وضع برامج إعلامية وتوعوية وإيصالها عبر إقامة الندوات المتخصصة، ووسائل التواص الاجتماعي والقنوات الفضائية، ويبقى الاهم في كل هذه الخطوات أعلاه يجب أن تكون لدينا قيادة سياسية حقيقية تأخذ على عاتقها تحقيق هذه الخطوات وترجمتها إلى أرض الواقع.